أصدرت الأمم المتحدة تقريراً، يصف أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان خلال عام 2021، متناولاً أوضاعهم القانونية والمعيشية والاقتصادية والصحية والأمن الغذائي، مؤكدة أن كل 9 من 10 عائلات سورية غير قادرة على تحمل تكاليف السلع الأساسية للعيش في لبنان.
والتقرير الصادر أمس الثلاثاء، نفذ بالتعاون بين المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) وبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة (WFP)، مؤكداً أن وضع اللاجئين السوريين في لبنان مستمر في التدهور.
ولفت التقرير إلى أن الأسر السورية اللاجئة واصلت الاعتماد على استراتيجيات التكيف السلبية للبقاء على قيد الحياة مثل "التسول، واقتراض المال، وعدم إرسال أطفالهم إلى المدرسة، وتقليل النفقات الصحية، أو عدم دفع الإيجار".
وكشف التقرير أنه في عام 2021 تولى مزيد من أفراد الأسرة وظائف ذات رواتب منخفضة أو وظائف عالية الخطورة أو تحولات إضافية لتحقيق نفس الدخل الذي حققته الأسر في عام 2020 مع استمرار اعتمادهم بشدة على المساعدات.
وعمل التقرير على استطلاع أكثر من 5 آلاف أسرة سورية لاجئة في مناطق متفرقة من لبنان، وتوصل إلى النتائج الآتية:
الوثائق القانونية للأطفال السوريين
لاحظ التقرير انخفاضا مستمرا في نسبة اللاجئين الحاصلين على الوثائق القانونية في لبنان، حيث لا تتجاوز النسبة 16% من الأفراد الذين تبلغ أعمارهم 15 عاماً فأكثر، على الرغم من أن معظم الأطفال السوريين المولودين في لبنان لديهم الحد الأدنى من وثائق الولادة الصادرة عن شهادة الطبيب أو القابلة بنسبة (98%) ، إلا أن 31% فقط من الأطفال مسجلون في سجل الأجانب.
العنف ضد الأطفال السوريين
ورصد التقرير الأممي أن حماية الأطفال السوريين اللاجئين من جميع أشكال العنف لا تزال مصدر قلق في عام 2021. وقد تعرض أكثر من نصف (56%) الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 1 و 14 عاماً لشكل واحد على الأقل من أشكال الاعتداء الجسدي أو النفسي.
علاوة على ذلك، منذ عام 2019، تضاعفت ظاهرة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عاماً الذين ينخرطون في عمالة الأطفال، لتصل إلى 5% في عام 2021، مع تعرض الأولاد للخطر بأربعة أضعاف الفتيات.
يضاف إلى ذلك، كان أعلى معدل لعمالة الأطفال بين المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و17. ويمتد العنف ضد المراهقين إلى زواج الفتيات في سن مبكرة، ففي عام 2021، كانت واحدة من كل خمس مراهقات تتراوح أعمارهن بين 15 و19 عاماً متزوجة في وقت إجراء الاستطلاع.
مأوى آمن
ولا يزال اللاجئون يعيشون في ظروف أقل من المعايير الإنسانية حيث يعيش أكثر من نصف (57%) عائلات اللاجئين السوريين في ملاجئ مكتظة أو ملاجئ دون المعايير الإنسانية أو ملاجئ معرضة لخطر الانهيار، وفق التقرير.
وظل توزيع أسر اللاجئين السوريين عبر أنواع الملاجئ الرئيسية مستقراً في الغالب، حيث تعيش الغالبية (69%) في مبانٍ سكنية، و22% في ملاجئ غير دائمة، و9% في مبانٍ غير سكنية.
وزادت تكاليف الإيجار الشهري لجميع أنواع الملاجئ مجتمعة بنسبة 18%، لتصل إلى متوسط 312.798 ليرة لبنانية على المستوى الوطني، مقابل 264.000 ليرة لبنانية في 2020.
هشاشة اقتصادية
كما دفعت الأزمة الاجتماعية والاقتصادية المتفاقمة في لبنان جميع اللاجئين السوريين تقريباً إلى حالة من الضعف الاقتصادي الشديد. على الرغم من الزيادة في المساعدة ، لا يزال 88% من أسر اللاجئين السوريين تحت الحد الأدنى للبقاء، وهو الحد الأدنى المطلق للمبلغ المطلوب لتغطية الاحتياجات المنقذة للحياة.
وفي المتوسط بلغ نصيب الفرد من النفقات الشهرية ثلثي المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم (انخفاضًا من 120% في عام 2019)، مما يعني أن أسر اللاجئين السوريين لم تكن تلبي الحد الأدنى من مستويات المعيشة.
ومع زيادة 404% و 372% في أسعار المواد الغذائية وغير الغذائية منذ أكتوبر 2019، أثر التضخم بشكل كبير على قدرتهم على تحمل الاحتياجات الأساسية، وارتفعت مستويات الدين بمقدار 1.8 مرة مقارنة بالعام الماضي.
وأشار التقرير إلى أن اللاجئين السوريين زادت نسب توظيفهم في سوق العمل إلى (33% في عام 2021 مقابل 26% في عام 2020)، ومع ذلك فإن الدخل الذي تمكنت الأسر من اكتسابه من العمل في عام 2021 لا يزال واحداً.
وكان اللاجئون السوريون يعملون في الغالب في وظائف منخفضة المهارات في الزراعة والبناء والخدمات الأخرى (المطاعم والفنادق وما إلى ذلك).
