icon
التغطية الحية

المخزون الاحتياطي يُستنزف.. مفاوضات لتفادي أزمة محروقات محتملة شمالي حلب

2023.09.14 | 04:06 دمشق

محروقات
مفاوضات لتفادي أزمة محروقات محتملة شمالي حلب (تلفزيون سوريا)
ريف حلب- خاص
+A
حجم الخط
-A

حذّر مالكو الحراقات البدائية لتكرير النفط في ريف حلب الشمالي من أزمة محروقات محتملة قد تتعرض لها مناطق سيطرة المعارضة السورية قريباً، إذ يتم استنزاف كميات النفط الاحتياطية لتزويد الأسواق بمادة "المازوت"، وسط مخاوف من نفاد الكميات بسبب إغلاق معبري "الحمران" و"الجطل" أمام حركة صهاريج الفيول قبل أسبوع.

المعبران المذكوران يقعان شرقي حلب، على الخط الفاصل بين مناطق سيطرة الجيش الوطني وقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، ومنهما تدخل صهاريج النفط قادمة من مناطق الأخيرة باتجاه حراقات النفط البدائية ضمن نفوذ الجيش الوطني، لتكريره وتصدير المازوت للأسواق.

لماذا توقف توريد النفط؟

قال مصدر في الجيش الوطني السوري، إن توريد النفط من مناطق سيطرة "قسد" إلى شمال غربي سوريا توقف بدايةً بسبب اندلاع مواجهات في محيط مدينة منبج بين قوات العشائر المتواجدة ضمن مناطق الجيش الوطني من جهة، وقوات "قسد" من جهة أخرى.

وأضاف المصدر في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، أن كميات من النفط دخلت بعد ذلك، إلا أن "قسد" اتخذت قراراً بإيقاف دخول النفط إلى مناطق الجيش الوطني عن طريق معبر "الجطل"، وحصره بمعبر الحمران فقط.

ويُدار معبر الجطل الواقع بريف مدينة جرابلس من قِبل الحكومة السورية المؤقتة وتسيطر عليه بشكل مباشر فرقة السلطان مراد في الجيش الوطني، بينما يُدار معبر الحمران شكلياً من الحكومة المؤقتة، وفعلياً من قبل "أحرار الشام- القطاع الشرقي" المدعوم من "هيئة تحرير الشام".

وأوضح المصدر أن وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة اعترضت على قرار "قسد" بتوقيف توريد النفط عبر معبر الجطل ورفع سواتر ترابية بالقرب منه، وعلى إثر ذلك اشترطت إغلاق كافة المعابر مع مناطق سيطرة قسد دون استثناء، أو فتحها جميعها، بالتالي عدم حصر دخول صهاريج الفيول بمعبر الحمران.

على إثر ذلك، توقف دخول النفط الخام إلى مناطق الجيش الوطني منذ أسبوع، في حين تجري الأطراف المعنية مفاوضات فيما بينها للتوصل لحلول من شأنها استئناف دخول الصهاريج خلال الأيام القادمة، خاصة أن "قسد" تستفيد من المعابر بإدخال المواد الغذائية وغيرها إلى مناطق نفوذها.

وألمح المصدر إلى إمكانية وجود تنسيق بين "هيئة تحرير الشام" و"قسد" وراء إصرار الأخيرة على عدم تزويد المنطقة بالنفط من خلال معبر الجطل، وحصر بالأمر بـ الحمران الخاضع بشكل غير مباشر لسيطرة الهيئة، مما يدر عليها مزيداً من الأرباح.

استنزاف المخزون الاحتياطي

قال "أبو علاء" أحد مالكي حراقات النفط في بلدة ترحين، إن المخزون الاحتياطي من النفط يُستنزف حالياً، حيث استمرت عملية تكريره لعدم حرمان الأسواق من المازوت، مع الاستفادة من كميات النفط التي أدخلتها الصهاريج قبل اندلاع الاشتباكات الأخيرة شرقي حلب.

