icon
التغطية الحية

العراق وجهة لشبان اللاذقية.. ظروف صعبة ورواتب متدنية وملاحقات أمنية

2024.04.04 | 05:53 دمشق

بغداد
يفر شبان الساحل السوري إلى العراق هرباً من التجنيد الإجباري بعد أن ضاقت بهم الظروف المعيشية على أمل حياة أفضل - AFP
تلفزيون سوريا - حسام الجبلاوي
+A
حجم الخط
-A

وسط العاصمة العراقية بغداد التأم شمل ثمانية شبان أصدقاء جميعهم من مدينة جبلة غربي اللاذقية، وصلوا خلال فترة لاتتجاوز سبعة أشهر، بعد أن ضاقت بهم الظروف المعيشية في مدينتهم، وفروا من التجنيد الإجباري مع قوات النظام، على أمل البدء بحياة جديدة يستطيعون من خلالها بناء مستقبلهم.

أكرم أحد هؤلاء الشبان، اجتمع قبل أسابيع  بشقيقه أحمد الذي سبقه للعمل في صالون حلاقة رجالية، وهو الذي تخرج في جامعة تشرين في قسم الميكانيك، وجد عملاً في أحد مطاعم بغداد بأجر يصفه بالمقبول، بعد أن دفع نحو 500 دولار كأجور فيزا وأوراق للوصول إلى العراق.

وحول أسباب اختياره العراق، قال أكرم في حديث لموقع "تلفزيون سوريا" إن "الخيارات كانت محدودة، وبداية كان يفكر بالهجرة إلى أوروبا إلا أن ارتفاع الكلفة وخطورة الرحلة دفعه لاختيار العراق"، واصفاً البلاد بأنها "وجهة للشبان الفقراء في اللاذقية وسوريا عموما".

وأضاف أكرم أن "شقيقي سبقني بأشهر، وأخبرني أن الوضع مقبول، لكن من الصعب البقاء هنا لفترة طويلة، في الحقيقة أنتظر فرصة أخرى لأغادر".

وأشار الشاب السوري إلى أن الشبان السوريين في العراق "يعملون بطعامهم ومنامتهم، فالوضع صعب جداً، وهناك الكثير من العمالة السورية التي جاءت من مختلف المحافظات، لذلك على كل شاب دراسة خطة السفر، وهل لديه خبرات ومؤهلات يطلبها سوق العمل في العراق أو لا".

السفر خيار 90% من شبان الساحل السوري

ويعمل اللاجئون السوريون، في العراق، بمختلف الوظائف والخدمات، خاصة في قطاع المطاعم والمقاهي، في ظل ظروف عمل قاسية ورواتب متدنية.

ويؤكد الناشط الإعلامي، أبو يوسف جبلاوي، في حديث لموقع "تلفزيون سوريا" أن "القسم الأكبر من الشبان اليوم يغادرون نحو إقليم كردستان أو العراق، لاسيما أولئك الذين تخرجوا في الجامعات وباتت أمامهم الخدمة الإلزامية ولا يجدون في الوظائف الحكومية أملا لتكوين مستقبلهم".

وذكر الجبلاوي أن "السفر بات خيارا لقرابة 90% من الشبان في الساحل السوري، بمن فيهم المؤيدين للنظام"، مشيراً إلى أن "بعض العائلات دفعت بجميع أبنائها للخارج، لاسيما من لا يريد لأولاده التطوع أو القتال إلى جانب قوات النظام السوري".

أوضاع غير قانونية

ويعمل الكثير من الشبان السوريين في العراق بشكل مخالف دون إقامات عمل نظامية، ما يجعلهم عرضة للاعتقال والإعادة إلى سوريا بشكل دائم.

ووفق عبد الرحمن درويش، وهو صاحب مكتب للسياحة في اللاذقية ويعمل في تأمين تأشيرات الدخول والأوراق المطلوبة، فإن معظم الشبان كانوا  يحصلون على تأشيرة سياحية من إقليم كردستان مدتها ثلاثة أشهر، وذلك بعد إيقاف الحكومة العراقية منح الفيزا.

وأوضح درويش في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا" أن "بعض الشبان السوريين بعد دخولهم إلى أربيل، ينجحون بتحويل الإقامة السياحية لإقامة عمل عن طريق محامي برسوم تجديد سنوية تصل إلى 600 دولار".

وقال درويش إن "معظم الشبان يستخرجون إقامة في أربيل، ويذهبون إلى بغداد للعمل، باعتبار أن فرص العمل المتوفرة هناك تعتبر أفضل، وبعد فترة ثلاثة أشهر يصبحون مخالفين بسبب انتهاء مدة إقامتهم السياحية وعدم تحويلها  لإقامة عمل".