كيف يواجه اللاجئون هذه التحديات؟
وبيّن التقرير أنه في عام 2021، واجه 94% من أسر اللاجئين السوريين تحديات عند الحصول على الغذاء واضطروا إلى استخدام استراتيجيات التأقلم لإدارة نقص الغذاء لديهم.
وكانت أكثر استراتيجيات المواجهة القائمة على سبل العيش تطبيقاً هي تحصيل ديون جديدة (92%)، وشراء الغذاء بالائتمان (75%)، وتقليص نفقات الصحة (54%) والتعليم (29%).
وبلغت نسبة الأسر التي باعت سلعاً وأنفقت مدخرات 25%، وبلغت نسبة الأسر التي أبلغت عن اضطرارها لسحب أطفالها من المدرسة أو إرسال أطفالها إلى العمل 7%.
انخفاض الأمن الغذائي والرعاية الصحية والتعليم
وعلى غرار عام 2020، كان ما يقرب من نصف أسر اللاجئين السوريين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، (46% يعانون من انعدام الأمن الغذائي بشكل معتدل، 3% يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد) في عام 2021.
وفقط خُمس الأسر (21%) لديها تنوع غني بالنظام الغذائي اليومي (تستهلك 6.5 مجموعات غذائية أو أكثر في اليوم)، على غرار عام 2020 (23%)، وبنسبة 12 نقطة مئوية مقارنة بعام 2019 (33%)، كان هناك انخفاض كبير في استهلاك الحديد حيث إن 82% من الأسر لا تستهلك الحديد مطلقاً.
وبخصوص الرعاية الصحية فقد انخفض الوصول إلى المستشفيات، حيث إن ربع الأطفال دون سن الثانية يعانون من مرض واحد على الأقل، وغالبيتهم (60%) يعانون من الإسهال، وزيادة عن عام 2020 بمقدار 23 نقطة مئوية لدى الأطفال الذين يعانون من السعال (56%).
وكان الوصول إلى الأدوية تحدياً، إذ أفاد أقل من نصف المستجيبين بأنهم قادرون على الوصول إلى جميع الأدوية التي يحتاجون إليها. وكانت هناك زيادة ملحوظة في المعرفة بكيفية الوصول إلى الرعاية الصحية لفيروس كورونا مقارنة بالعام السابق.
وأجبر وباء كورونا على إغلاق المدارس، مما أدى إلى بقاء الآلاف من الأطفال والشباب في المنزل والتعلم عن بعد، ما تسبب بتدهور الوضع التعليمي منذ عام 2020. وكان هناك انخفاض بنسبة 14 نقطة مئوية في الالتحاق بالمدارس الابتدائية، حيث وصل إلى 53% بالنسبة للأطفال في 2020/2021.
وانخفضت نسبة الالتحاق بمرحلة ما قبل الابتدائي (الأطفال بين 3 و 5 سنوات) بمقدار 5 نقاط مئوية، حيث التحق 11% فقط بالتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، ونحو نصف (47%) الأطفال في سن المدرسة (من 6 إلى 17 عاماً) التحقوا بأي مدرسة 2020/2021 ، مع الغالبية (47%) يذهبون إلى المدرسة جسدياً وعن بعد، و 30% فقط عن بعد، و 23% فقط جسدياً.
وظلت تكاليف المواد التعليمية والمواصلات من أبرز أسباب عدم حضور الأطفال اللاجئين للعام الدراسي 2020-2021، بزيادة قدرها 10 و 14 نقطة مئوية على التوالي.
ماذا عن المراهقين والشباب؟
كما في عام 2020، كانت نسبة الشباب (من 15 إلى 24 عاماً) من الملتحقين بالمدرسة أو الجامعة 13% فقط، ومع ذلك، كان هناك تفاوت كبير بين الفئات العمرية، حيث حضر أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 19 عاماً بمعدل أعلى من فئة 20 إلى 24 عاماً، بنسبة 24% و 4% على التوالي.
أما الشباب، فلا تزال التكاليف هي السبب البارز لعدم الذهاب إلى المدرسة، إلى جانب أسباب أخرى منعتهم مثل الزواج أو بسبب العمل، حيث إن 7 من كل 10 شباب لم يحصلوا على فرصة التعليم أو التدريب.
تدني نسب النظافة والبيئة الآمنة
اتسم وضع المياه والصرف الصحي والنظافة بين اللاجئين السوريين في لبنان بندرة المياه الصالحة للشرب والاستخدام المنزلي، وكذلك الصرف الصحي غير المناسب، مع تفاوت الظروف اعتماداً على نوع المأوى.
وكان أفراد الأسرة الذين لديهم إمكانية الوصول إلى مصدر مياه شرب محسّن (89%) مماثلاً للعام الماضي. حيث ظلت المياه المعدنية المعبأة المصدر الرئيسي لمياه الشرب بنسبة 38%، وتباينت نسبة الاعتماد عليها من منطقة إلى أخرى.
وأفاد 48% من الأسر بأنهم يدفعون مقابل الحصول على مياه الشرب، وينفقون ما معدله 63.505 ليرة لبنانية شهرياً ثمن المياه.
وظلت نسبة أفراد الأسرة الذين لديهم إمكانية الوصول إلى مرافق الصرف الصحي المحسنة مماثلة للسنوات السابقة عند 91%، مع وجود مرحاض (إفرنجي) (69%) كمصدر رئيسي، على الرغم من وجود فرق 14 نقطة مئوية في الوصول إلى مراحيض من هذا النوع بين الأسر التي يرأسها رجل (71%) والأسر التي تعولها نساء (57%)، ولوحظ اختلاف بالنسب بين منطقة وأخرى.