ملخص
- هولندا تقرر رفض منح تصريح إقامة للاجئين السوريين الذين يزورون وطنهم.
- القرار استند إلى قضيتن للاجئتين زارتا سوريا عدة مرات، رُفضت طلباتهما للإقامة لأنهما لم تواجها خطراً في سوريا.
- يمكن أخذ زيارة سوريا بعين الاعتبار عند تقييم خطر العودة للبلاد.
- زيارة اللاجئين السوريين لوطنهم موضوع مثير للجدل في دول اللجوء الأوروبية.
حكم "مجلس الدولة"، أعلى هيئة قضائية في هولندا، بأنه يحق لـ"دائرة الهجرة والتجنيس" رفض منح اللاجئ السوري الذي يزور وطنه الأم "تصريح إقامة".
وبحسب قرار "مجلس الدولة" الهولندية، أمس الأربعاء، والذي حكم بقضيتين منفصلتين للاجئتين سوريتين زارتا سوريا، فإنه يحق لدائرة الهجرة التجنيس رفض منح تصريح الإقامة في هولندا لطالبي اللجوء السوريين الذين عادوا لزيارة أسرهم بعد مغادرتهم سوريا.
"زارت بلدها ست مرات"
والقضية الأولى كانت للاجئة السورية، 31 عاماً، زارت وطنها ست مرات ورفضت دائرة الهجرة والتجنيس، العام الماضي، منحها تصريح إقامة، وفق ما ذكرت صحيفة "الخمين داخبلاد" الهولندية.
وغادرت تلك المرأة بلدها لأول مرة في عام 2013، واستقرت مع زوجها السابق في مصر، وفي السنوات التي تلت ذلك سافرت إلى سوريا ست مرات على الأقل، لفترات تتراوح بين شهر وثلاثة أشهر، ثم بقيت مع والديها في منطقة خاضعة لسيطرة النظام السوري بين عامي 2019 و2021 عملت كمعلمة في إحدى المدارس.
وفي خريف عام 2021، غادرت وسافرت إلى هولندا وتقدمت بطلب اللجوء، ورفضت دائرة الهجرة والتجنيس الطلب لكنها رفضت القرار ولجأت إلى القضاء الهولندي.
وحكم "مجلس الدولة" بأن دائرة الهجرة والتجنيس على حق، موضحاً أنه "تبين بحق أنها لا تواجه خطراً حقيقياً بالتعرض لأذى جسيم عند عودتها إلى سوريا"، وبالتالي لا تحتاج إلى الحماية في هولندا، وفق القرار.
وعادةً ما يحصل طالبو اللجوء السوريون في هولندا على تصريح إقامة لكن دائرة الهجرة بدأت تولي مؤخراً اهتماماً متزايداً لما إذا كان الأشخاص يواجهون خطر فعلياً في سوريا.
وتعتبر العودة لزيارة العائلة سبباً لإلغاء التصريح، لكن غالباً ما يصعب اكتشاف ذلك أو إثباته وفق الصحيفة الهولندية.
زارت والدتها المريضة واضطرت للبقاء بسوريا
وأما الحالة الثانية فكانت لامرأة سورية، 41 عاماً، حصلت على تصريح إقامة في هولندا عام 2018 ثم عادت إلى سوريا عبر لبنان لزيارة والدتها المريضة في دمشق، وأثناء زيارتها توفيت والدتها، كما ولدت المرأة طفلاً وكُسرت ساقها وبسبب هذه الظروف بقيت في سوريا لفترة أطول مما كان مخططاً له.
وفي عام 2020، جاءت إلى هولندا مرة أخرى وقدمت طلب لجوء جديد لكن دائرة الهجرة والتجنيس رفضت هذا الطلب لأنها لم تكن لديها مشكلات مع النظام السوري أثناء إقامتها في مناطق سيطرته، فاستأنفت المرأة في المحكمة وقالت إن "سوريا ما تزال غير آمنة والعودة دون حصول مشكلات مرة واحدة لا يعني أنك ستكون آمناً في المرة القادمة"، مضيفة أنه يجب أن تنطبق عليها القواعد نفسها التي تنطبق على السوريين الذين يتقدمون بطلب اللجوء في هولندا لأول مرة.
لكن مجلس الدولة اعتبر أن ذلك "غير صحيح"، وقال إن "دائرة الهجرة يمكنها أن تأخذ في الاعتبار ما إذا كان شخص ما قد عاد بالفعل إلى سوريا لكن في المقابل ليس كل عودة إلى سوريا تعني أنه لم يعد هناك خطر وأن ذلك يعتمد ذلك على ظروف القضية".
ووفق قرار المحكمة، فإنه يجب على وزارة اللجوء والهجرة ورئيس دائرة الهجرة والتجنيس أن يوضح أولاً بشكل أفضل أسباب مقنعة لعدم تعرض المرأة للخطر في حال عودتها مرة أخرى إلى وطنها.
ومن حيث المبدأ، تعتبر وزارة الهجرة واللجوء أن السوريين يواجهون خطراً حقيقياً بالتعرض لأضرار جسيمة إذا اضطروا للعودة إلى سوريا، لكن هذا المبدأ لا ينطبق إذا تبين أن حالة فردية لم تتعرض لخطر بعد عودتها، لذلك تقوم الوزارة بالتحقق فيما إذا كان اللاجئ قد عاد إلى وطنه مرة أخرى بعد مغادرته.
وما يزال السوريون يشكلون غالبية طالبي اللجوء الذين يأتون إلى هولندا لكنهم يأتون بشكل أقل من سوريا "بشكل مباشر" حيث أصبحت "الحرب الأهلية" هناك أقل حدة من ذي قبل بعد أن استعاد نظام الأسد قبضته الحديدية على أجزاء واسعة من البلاد، وفق ما ذكرت "الخمين داخبلاد" على حد وصفها.
وتعتبر زيارة اللاجئين السوريين إلى وطنهم الأم "موضوعا مثيراً للجدل" في دول اللجوء الأوروبية، وقد صنفت بعض تلك الدول دمشق ومدناً أخرى "آمنة"، ولكن في المقابل هناك أيضاً مئات الأمثلة على السوريين الذين عادوا واعتقلتهم الأجهزة الأمنية ومات بعضهم بسبب التعذيب وفق تقارير حقوقية، كما أن معظم السوريين الذين يريدون العودة لديهم شكوك ومخاوف أيضاً من الاعتقال والتعذيب.
يشار إلى أن مجلس الدولة الهولندي هو هيئة استشارية للحكومة والبرلمان، كما أنه أعلى هيئة قضائية يمكنها البت في النزاع بين المواطنين والحكومة.
ويعد ويليم ألكسندر، بصفته ملك هولندا، هو رئيس مجلس الدولة رسمياً، لكن القيادة الفعلية للمجلس هي في يد نائب الرئيس، الذي يشغل منصبه توم دي خراف، منذ عام 2018.