على غرار مناطق أخرى في البلاد، بات التغيّر المناخي وقلة الأمطار والجفاف يهدد مصير قطاع الزراعة، خصوصاً محصول القمح، الذي يعتبر ركيزة الاقتصاد ومصدراً رئيسياً للدخل وشبكة أمان اقتصادية مهمّة للأسر الفقيرة في شمال شرقي سوريا.
وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إنه بعدما أفقد الجفاف آمال المزارعين بحصد محاصيل قمح وفيرة هذا العام، اتجه عدد من المزارعين لبيع محاصيلهم وإنتاج حقولهم في المناطق الزراعية شمال شرقي سوريا إلى رعاة الأغنام.
ونقلت الوكالة عن موسى فاطمي، 85 عاماً، قوله إنه "للسنة الثانية على التوالي نواجه الجفاف، في كل عام نتحسّر على العام الذي سبقه"، مضيفاً أنه "باع إنتاج حقوله إلى رعاة الأغنام مقابل أسعار رمزية، وتكبد خسارة مالية كبيرة".
من جانبه، قال المزارع سلمان البركو، 55 سنة، إنه باع محصول 157 دونماً في قرية البركو شمالي الحسكة، للرعاة مقابل 15 ألف ليرة سورية للدونم الواحد، في حين تجاوزت كلفة زراعته 20 ألفاً.
مرة كل ثلاث سنوات
وأوضحت الوكالة أن مشهد الأغنام يتكرر في حقول القمح التي أصبحت مراعي لها في المنطقة التي كانت تعد قبل العام 2011 بمثابة "صوامع حبوب سوريا"، في حين تعتبر اليوم الأكثر تأثراً بالجفاف وتدني مستوى الأمطار.
ووفق تقرير نشرته منظمة "IMMAP" الدولية المتخصصة في إدارة البيانات في نيسان الماضي، فإن انخفاض إنتاج القمح في سوريا يعود إلى "الجفاف الناجم عن تغير المناخ، وشهدت معظم أجزاء شمال شرقي سوريا فترات جفاف طويلة خلال مواسم المحاصيل الشتوية، والتي جفّفت الكثير من محصول القمح النامي".
وأشار التقرير إلى أنه "نتيجة عوامل عدّة مرتبطة بالتغيّر المناخي، من المحتمل أن تتعرض مناطق شمال شرقي سوريا على المدى الطويل للجفاف مرة كل ثلاث سنوات، وأن ينخفض هطول الأمطار بنسبة 11 % خلال العقود الثلاثة المقبلة".
انخفاض إنتاج القمح شمال شرقي سوريا
وانخفض إنتاج القمح خلال السنوات الأخيرة في شمال شرقي سوريا، حيث سجّل الموسم الزراعي الشتوي 2020 - 2021 مستوى الإنتاج الأدنى منذ العام 2017 في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور، وفق بيانات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو".
وشكّل إنتاج القمح في محافظة الحسكة الموسم الماضي 26 % مما كان عليه العام الذي سبقه، بعدما تراجع من 805 آلاف طن في موسم 2019-2020 إلى 210 آلاف طن الموسم الماضي.
يشار إلى أن النظام السوري يتنافس مع "الإدارة الذاتية"، على شراء محاصيل القمح من المزارعين، لتوفير الحد الأدنى من احتياجات المناطق تحت سيطرتهما.