icon
التغطية الحية

أبناء الخالة | قصة قصيرة جداً

2024.08.08 | 19:54 دمشق

456456
لوحة حصاد القمح (فان كوخ)
+A
حجم الخط
-A

كان عبَّاس ابن خالة مِرداس، وكان كلاهما فلاحًا ظريفًا، ويحب العبث كثيرًا. وهكذا في موسم الريَّ يفتعلان شجارًا بين الحين والآخر للترويح عن النفس المتعَبة من أعباء الفِلاحة. وكان شجارهما المتفق عليه يسير وفقًا لخطة مرسومة: يبتدر أحدهما صاحبه بأقذع الشتائم الموجهة لخالته "الموطوءة" – وهذه أعفُّ شتيمةٍ يقولها أحدهما للآخر – ثم تتوالى بقية الأحداث تِباعًا. لكن مناوشاتهما لا تبلغ حد العراك الجسدي إلا إذا تأكدا أن مراقب الرَّي أبا عايشة يمكن أن يسمع ما يقولان من مسافة ما.

***

كان أبو عايشة رجلاً من أهل الله – أي، درويشًا – وكان يسارع دومًا لفض الاشتباك بين عبَّاس ومِرداس. وحين يريانه مسرعًا نحوهما، يبدأ أحدهما يضرب الآخر فعلًا، تارةً بِعِقاله، وتارةً بالكريك. وحين يحول أبو عايشة بينهما، يشرع عبَّاس في تسديد ضربة لظهر الساقية، فيرد عليه مِرداس بضربتين على ظهر المراقب "بالخطأ" (والحاجوز ينضرب، بحسب العرف العشائري). وهما "يتضاربان" كانا يُدارِيان ضحكاتهما التي تتفلت من أشداقهما، بينما مراقب الرَّي يحاول جاهدًا حلَّ النزاع العائلي الذي يتكرر كل بضعة أيام، ويتلقى نصيبه المقسوم كلما تنازعا.

كلمات مفتاحية