توسعت مساحات الأراضي المزروعة بمحصول القمح في مناطق ريفي حلب الشمالي والشرقي خلال الموسم الزراعي 2023/2022، مقارنةً بالمواسم الزراعية الماضية التي لجأ فيها المزارعون إلى زراعة محاصيل الحبوب العطرية والبقوليات، ما تسبب بانخفاض مساحة الأراضي المزروعة بالقمح، وسط تدني إنتاج الأراضي الزراعية متأثرة بالظروف الجوية.
توسع زراعة القمح وتحسن الإنتاج
أسهم ارتفاع أسعار القمح خلال الموسم الزراعي الفائت، نتيجة العديد من العوامل السياسية والاقتصادية التي عاشها العالم بعد الحرب الروسية – الأوكرانية، في ازدياد انتشار زراعة القمح في الشمال السوري، ما أدى إلى توسع المساحات الزراعية المزروعة بالمحصول الاستراتيجي.
وبلغت مساحة الأراضي المزروعة بمحصول القمح في منطقتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون" بريفي حلب الشمالي والشرقي للعام الزراعي الحالي، نحو 19 ألفاً و94 هكتاراً بعلياً، بينما بلغت مساحة الأراضي المروية 18 ألفاً و338 هكتاراً، بينما بلغت مساحة الأراضي المزروعة بمحصول القمح في منطقتي نبع السلام، بريف محافظتي الرقة والحسكة، 23 ألفَ هكتار مروي، و19 ألف هكتار بعلي، وفق ما أوضح مدير زراعة حلب في وزارة الزراعة التابعة للحكومة السورية المؤقتة.
وقال الحسن في حديث مع موقع "تلفزيون سوريا" إن "مساحة الأراضي الزراعية المزروعة بالقمح في الشمال السوري ارتفعت مقارنة مع الموسم الزراعي الماضي، نتيجة التشجيع وحرص وزارة الزراعة على تقديم الدعم للفلاحين لزراعة القمح".
وأضاف أنه "بلغت المساحات المزروعة التي وصلت إلى مرحلة الحصاد خلال العام الماضي في منطقتي درع الفرات وغصن الزيتون، 24 ألفاً و400 هكتار، بينما في منطقة نبع السلام بلغت المساحة المزروعة نحو 20 ألفاً و900 هكتار".
وأشار إلى أن ازدياد المساحات الزراعية سينعكس على كمية الإنتاج، حيث يقدر إنتاج مناطق "درع الفرات" و"غصن الزيتون" نحو 103 آلاف و629 طناً، بينما يقدر إنتاج منطقة نبع السلام، نحو 115 ألفاً و500 طن من القمح، بينما بلغ الإنتاج الإجمالي للمناطق الثلاث خلال الموسم الماضي، نحو 116ألفاً و849 طناً.
ويقدر احتياج منطقتا درع الفرات بــ 125 ألف طن من القمح، ومنطقة غصن الزيتون بـ 60 ألف طن من القمح، والإجمالي 185 ألف طن من القمح، فيما يقدر احتياج المنطقتين للدقيق (الطحين) بنحو 150 ألف طن.
مشاريع لدعم المزارعين
نفذت مديرية زراعة حلب خلال الموسم الزراعي 2022 / 2023، مشروعاً لدعم المزارعين لإنتاج محاصيل القمح، ممولاً من صندوق الائتمان لإعادة إعمار سوريا SRTF، بهدف زراعة 4 آلاف هكتار من القمح المروي، في منطقتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون"، حيث وزعت المديرية ألف طن من بذار القمح المغربل والمعقم من إنتاج المؤسسة العامة لإكثار البذار و800 طن سماد مركب على مزارعي القمح.
وأوضح الحسن، أن كل مزارع يحصل على دعم مخصص لزراعة 2 هكتار من القمح المروي، واستفاد من المشروع نحو ألفي مزارع، بينما يستفيد من المشروع نحو 10 آلاف شخص من أسر المزارعين والسكان المحليين، ويتم في اعزاز ومارع وصوران وأخترين، والباب وقباسين.
بدوره طه الشيخ يوسف، مدير مؤسسة إكثار البذار، قال لموقع "تلفزيون سوريا" إن "المؤسسة أشرفت على المزارعين من خلال الجولات الميدانية للحفاظ على نقاوة أصناف القمح المحلية"، مشيراً إلى أن إنتاجية القمح لهذا العام ستكون أفضل من العام الماضي، نظراً للظروف المناخية خلال مراحل النضج، وهطول المطر خلال نيسان كان كفيلاً في تحسن الإنتاج، على الرغم من أن معدل الهطل المطري أقل من العام الماضي.
