اتجهت هيئة تحرير الشام إلى التواصل مع تنظيم "قسد" المسيطر على شمال شرقي سوريا، بهدف تأمين مصالح اقتصادية، ويبدو أن هذه الاتصالات أيضاً أخذت منحىً سياسياً، خاصة في ظل استياء الطرفين من الضغوطات التركية.
وتعمل تحرير الشام منذ مدة على توسيع هامش حركتها في مواجهة تركيا التي كثفت من ضغوطها على الهيئة في شمال حلب من أجل إخراجها من المنطقة بالكامل.
اتفاقيات اقتصادية
أفادت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا أن هيئة تحرير الشام استضافت خلال الأشهر الماضية عدة وفود قادمة من الحسكة، وهم عبارة عن قيادات أمنية في "قسد" بالإضافة إلى تجار متعاونين معها.
وأنجز الطرفان اتفاقاً حول توريد المحروقات، وبموجب الاتفاق تتولى شركة الشمال التي يشرف عليها مالك العبد الموالي لهيئة تحرير الشام تحديد المصافي التي يسلمها التجار الموالون لقسد مادة الفيول، حتى تضمن شركة الشمال أن يلتزم أصحاب مصافي التكرير بتسليم الشركة المازوت بعد تصفيته، وفي حال عدم الالتزام تتولى الشركة التراسل مع قسد من أجل وقف تزويد المصفاة غير الملتزمة بالفيول.
وتسعى تحرير الشام لإقناع قسد بتخصيص منتوجات بعض آبار النفط لصالح الهيئة وبأسعار مخصصة، إلا أن النقاشات بين الجانبين لم تؤد إلى توافق حتى اللحظات.
لقاءات بين هيئة تحرير الشام وقسد لبحث ملفات سياسية واقتصادية في المنطقة
— تلفزيون سوريا (@syr_television) June 12, 2023
تقرير: فايز النعيمي @fayezalshallal#تلفزيون_سوريا pic.twitter.com/tUnDDgtOFW
مباحثات سياسية
وعلم موقع تلفزيون سوريا من مصدر خاص أن النقاشات بين تحرير الشام وقسد امتدت لتشمل الملفات السياسية، حيث زار وفد من العلاقات العامة التابع للهيئة مناطق سيطرة قسد قبل عدة أسابيع، وتحاول الهيئة تحسين علاقاتها مع قسد بهدف إقناع داعميها الدوليين برفع الهيئة من على قوائم الإرهاب.
وطرحت الهيئة الانخراط رسمياً في جهود مكافحة الإرهاب التي تشارك فيها قسد بدعم من التحالف الدولي، واستكمال إنهاء باقي التشكيلات التي تنشط في محافظة إدلب.
وقبيل الزيارة أفرجت الهيئة عن خلية أمنية قبضت عليها في وقت سابق مؤلفة من رجلين وامرأة، وتعمل لصالح قسد، في خطوة تهدف على ما يبدو إلى بناء الثقة.
وتطرقت المباحثات إلى إمكانية تشكيل إدارة مدنية مشتركة بين الطرفين، في حال استطاعت هيئة تحرير الشام السيطرة على مناطق الجيش الوطني السوري، وأشارت قسد إلى أن الولايات المتحدة الأميركية ترحب بتوحيد مناطق شمال شرقي وشمال غربي سوريا.
ويبدو أن قسد تريد توظيف هيئة تحرير الشام ضد تركيا بهدف إقلاقها لحرف أنظارها عن منطقة شمال شرقي سوريا، حيث تحدثت مع تحرير الشام إلى ضرورة العمل المشترك ضد النفوذ التركي وتحريك مظاهرات شعبية والضغط باتجاه الانفتاح بين مناطق قسد وشمال غربي سوريا وفرضه كأمر واقع.
ومن الواضح أن تحرير الشام ما تزال تضع التمدد في شمال حلب هدفاً لها، حرصاً منها على تنويع خياراتها والحفاظ على تنسيق اقتصادي مع قسد، وقد يتم لاحقاً العمل على ترقيتها إلى أمني وسياسي في حال شعرت تحرير الشام بخطر يهدد وجودها.
ومن المتوقع أن تتعرض الهيئة للمزيد من الضغوطات التركية خلال الفترة المقبلة، وأن تكون أنقرة أكثر صرامة تجاه ملاحقة أي نفوذ مخفي للهيئة في شمالي حلب تفادياً لسيناريوهات غير محسوبة.