icon
التغطية الحية

إلى أجل غير مسمى.. لماذا علّقت إيران الزيارات الدينية إلى سوريا؟

2024.09.24 | 14:49 دمشق

آخر تحديث: 24.09.2024 | 14:49 دمشق

GYFsenIb0AMvueE.jpg
الزيارات الدينية لإيران إلى سوريا (تويتر)
+A
حجم الخط
-A

كشف رئيس "منظمة الحج والزيارة" في إيران، سيد عباس حسيني، عبر تصريحات تلفزيونية نقلتها وكالة أنباء "ايسنا" الإيرانية، قبل أيام، عن توقّف إرسال وفود الحجاج والزوار الإيرانيين إلى سوريا.

وبيّن "حسيني" أن المسائل والقضايا الأمنية لا تسمح في الوقت الحالي بإرسال الوفود الدينية إلى سوريا، مؤكّداً  أن "رحلات الزوار الإيرانيين ليست مدرجة في الوقت الحالي على جدول أعمال الحكومة الإيرانية".

وأضاف أن عملية إيقاف إرسال الوفود الدينية الإيرانية إلى سوريا جاءت بعد قصيرة من فتح الباب أمام الزوّار الإيرانيين، حيث توّلت بعض "القطاعات الخاصة" تيسير هذه العملية بعد توقيع عقود معها لفترة قصيرة.

وتابع: "الظروف التي يمكن من خلالها الشعور بالأمن الكافي لذهاب وعودة للزوار الإيرانيين بسهولة، غير مهيئة حالياً"، مشيراً إلى وجود عوائق أخرى أمام تسيير الرحلات الدينية إلى سوريا منها عدم القدرة على تأمين رحلة جوية للزوار الإيرانيين، مبيناً لا أحد من شركات الطيران الإيرانية يرغب في التحليق نحو دمشق.

ولفت إلى أنّ شركة "ماهان إير" التابعة للحرس الثوري الإيراني، هي الشركة الوحيدة التي تُسيّر رحلات أسبوعية إلى مدينة اللاذقية، وهي رحلات غير مناسبة للزوّار الإيرانيين بسبب المسافة البعيدة عن دمشق.

وفي ذات الإطار، أوضح "حسيني" أنّ هذا الوضع فرض قيوداً على عملية إرسال الوفود الدينية الإيرانية إلى سوريا، مبيّناً عدم وجود برامج وخطط للقطاع الخاص لتسيير وفود الزوار نحو سوريا في الوقت الحالي.

وحول التوقّعات بشأن التوقيت المحتمل لإعادة فتح أبواب الزيارة الإيرانية إلى سوريا، قال حسيني: "لا أعتقد أن الأمر مدرج على جدول الأعمال في ظل هذا الوضع إلا في حال تحسنت الأحوال قليلاً إن شاء الله".

"سجل تاريخي متقلب للرحلات الدينية"

يعتبر الإعلان عن إيقاف الرحلات الدينية الإيرانية إلى سوريا نهجاً معهوداً بشكل مستمر على وسائل الإعلام الإيرانية منذ أن أعيد فتح هذه الرحلات رسمياً، عام 2018، بعد توقّفها بشكل نهائي لأقل من عقد على خلفية الحرب السورية.

وكانت رحلات الزوّار الإيرانيين إلى سوريا قد توقّفت بشكل شبه كلي بعد، منتصف العام 2012، في أعقاب حادثة اختطاف 48 زائرا إيرانيا بالعاصمة دمشق، لتعود إلى العمل بين عامي 2018-2019 بشكل محدود، قبل أن تُغلق رسمياً مع انتشار وباء فيروس كورونا عالمياً، 2019- 2020.

وكانت القضايا الأمنية والعقبات الفنية الناشئة عن التطورات المحلية والإقليمية المختلفة والخوف من التعرض للعقوبات الدولية عناوين عريضة لإعلان عملية الإغلاق المتكررة 2020-2024.

في خضم هذه الفترة، كانت شركات الحرس الثوري الإيراني وشركات الطيران التابعة للنظام السوري بما في ذلك "أجنحة الشام" و"السورية للطيران" تستغل فترات الانقطاع الرسمية لتسيير رحلات "خاصة" غير رسمية بتكاليف باهظة يتم الإعلان عنها من قبل شركات واجهة مختلفة.

على سبيل المثال، أعلنت مواقع إيرانية عن توقّف الرحلات الدينية إلى سوريا في نيسان 2023، حفاظاً على سلامة الزوار، مع تصاعد الغارات الإسرائيلية على مطار دمشق، لتعترف حينها المواقع الإيرانية بأن الاتفاقية التي وقّعها الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي مع النظام السوري لإيفاد أكثر من 100 ألف زائر إيراني في تشرين الثاني 2021، لم يتم تنفيذ سوى 10% من سقفها المرسوم فقط.

وكان تلفزيون سوريا قد أشار في تقرير سابق، أن تصاعد الغارات الإسرائيلية في الأشهر الأربعة الأولى من العام 2023 على سوريا، قد عطّل تدفق الزيارات الدينية الإيرانية، لتعترف بعدها المواقع الإيرانية بهذه الحقيقة.

قبل ذلك بأشهر أيضاً، كانت الوفود الرسمية الدينية قد توقفت منذ شهر تموز 2022، بسبب مشكلة فنية في مطار دمشق.