وتعمل مديرية الزراعة على رفع إنتاجية وحدة المساحة من القمح، وزيادة هامش الربح للمزارعين مما يدعم استقرارهم واستمرارهم، وزيادة مساحات القمح المزروعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، ودعم الحفاظ على الأصناف المحلية بالتنسيق مع مؤسسة إكثار البذار، والارتقاء بالمستوى العلمي والتقني للمزارعين بغية تحسين الإنتاج كماً ونوعاً.
المؤقتة.. تحدد سعر طن القمح
حددت وزارة المالية والاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة، أسعار مادة القمح في مناطق إدارتها "غصن الزيتون" و"درع الفرات" في ريفي حلب الشمالي والشرقي ومنطقة "نبع السلام" في ريف محافظتي الرقة والحسكة شمال شرقي البلاد.
وذكرت الوزارة في بيان أصدرته الثلاثاء، أن سعر القمح القاسي 330 دولارا أميركيا للطن الواحد الصافي من الدرجة الأولى، في حين أصبح سعر القمح الطري 285 دولارا للطن الواحد الصافي من الدرجة الأولى، وينخفض السعر تبعاً لجودة المحصول.
وتشتري المؤسسة العامة للحبوب محصول القمح من المزارعين في عدة مراكز وهي: اعزاز، ومارع، وعين البيضا، الأتارب، وبزاعة، وتل أبيض، ورأس العين بناءً على الأسعار المحددة في القرار رقم 54 لعام 2023، بينما عملية تسديد القيمة المادية للمزارعين ستكون خلال يومين، بحسب ما أوضح حسان المحمد مدير المؤسسة العامة للحبوب في الحكومة السورية المؤقتة.
وقال خلال حديثه لموقع "تلفزيون سوريا" إن "وزارة الزراعة كلفت لجاناً مختصة لدراسة الكلفة الإنتاجية لطن القمح، من فترة الزراعة وصولاً إلى الحصاد، وبناءً على ذلك حددت اللجنة السعر مع ترك هامش ربح إلى جانب تكاليف الإنتاج، وذلك مع مراعاة انعكاس الأسعار على مادتي الخبز والطحين".
وأضاف أن "الدراسة تمت بأخذ عينة متوسطة تراعي الجميع، وقد لا تناسب بعض المزارعين بسبب التكاليف الإضافية مثل إيجار الأرض، ومصاريف الري، وانخفاض إنتاجية المحصول، والذي قد يسببه نوع التربة ونسبة الهطول المطري السنوي في المنطقة المزروعة".
الأسعار لا تغطي تكاليف الإنتاج
استنكر بعض المزارعين في مناطق ريفي حلب الشمالي والشرقي، أسعار القمح التي حددتها الحكومة السورية المؤقتة لهذا العام، كونها لا تغطي تكاليف الإنتاج التي وضعوها خلال الدورة الزراعية للموسم الحالي.
وقال مصطفى حج محمد الذي يملك أرضاً زراعية بالقرب من بلدة دابق بريف حلب الشمالي خلال حديثه لموقع "تلفزيون سوريا" إن "سعر طن القمح الذي حددته المؤقتة لا يغطي تكاليف الزراعة، والدراسة التي عملت عليها وزارة الزراعة بخصوص تغطية تكاليف الإنتاج لا تشمل المزارعين الذين يدفعون إيجاراً يتراوح بين 40 و60 دولارا أميركيا للدونم الواحد، إلى جانب تكاليف الري".
وأضاف أن "التكلفة الإجمالية لإنتاج طن القمح تصل إلى 400 دولار أميركي، تشمل إيجار الأرض الزراعية وتكاليف الري إضافة إلى الأسمدة ومبيدات الأعشاب ومبيدات الحشرات، و330 دولارا أميركيا للطن الواحد من النوع الأول، تعد خسارة للمزارع"، موضحاً أن السعر الحالي لمادة القمح سيمنع المزارعين من بيعها للمؤسسة العامة للحبوب، بسبب انخفاض السعر، وستكون تكاليف النقل إضافية ما يدفعهم إلى بيعها في السوق السوداء للتجار.
ويواجه المزارعون في منطقة ريفي حلب الشمالي والشرقي، جملةً من التحديات في ظل شح الهطولات المطرية، نتيجة انخفاض منسوب المياه الجوفية، نتيجة الحفر العشوائي والجائر للآبار بحثاً عن المياه، مما أدى إلى انزياح المياه، فضلاً عن ارتفاع تكاليف المعدات التشغيلية للزراعة كالمحروقات، والأسمدة والبذار.