وأضاف "أبو علاء" في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، أنهم لا يعرفون السبب الحقيقي وراء توقف دخول النفط من مناطق سيطرة "قسد"، مؤكداً أن هناك بوادر أزمة محروقات قد تشهدها المنطقة في حال لم تدخل كميات جديدة من النفط.

بدوره، قال المتحدث باسم الجيش الوطني السوري العميد أيمن شرارة، في اتصال مع موقع تلفزيون سوريا: "الحقيقة أننا لسنا نحن من يجب أن يُسأل عن هذه المشكلة الناجمة عن القرارات التي اتخذتها (قسد)، ومع ذلك، لدينا بالتأكيد بعض المبادرات لتحقيق الاستقرار في الاستهلاك بمنطقتنا بشكل يلبي متطلبات الناس، وهذا لا يعني أن هناك مفاوضات مع ميليشيات قسد المجرمة بخصوص المعابر في الوقت الراهن"، دون توضيح طبيعة هذه المبادرات.

وأردف شرارة: "نحن ضد استخدام الاحتياجات الإنسانية كسلاح سياسي وعسكري أو أداة للابتزاز. نأمل أن يتم حل هذه المشكلة قريباً، نحن نتخذ إجراءات معينة لأسباب أمنية، بينما تحاول ميليشيا قسد التدخل في الوضع بمنطقتنا بقرارات أحادية، ولا يمكن وصف هذا الموقف بأنه أخلاقي"، وفق قوله.

الاحتكار سبب آخر للأزمة

من جهته قال "سامر" (اسم مستعار لمالك حراقة نقط في ترحين)، إن أزمة المحروقات في حال حصلت، سيكون من أسبابها الرئيسية احتكار توريد النفط للأسواق، من قبل شركة "الأنوار" التابعة بشكل غير مباشر لـ "هيئة تحرير الشام" و"أحرار الشام- القطاع الشرقي".

وبحسب سامر، فإن الشركة المذكورة تحصر شراء المازوت من أصحاب الحراقات بعد تكريره، بنفسها فقط، كما أنها تمنع التجار من الدخول إلى الحراقات أو التعامل بشكل مباشر مع أصحابها، ومن يخالف يتعرض لضريبة قدرها 10 دولارات على كل برميل مازوت يُضبط لديه.

وتابع بالقول: "ضيّقت علينا شركة الأنوار بشكل كبير، حيث تحاول تكرار تجربة شركة وتد سابقاً في إدلب، ضمن مناطق الجيش الوطني شمالي حلب على مراحل، وسط عجز وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة وكافة فصائل الجيش الوطني عن وضع حد لهذه الشركة".

وأردف: "تحصر الشركة البيع عبر مقرها في منطقة الحدث بريف مدينة الباب، وتخطط مستقبلاً لإنشاء فروع في مدن وبلدات الشمال السوري، ونرى أن الأسعار متجهة للارتفاع، حيث غابت المنافسة بسبب هيئة تحرير الشام التي تسعى لتوحيد أسعار المازوت بين منطقتي إدلب وريف حلب، والمثير للجدل أنها تريد جعل السعر بريف حلب مرتفعاً كما هو في إدلب، وليس العكس، لضمان عدم نقص الأرباح".

أزمة تتبعها انفراجة في "نبع السلام"

مصدر محلي في مدينة تل أبيض بريف الرقة الشمالي، أكّد توقف دخول المحروقات من مناطق "قسد" إلى منطقة "نبع السلام" الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني بشكل نهائي خلال فترة الاشتباكات الأخيرة بين العشائر وقسد.

وذكر المصدر في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، أن المحروقات تدخل عادة من معبر التفاحة بريف سلوك شمالي الرقة، لكن المواجهات الأخيرة أدت إلى توقف توريد المحروقات للمنطقة، على اعتبار أن المعبر يقع على خطوط التماس قرب الطريق الدولي M4.