وفي أعقاب هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأوّل، أعلن حميد رضا محمدي لوكالة أنباء "إيسنا" عن إيقاف رحلات الزيارة الإيرانية إلى سوريا حتى إشعار آخر، واعتبرت الصحيفة أن تعليق رحلات الزيارة تأثر بالأوضاع في غزة وتصاعد الصراعات الناجمة عن الحرب الأخيرة، والالتزام بالقضايا الأمنية.

وفي أعقاب ذلك، أعلن "حسيني" في مقابلة مع وكالة أنباء الطلبة الإيرانية في 15 كانون الأول 2023 عن توقّف جديد للوفود الدينية بسبب القضايا والصراعات التي نشأت في غزة وانسحاب شركة طيران إيرانية لم يسمِّها عن تنفيذ العقد، بحسب وصفه.

مع ذلك، فإن نشر إعلانات الإيقاف الرسمية بين الحين والآخر لا يعني أن هذه الرحلات توقفت كلياً، ففي ظل الانتشار واسع النطاق لوباء كورونا كشفت مصادر خاصة لـ موقع تلفزيون سوريا، عام 2022، عن وجود هياكل إيرانية سورية منخرطة في عمليات فساد واستغلال لفترات الانقطاع الرسمية المعلنة، لتسيّر هذه الهياكل التي تتبع النظام السوري والحرس الثوري الإيراني، رحلات غير رسمية تحمل زواراً إيرانيين إلى سوريا بأسعار خيالية، من دون أن تخضع هذه الرحلات لإجراء فحوصات PCR الخاصة بفيروس كورونا.

وكانت وكالة أنباء "فارس" قد انتقدت في تقرير سابق، عدداً من الأشخاص والمؤسسات (لم تسمهم)، وتساءلت كيف لهذه المؤسسات أن تكون قادرة على تسيير هذه الرحلات من دون موافقات حكومية وتصريحات أمنية.

وكانت مصادر أمنية تابعة للنظام السوري قد ادّعت، في حزيران الماضي، فرص قيود على دخول الزوار الدينيين الأجانب إلى المسجد الأموي ومقام "رأس الحسين" وغيرهما من المواقع الدينية في دمشق، فيما بدا أنه محاولة لإظهار ابتعاده قليلاً عن إيران أمام الدول العربية، لكن بحسب ما رصده موقع تلفزيون سوريا من مصادر مفتوحة، فإن إعلانات شركات الزيارة الإيرانية واصلت التدفق لتعرض بشكل صريح على مواقعها زيارة هذه المواقع.

وكانت خطوط "قزوين" الجوية قد علّقت رحلاتها المنتظمة إلى سوريا، في حزيران 2022، بسبب مخاوف تتعلّق بسلامة طاقمها بعد سلسلة من الهجمات التي أغلقت مؤقتاً المطار الدولي في دمشق.

وبعد عام، أشارت تقارير مفتوحة المصدر إلى أن طيران قزوين (كاسبيان) استأنف رحلاته بين مطار دمشق ومطار "الإمام الخميني"، وزعمت تقارير إعلامية أن الرحلات الجوية تم تجديدها في أعقاب اتفاق بين بشار الأسد والرئيس السابق إبراهيم رئيسي، خلال زيارة الأخير إلى سوريا في أيار 2023، لتعزيز السياحة الدينية بين البلدين.

ومع ذلك، فإن قرب الرحلات الجوية التي رُمّمت حديثاً من الغارات الجوية على المواقع المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني في المنطقة، يثير الشكوك حول توقيت عودتهم.

وكان موقع تلفزيون سوريا قد رصد من مصادر مفتوحة أن غارات إسرائيلية نُفّذت في مواقع حول العاصمة دمشق، شهر تموز 2023، في أعقاب إقلاع طائرة بوينغ إيرانية بمعرّف دولي "ep-kpa" تتبع لشركة "كاسبين إير" من مطار دمشق الدولي.

واعتباراً من أوائل تشرين الأول المقبل، ألغت خطوط "قزوين" الجوية مرة أخرى جميع رحلاتها إلى سوريا لسبب غير معروف، ولم تعدها حتى هذه اللحظة.

وكان القصف الإسرائيلي على مطار دمشق الدولي قد تسبّب، بتاريخ 12 تشرين الأول الماضي، في توقّف أربع طائرات، 2 منها تتبع لـ"السورية للطيران" (yk-akg، yk-akh)، و2 تتبعان لـ"أجنحة الشام" (yk-bab، yk-bae)، حيث بقيت هذه الطائرات الأربع عالقة ضمن المطار، ما أدّى إلى تعليق أغلب العمليات الجوية للأسطول الجوي التابع للنظام السوري.

وتعمل خطوط "قزوين" الجوية أيضاً كعنصر حاسم في العمليات اللوجستية للحرس الثوري الإيراني، حيث تنقل الأفراد العسكريين والأسلحة والأموال إلى وكلائها في سوريا ولبنان.

يشار إلى أنّه على الرغم من عقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة، منذ العام 2012، والعقوبات الأميركية المفروضة، منذ العام 2014، تواصل خطوط "قزوين" الجوية الإيرانية، استخدام الشركات الوهمية لشراء قطع الغيار بشكل غير قانوني لأسطولها القديم من الطائرات الأميركية.