icon
التغطية الحية

الغارات الإسرائيلية تعطل تدفق الزيارات الدينية الإيرانية إلى سوريا

2023.04.28 | 12:46 دمشق

1
طائرة قتالية أميركية من طراز "إف 35" تابعة للجيش الإسرائيلي (موقع الجيش الإسرائيلي)، جانب من الزيارات الدينية في السيدة زينب بدمشق (تعديل: تلفزيون سوريا)
إسطنبول ـ ضياء قدور
+A
حجم الخط
-A

قد يكون من المخيب للآمال على أقل تقدير بالنسبة للزوار الدينيين الإيرانيين الذين حزموا حقائب سفرهم لزيارة سوريا قبل عام ونيف بعد إعلان حكومتهم الاتفاق مع نظام الأسد على إرسال عشرات آلاف الزوار الإيرانيين إلى سوريا، أن يعلموا اليوم أن هذه الرحلات قد توقفت إلى أجل غير مسمى.

وبحسب ما أعلنه  نائب رئيس الشؤون الدينية في منظمة الحج والعمرة الإيرانية حميد رضا محمدي، في 20 من نيسان/أبريل الجاري، توقفت رحلات الزيارة الدينية إلى سوريا بسبب عدم توفر رحلات جوية في الوقت الحالي.

وكان "تلفزيون سوريا" قد نشر تقريراً مفصلاً حول الاتفاقية التي وقعتها حكومة رئيسي مع نظام الأسد في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، ليخلص التقرير إلى أن التوقعات الإيرانية، التي جاءت متوافقة مع تطلعات الحكومة الإيرانية المتشددة الجديدة، كانت مرتفعة جداً وغير واقعية، خاصة عندما أعلن عن الاتفاق على إرسال 100 ألف زائر إيراني إلى سوريا في العام الواحد.

 

تأكيداً لذلك، تشير تقديرات وكالة أنباء فارس الإيرانية بالتزامن مع الإعلان الأخير عن توقف تسيير الرحلات الدينية إلى سوريا  إلى أنه من بين 100 ألف زائر إيراني تم التخطيط لإرسالهم سنوياً على متن شركات جوية سورية وإيرانية، لم يصل سوى 7 آلاف زائر فقط (7% من السقف المرسوم) إلى بوابة القادمين في مطار دمشق، منذ فتح أبواب التسجيل والزيارة الإيرانية قبل عام ونيف في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021.

وعلى ما يبدو، كان الفرق الشاسع بين الآمال الإيرانية المرسومة والأرقام الواقعية التي أوردتها وكالة أنباء "فارس" في هذا الصدد، دافعاً لإيران مرة أخرى لتخفيض توقعاتها والنظر بمنظار أكثر تحفظاً بعد الأنباء التي تحدثت عن توقيع وزير الطرق والتنمية الحضرية الإيراني، مهرداد بذرباش، عن الاتفاق مع حكومة النظام على إيفاد 50 ألف زائر إيراني إلى سوريا سنوياً لزيارة الأضرحة والأماكن المقدسة، خلال زيارته الأخيرة إلى دمشق قبل يومين.

لكن رغم أن إرسال 50 ألف زائر إيراني سنوياً إلى سوريا يبدو رقماً مخفضاً بشكل مضاعف لسقف التوقعات الإيرانية، فإنه يبقى رقماً مضخماً وغير قابل للتحقق في الوقت نفسه، فإن الأمر يشير إلى أن الاتفاق الأخير مع وزير الطرق والتنمية الحضرية في دمشق مجرد اتفاق إعلامي واستهلاكي وتكرار للمكرر.

شركات الطيران الإيراني تخشى العقوبات الغربية

وفقاً لإعلان رئيس منظمة الحج والعمرة الإيرانية، فإن شركات الطيران المحلية في إيران ليست على استعداد للقيام بذلك لأنهم قلقون من العقوبات، وانقطاع رحلاتهم الأوروبية.

ويأتي الإعلان الإيراني "المفاجئ والصادم" عن انقطاع تسيير الرحلات الدينية إلى سوريا بعد شهرين من إطلاق الحكومة الإيرانية حملة تحت عنوان "الطيران إلى الحرم" في مختلف مساجد إيران بهدف "استقطاب مشاركة الأهالي لبناء فناء للسيدة زينب قرب ضريح الحسين (رض)"، بحسب ما تحدث به حجت الله ذاكر، نائب رئيس مركز رعاية شؤون المساجد للشؤون الثقافية والاجتماعية، لوكالة أنباء "شبستان" الإيرانية في 15 من شباط/فبراير 2023.

 

بغض النظر عن الرحلات الجوية الإيرانية المشبوهة التي تتوافد بشكل مستمر ودوري إلى سوريا، وتصاعدت بشدة أثناء فترة الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا في شباط/فبراير الماضي على وجه التحديد، لطالما رفع المسؤولون الإيرانيون الرسميون أصواتهم بشكل معلن للشكوى من ندرة الرحلات التجارية التي تقصد مطاري دمشق وحلب.