وشدد على أن توقف توريد المحروقات خلق أزمة كبيرة في منطقة "نبع السلام"، حيث ارتفع سعر برميل المازوت من 85 دولاراً إلى 170 ثم عاد إلى 115 دولاراً مع استئناف دخول المحروقات بشكل تدريجي، ويتوقع عودة الأسعار إلى ما كانت عليه بالتزامن مع زيادة عدد صهاريج المحروقات المستوردة لتعود إلى الكمية الطبيعية.

وعلى إثر الأزمة في المنطقة، ألزمت إدارة معبر تل أبيض الحدودي سيارات الشحن التجارية التركية التي تدخل إلى المنطقة عادة، بالتزود بالمازوت وفق كمية محددة قدرها 110 ليتر، بعدما كان المجال مفتوحاً أمام السيارات للتزود بكميات كبيرة، استغلالاً لرخص ثمن المازوت مقارنة بتركيا.

احتكار وصراع على قطاع المحروقات بريف حلب

يشار إلى أنّ "هيئة تحرير الشام" عملت، خلال الأشهر الأخيرة، على احتكار قطاع المحروقات في مناطق سيطرة الجيش الوطني بريف حلب، وذلك عبر أذرعها المتمثلة بـ "أحرار الشام" وبعض الشخصيات الأمنية والاقتصادية.

كما عملت الهيئة في الآونة الأخيرة على ترسيخ سيطرتها على سوق المحروقات في مناطق نفوذ الجيش الوطني، وذلك بعد أن احتكرت قطاع المحروقات في مناطق نفوذها في محافظة إدلب، وكسبها أرباحاً ضخمة عبر بيع المحروقات في إدلب بأسعار أعلى من مناطق سيطرة الجيش الوطني.

وبعد مواجهات عسكرية ضد الفيلق الثالث قبل أشهر، وضعت "تحرير الشام" يدها على معبر الحمران شرقي حلب بالتعاون مع أذرعها في المنطقة، ويعد المعبر من أبرز المكاسب الاقتصادية للفصائل العسكرية، نظراً لكونه المنفذ الأساسي لدخول البترول من مناطق سيطرة "قسد" إلى مناطق سيطرة المعارضة السورية، عبر عقود كانت توقّع بين الفيلق الثالث، وشركة توريد في مناطق "قسد"، ذلك قبل أن تسيطر أحرار الشام بدعم من هيئة تحرير الشام على المعبر وتحتكر سوق المحروقات.

أما معبر الجطل، فقد افتتح أواخر 2017، في قرية الجطل (الشعيب) التابعة لبلدة الغندورة في منطقة جرابلس شمال شرقي حلب من قبل فرقة السلطان مراد، ويربط بين مناطق سيطرة "قسد" ومناطق سيطرة الجيش الوطني. وكان الهدف من افتتاحه -وفق مصادر مطلعة- هو "المضاربة" على معبر الحمران القريب والذي كانت تسيطر عليه "الجبهة الشامية (الفيلق الثالث)"، والعمل على تحويل عمليات الحركة التجارية -خاصةً صهاريج "الفيول"- وما يترتب عليها من مبالغ مالية كبيرة للمعبر الجديد.

ويتلخص الصراع حالياً بين طرفين، الأول يتمثل بوزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة، التي تسعى لاعتماد معبر الجطل مورداً أساسياً للمحروقات، والثاني يتمثل بـ "هيئة تحرير الشام" و"أحرار الشام- القطاع الشرقي" الذي يضغط بقوة لبقاء معبر الحمران وجهة أساسية لصهاريج الفيول القادمة من مناطق سيطرة "قسد"، وبالتالي احتكار الامتيازات الاقتصادية وسحبها من يد وزارة الدفاع، في حين يعتبر سكان المنطقة أنفسهم الخاسر الأكبر من الصراع الحالي، الذي سيؤدي بنسبة كبيرة لرفع أسعار المحروقات.