نتج عن الزلزالين اللذين قتلا أكثر من 40 ألف شخص جنوبي تركيا وشمال غربي سوريا المزيد من المآسي والمعاناة في الوقت الذي أطلقت فيه فرق إنقاذ استثنائية مناشدات من أجل أن يهب الجميع لمساندتها. وإليكم هنا لمحة عن أهم التطورات التي ظهرت عقب وقوع الزلزالين:
فرق الإنقاذ والناجون يتحدون الظروف
تم انتشال امرأة مع طفليها من شقتهم المنهارة في أنطاكيا التركية، بعد مرور 228 ساعة كاملة على وقوع زلزال شدته 7.8 درجات ضرب تلك المنطقة في الساعات الأولى من فجر يوم 6 من شباط، ونقل ثلاثتهم إلى أحد المشافي.
وذكر المنقذ محمد إيريل ماز بأن المرأة التي تحمل اسم إيلا، سألت: ما اليوم؟ عندما انتشلت من بين الأنقاض، ويصف لحظة وصوله إليها بالقول: "في البداية أمسكت بيدها، ثم تحدثنا وثرثرنا وهدأتُ من روعها، بعد ذلك، واصلنا عملنا، وإننا سعداء جداً بهذه النتيجة فهي تاسع روح قمنا بإنقاذها".
ويضيف إيريلماز وهو عضو في فريق مدرب على تنفيذ مهام الإنقاذ في المناجم: "طلبت ماء أول شيء، لكنا لم نعطيها أي شيء قبل تدخل الفرق الطبية، ثم سألتنا: ما اليوم الذي نحن فيه؟"
أعلن العامل في المجال الصحي علي بارلاس الذي عالج إيلا وابنيها علي وميسم بأن ثلاثتهم كانوا يعانون من الجفاف، بيد أن وضعهم كان مقبولاً.
غير أن عمليات الإنقاذ هذه هي مجرد استثناء للعمل المضني الذي يقوم على تحديد مكان جثث من تبقى من الأموات، فقد دمر الزلزال الأول والثاني الذي بلغت شدته 7.5 والذي أتى بعد مرور تسع ساعات على الأول آلاف المباني، حيث ذكر ناجون وخبراء في مجال البناء بأن ضعف البناء أسهم في زيادة عدد القتلى إلى حد كبير.
أنقرة تعرب عن امتنانها
شكر وزير الخارجية التركي المجتمع الدولي يوم الأربعاء الماضي على الدعم الذي قدمه عقب وقوع الزلزالين خلال الأسبوع الفائت.
إذ ذكر وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو بأن 76 دولة أرسلت فرق البحث والإنقاذ لديها حتى تساعد الفرق التركية في تمشيط الأبنية المنهارة، وقد عاد اثنا عشر فريقاً أجنبياً إلى وطنه بعد استكمال مهامه، وأضاف وهو يشرح الاستجابة الطارئة: "كل شيء في وضع مثالي بكل تأكيد، صحيح أنه كانت هنالك نقائص وعيوب في التنسيق في بداية الأمر، ولكن بعد فترة قصيرة، انتظمت الأمور".
كما ذكر الوزير التركي بأن 36 ألف خيمة قد وصلت إلى تركيا من الخارج لمساعدتها في إيواء الآلاف ممن تشردوا وهنالك 51 ألف خيمة أخرى في طريقها إلى تركيا حيث ستصل في حاويات شحن من قبل دولة قطر التي استخدمت تلك الخيام لاستقبال مشجعي كأس العالم خلال المونديال الذي أقيم أواخر السنة الماضية.
وأعلن جاويش أوغلو بأن حكومة بلاده تعمل على ضمان تأمين "احتياجات الإسكان العاجلة" عبر إنتاج الخيام والمساكن محلياً بحيث يمكن أن تستخدم كمراكز إيواء مؤقتة.
هذا وقد وصلت المساعدات أيضاً من اليونانيين في قبرص الذين أمضوا قرابة نصف قرن في نزاع مع تركيا.