وأكد درويش أن "الأشهر الأخيرة شهدت زيادة كبيرة جداً في أعداد شبان اللاذقية الراغبين بالسفر إلى العراق، لأسباب أبرزها فرض الكثير من الدول الخليجية ومصر عقبات جديدة لمنح الفيز، ومخاطر الوصول لأوروبا".

ظروف صعبة

أيهم عتال، شاب من مدينة جبلة لم يتجاوز 17 عاماً انضم لابن عمه للعمل في مطعم بمدينة السليمانية بإقليم كردستان العراق، لكن بأجر لا يتجاوز مئتي دولار، وبساعات دوام تصل إلى 11 ساعة، وفق حديثه مع موقع "تلفزيون سوريا".

وأضاف أن "هناك الكثير من السوريين هنا، معظمهم شبان بين 18 و30 عاماً، يعملون بمهن صعبة وساعات طويلة وأجور بالكاد تكفي المعيشة".

وذكر الشاب السوري أنه "بالنسبة لي، جئت إلى هنا بعد أن وصلت لمرحلة اليأس من مستقبلي وبقائي في اللاذقية، فالخدمة العسكرية طويلة والرواتب والأجور في سوريا لا يمكنها أن تطعم أعزب"، مضيفاً "لا أعلم كم سأبقى هنا، لكن لا أفكر بالعودة إلى سوريا أبداً".

السفر لا يقتصر على الرجال

سافرت عبير، 24 عاماً، وهي طبيبة أسنان، لإقليم كردستان قبل نحو 5 أشهر، بعد حصولها على عقد عمل مع مركز طبي هناك براتب تصفه بالمغري.

وتؤكد الشابة التي تنحدر من مدينة اللاذقية لموقع "تلفزيون سوريا" أن ما دفعها للسفر هو عجزها عن شراء أجهزة طبية لافتتاح عيادتها الخاصة، وسوء الأوضاع المعيشية والخدمية والأمنية.

وقالت عبير إنها "فوجئت عند قدومي بكثرة العمالة السورية هنا، كان هناك الكثير من الشابات من اللاذقية يعملن في قطاعات مختلفة، لاسيما الأسواق والمطاعم"، مشيرة إلى أنه "كنت خائفة من الغربة لكن بات لدي الكثير من الصديقات هنا، ومعظمهن من مدينتي".

هاجس الحملات الأمنية

خلال الأيام الأخيرة أطلقت السلطات العراقية حملة أمنية لملاحقات الأجانب المخالفين لشروط الإقامة في العاصمة بغداد، طالت مطاعم سورية وورشات عمل، وأسفرت عن توقيف عشرات السوريين.

الحملة الأمنية "الأشد" كما يصفها ربيع عدلة، وهو شاب من مدينة جبلة يعمل في بغداد، "خلقت جواً من الخوف والتوتر"، لأن معظم المقيمين مخالفين ومن الصعب تحقيق شروط إقامة العمل، فضلا عن رفض معظم الشركات وأصحاب العمل دفع رسوم لتصحيح وضع العاملين.

وأكد عدلة أن السلطات العراقية "باتت تشدد على الوجود السوري بعكس السنوات والأشهر السابقة، وأصبحت الحملات الأمنية أكثر صرامة وتنتهي بالاعتقال والترحيل، وهو الأمر الذي يخشاه كل شاب هنا، لأنه يعني ذهابه مباشرة للخدمة الإلزامية وتدمير مستقبله بشكل فعلي".

وعن الحلول أمام الشبان السوريين في العراق، قال عدلة إن "البعض بات يبحث عن وجهات بديلة للسفر والانتقال، مثل رحلة اللجوء إلى أوروبا، بينما اقتصرت حركة السوريين المخالفين على أماكن العمل هرباً من الأمن".

يشار إلى أن نحو ربع مليون لاجئ سوري يعيشون في إقليم كردستان، بعضهم بصفة لجوء، وفق تصريحات وزير داخلية حكومة إقليم كردستان العراق، ريبر أحمد في أيلول 2021، إلا أن سفير النظام السوري لدى العراق، صطام جدعان الدندح، أكد عدم وجود أرقام دقيقة لعدد السوريين في العراق.

وفي تصريحات سابقة نقلتها صحيفة "الوطن" المحلية، قال الدندح إن "التقديرات تشير إلى أن عدد السوريين في العراق تتراوح بين 300 إلى 400 ألف سوري"، مشيراً إلى أن "غالبية السوريين الموجودين في الأراضي العراقية، دخلوا إليها بطرق غير نظامية، أي من دون أوراق رسمية".