من المفارقة أن يقارن المراقب بين مفاخرة رئيس قنصلية إيران في حلب سلمان نواب نوري بوصول طائرة "المساعدات" الإيرانية التاسعة إلى سوريا بعد أقل من أسبوعين من الزلزال المدمر، وبين شكوى حسن شمشادي، أمين عام غرفة التجارة الإيرانية السورية المشتركة، في كانون الثاني/يناير الماضي من ندرة الرحلات الجوية إلى سوريا، وعدم توفر مكان لسفر الناشطين الاقتصاديين الإيرانيين إلى سوريا.

 

لذلك، قد تكون العقوبات هي أحد الأسباب الوجيهة لقضية توقف الرحلات الدينية أو التجارية إلى سوريا أو ندرتها على الأقل لكنها لا تفسر سوى جزء، ربما بسيط، من القصة.

الغارات الإسرائيلية تثير قلق القيادة الإيرانية

خلال السنوات الأخيرة لم تتوقف الضربات الإسرائيلية في سوريا والتي تقول تل أبيب إنها تستهدف الوجود الإيراني ومحاولات طهران وميليشياتها في سوريا الاقتراب من حدودها الشمالية في الجنوب السوري.

سجلت الضربات الإسرائيلية في الآونة الأخيرة كثافة لافتة ركزت على المطارات وشحنات الأسلحة والمعدات الإيرانية المنقولة جواً، وفقاً للتقديرات الإسرائيلية،

تشير المعطيات التي رصدها "تلفزيون سوريا"، من مصادر مفتوحة، إلى أن الغارات الإسرائيلية في سوريا تصاعدت خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري 2023 بنسبة 50% مقارنة بالفترة نفسها من العامين الماضيين 2022، 2021.

في خضم ذلك، كان جزء مهم من الغارات مخصصاً للمعركة الإسرائيلية بين المطارات السورية التي تهدف بالدرجة الأولى لتعطيل وعرقلة عمليات الشحن الإيرانية المشبوهة.

بحسب دراسة سابقة لمركز حرمون للدراسات المعاصرة، شكلت الضربات الإسرائيلية على المطارات السورية (2013 – 2022) أكثر من 26% (أكثر من ربع الغارات) من مجموع الغارات الإسرائيلية المنفذة على الجغرافيا السورية منذ قرابة عقد من الزمن.

باختصار حولت الغارات الإسرائيلية نقاط التموضع الإيرانية، خاصة المطارات المدنية والعسكرية بصفتها موانئ جوية لشحن وتخزين الطرود المشبوهة، في سوريا إلى مكان غير آمن لهبوط طائرات الزوار الإيرانيين والطائرات التجارية من وجهة نظر إيرانية.

بحسب تقرير حديث لوكالة أنباء "فارس"، يؤكد النائب السابق لعتبات منظمة الحج والعمرة الإيرانية صحبت الله رحماني، أن "القلق من العقوبات" و"عدم وجود الأمن الكافي" دفع شركات الطيران لإلغاء رحلاتها إلى سوريا أو عدم العمل على هذا المسار على الإطلاق.

على الرغم من قدرة القيادة الإيرانية على إعادة تسيير الرحلات الدينية مع مخاطرة كبيرة من دون التذرع بالعقوبات كعقبة رئيسية، يبدو أن هناك مشاريع أمنية وعسكرية تحتل قائمة أولويات طهران في سوريا وتشغلها بعيداً عن جدولة الرحلات المدنية أو الدينية.

وقد أثبتت الاستراتيجية الإسرائيلية في سوريا خلال العقد الماضي أنها مستعدة لاستهداف الأصول المدنية التي تستخدمها إيران لأغراض عسكرية، بما في ذلك المطارات والمعامل والورش الصناعية، وحتى الأحياء السكنية في قلب دمشق، لدرجة يمكن معها إثارة قلق طهران ومنعها بالضرورة من تسيير الرحلات التجارية الأخرى.

بعد أقل من شهرين من الجهود التي بذلها رئيس منظمة الحج والزيارة السابق لإطلاق الرحلات الدينية إلى سوريا، توقفت هذه الرحلات بسبب "عطل فني" في مطار دمشق، وفقاً تقرير وكالة فارس الأخير.
ويؤكد التقرير على أنه "بينما كان الكثيرون قد أعدوا أنفسهم للسفر والتسجيل في القوافل، لم يتم إرسال أي زوار إلى سوريا عن طريق قوافل منظمة الحج والزيارة".

وبعد نحو أربعة أشهر من الإعلان عن بدء الرحلات الدينية إلى سوريا، والتي كانت تنطلق من مشهد فقط، يشير تقرير وكالة أنباء فارس إلى استئناف الهجمات الإسرائيلية على سوريا، والتي تسببت في انعدام الأمن في بعض محافظات هذا البلد، بحسب وصفه.

ويضيف التقرير: "حتى أن هذه الهجمات وصلت إلى دمشق، مما تسبب في إيقاف الرحلات إلى سوريا خلال أيام النوروز حفاظاً على صحة وسلامة زوار بلادنا، ولم تسافر أي قافلة تحت إشراف منظمة الحج والزيارة إلى سوريا".