كما ساعد الجنود البريطانيون الذين يخدمون لدى قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في قبرص في عمليات نقل المساعدات التي تبرع بها القبارصة اليونانيون في الجنوب ضمن الجزيرة التي تم تقسيم شعبها على أساس عرقي لقبرص التركية في الشمال التي انفصلت عنهم، ومن هناك سيتم نقل المساعدات إلى تركيا حتى يتم توزيعها على ضحايا الزلزال.
وفي سياق متصل قتل ما لا يقل عن عشرين طالبة قبرصية تركية ممن أتين للمشاركة في بطولة كرة الطائرة في مدينة أديامان التركية في هذين الزلزالين، في الوقت الذي بقي فيه الكثير من أهالي قبرص في عداد المفقودين.
الزلزال يفاقم المعاناة في سوريا
في الوقت الذي قتل فيه 35 ألف إنسان في تركيا بسبب الزلزال، تم تأكيد وفاة 3700 شخص تقريباً على الجانب الآخر من الحدود في سوريا التي مزقتها الحرب، وهكذا ضاعف الزلزالان من معاناة الأهالي الذين قاسوا الأمرين خلال سنوات الحرب التي امتدت لأكثر من 12 سنة.
في حين ذكرت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ميرجانا سبولياريك في بيان لها عقب زيارتها لسوريا بأن: "المجتمعات مدمرة بالأصل بسبب سنوات النزاع، وهذا ما جعل الناس يصلون إلى أقصى حدود الصبر بعدما تحملوا فوق طاقتهم"، وأكدت على حاجة المنطقة بشكل عاجل للمياه النظيفة.
اقرأ أيضا: بفضل كلبتها.. فرق الإنقاذ تتمكن من انتشال سيدة تركية في هاتاي
وبينما هبت فيه فرق الإنقاذ من مختلف بقاع العالم لنجدة تركيا، أتت المساعدات إلى سوريا بطيئة بسبب دمار الطرقات والتوتر الحاصل بين المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية والمناطق التي يسيطر عليها نظام بشار الأسد.
ولذلك أطلقت الأمم المتحدة مناشدة تطالب بحشد مبلغ وقدره 397 مليون دولار يوم الثلاثاء الماضي وهدفها تقديم المساعدات لنحو خمسة ملايين سوري خلال الأشهر الثلاثة المقبلة. أتى ذلك عقب يوم على إعلان الأمم المتحدة عن توصلها لاتفاق مع النظام يقضي بتسليم المساعدات الأممية عبر معبرين حدوديين مع تركيا إلى مناطق سيطرة المعارضة في شمال غربي سوريا.
بيد أن مشكلة الاحتياجات على الأرض بقيت عصية على الحل، في ظل درجات حرارة منخفضة حد الصقيع، ما زاد من حدة التعاسة والمعاناة.
صدوع وهزات ارتدادية
أعلن أورهان تاتار المدير العام لمؤسسة الحد من خطر الزلازل التابعة لهيئة إدارة الكوارث التركية بأن الزلزالين تسببا بانزياح الأرض لمسافة سبعة أمتار وثلاثين سنتمتراً مع حدوث صدع كبير على امتداد 400 كلم.
هذا ولقد وقع الزلزالان على خمسة فوالق وأعقبهما نحو 3900 هزة ارتدادية، وقد وصف تاتار هذا العدد بالخطير جداً وغير المعهود، بيد أن الهزات الارتدادية تعني بأن الناس في المناطق المتضررة قد يشعرون باهتزازات كبيرة كل 15 دقيقة بحسب ما ذكره ذلك المسؤول.
كما ذكر تاتار بأنه لابد من إزالة مليارات الأمتار المكعبة من الركام، ولهذا حذر من هطول ثلوج كثيفة في المناطق الزراعية لأن ذلك قد يتسبب بوقوع انهيارات خطيرة.
المصدر: Associated Press