رغم الركود الشديد في قطاع العقارات بدمشق فإن ذلك لم يسهم في خفض أسعارها. يرى خبراء أن الأسعار لم تتضخم كما تضخمت أسعار السلع الأخرى. بالمقابل، يرى بعضهم ومنهم الخبير الاقتصادي محمد الجلالي في حديثه لإذاعة شام إف إم، أن أسعار العقارات حالياً في حالة تراجع وليس في ارتفاع، خاصةً عند مقارنتها مع باقي السلع، ويؤكد أن أسعارها حالياً مقارنةً بأسعارها قبل 2011 متراجعة.
الأسعار ارتفعت سواء بالمقارنة قبل أو بعد 2011
رغم حديث الجلالي بأن أسعار العقارات تتراجع، إلا أن الواقع ينفي حديثه جملةً وتفصيلاً، على الأقل في أماكن العشوائيات بدمشق، التي أخذها الموقع كعينة كونها الأرخص. وبعد عدة شكاوى وردت من تلك المناطق تتحدث عن ارتفاع أسعار العقارات في المناطق العشوائية (المخالفات – ملكية الدولة)، باتت الأسعار أكثر قرباً من أسعار المنازل في أماكن الطابو الأخضر.
يؤكد أحد السماسرة في ركن الدين لموقع تلفزيون سوريا، وهي تكاد تكون أكبر منطقة مخالفات في دمشق وتمتد على سفح جبل قاسيون بمساحة واسعة جداً ومتراكبة، أنه يشتري المنازل ويبيعها منذ 7 سنوات، مؤكداً أن لديه غرفة وموزعا مع منافع مساحتها بالكاد 35 متراً، اشتراها عام 2021 بما يساوي 5 آلاف دولار، بينما سعرها اليوم، بحسب الأسعار الرائجة، 150 مليون ليرة أي 10 آلاف دولار، بالتالي ارتفع سعرها 100%. بينما هناك شقق أخرى في أماكن أفضل ارتفعت أسعارها بنسبة 200% عن أسعارها قبل 2011.
يطرح السمسار مثالاً آخر عن منزل مساحته 85 متراً اشتراه صاحبه عام 2000 بـ500 ألف ليرة أي نحو 11 ألف دولار، بينما سعره اليوم 450 مليون ليرة أي 30 ألف دولار.
معاناة من يعتقدون أنهم يستطيعون شراء منزل في عشوائيات ركن الدين
يؤكد السمسار أن أحد الأشخاص طلب منه منزلاً بمساحة 120 متراً في العشوائيات، فوجد له منزلاً في مكان مرتفع على طريق مقام الأربعين، لكنه صدم بسعره، حيث طلب صاحب المنزل أكثر من نصف مليار ليرة (550 مليون ليرة) ثمناً له.
يؤكد السماسرة الذين التقاهم موقع تلفزيون سوريا أن الغرفة والصالة اليوم في أعالي الجبل في ركن الدين قد يصل سعرها إلى 150 مليون ليرة (10 آلاف دولار) مع السطح، الذي يعتبر ميزة لأنه قابل للتعمير. وقد ينخفض السعر أكثر تبعاً لمكان المنزل وكيفية الوصول إليه سواء عبر السرفيس أو الفانات أو الهوندايات أو مشياً على الأقدام.
الأسعار اقتربت من أسعار الطابو
سمسار آخر في المنطقة أشار إلى أن بعض المنازل القريبة من منطقة الطابو الأخضر، يرتفع سعرها أكثر، وتلك المنازل قد يصل سعرها إلى 700 مليون ليرة للمئة متر، وهذا بات قريباً من سعر المنازل ذات الملكية الخاصة (الطابو). عدة زبائن يبحثون عن منازل بمبالغ بين 250 – 300 مليون ليرة، أكدوا للموقع أن طلبهم شبه مستحيل. فإما أن يكون المنزل مقسماً بطريقة عشوائية ومساحته صغيرة ولا تدخله الشمس ويعاني من الرطوبة ويحتاج إلى صيانة، أو أن يكون المنزل لا يمكن الوصول إليه بوسيلة نقل واحدة في أعالي الجبل، في مناطق تعاني من خدمات بنية تحتية سيئة من ماء وكهرباء وصرف صحي.
وأكدوا أن أسعار المنازل الجيدة تبدأ من 450 مليون ليرة صعوداً إلى 700 مليون ليرة (46 ألف دولار)، وهو رقم غير منطقي، حيث يمكن شراء منزل طابو أخضر مكسي في سفح الجبل قرب شارع أسد الدين بـ800 مليون ليرة ولو كان بمساحة أصغر. بينما يمكنك شراء 70 متراً من بناء طابو أخضر على العظم في تلك المنطقة بسعر 490 مليون ليرة، وإنفاق الجزء المتبقي على الإكساء.
البطالة أحد أسباب رفع أسعار المنازل في العشوائيات
السماسرة الذين التقاهم الموقع يؤكدون أن أحد أهم أسباب ارتفاع أسعار العقارات في العشوائيات هي البطالة. كل شخص دون عمل أو عمله لا يكفيه لتغطية نفقاته، بدأ يتاجر بالعقارات. وليدخل السوق، يوهم أصحاب المنزل المعروض للبيع أنه قادر على جذب زبائن بسعر مرتفع ليحتكر البيت لديه ويحصل على نسبته (الكومسيون)، أو أن يضع السمسار ملايين الليرات حصة له وكأنه شريك في المنزل المعروض للبيع، كأن يقول لصاحب البيت: كل شيء فوق المبلغ الذي طلبته سيكون لي. وإن وافق صاحب المنزل، يبدأ السمسار بزيادة الأسعار. إضافةً إلى مشاركة أكثر من سمسار على منزل واحد، مما يرفع من حصصهم ويرفع من سعر المنزل.
أسهمت البطالة أيضاً برفع أسعار العقارات في تلك الأماكن بشكل آخر، حيث اضطر البعض لبيع غرفة من المنزل بسعر مرتفع يغطي كلفة مشروع ما أو سداد دين مرتفع، أو تغطية نفقة هجرة وغيرها من الأسباب. ما جعل تقييم أسعار المنازل يعود لسبب البيع نفسه والنفقات المنتظر تغطيتها من عملية البيع، وليس تقييماً حقيقياً لقيمة العقار الرائجة.
وأيضاً يضاف إلى أسباب ارتفاع أسعار المنازل هناك، كثرة الطلب على الشراء في العشوائيات في مرحلة سابقة كونها أرخص من غيرها من الأماكن بدمشق، حيث اضطر البعض لبيع منازلهم لتغطية نفقات ما واتجهوا نحو العشوائيات لشراء منازل أرخص. كثرة الطلب حينها رفعت الأسعار التي لم تهدأ حتى اليوم رغم ركود السوق وعدم وجود زبائن بحسب السماسرة.
يؤكد السماسرة أن ارتفاع الأسعار في العشوائيات أسهم بركود السوق، حيث لم تعد الأسعار في هذه المناطق تتناسب مع المبالغ الصغيرة التي يمكن أن يرصدها الأشخاص الذين يقصدون تلك المناطق.