البث المباشر
يعاني قطاع العسل في مناطق سيطرة النظام السوري من أزمة كبيرة من جراء قلة العاملين وتراجع الطلب مع ارتفاع الأسعار لمستويات قياسية.
ويعد العسل من السلع الكمالية بالنسبة لآلاف العائلات في سوريا التي تعاني في الأساس من أزمة عوز كبيرة، حيث وصل متوسط سعر الكيلو التجاري من العسل إلى نحو 75 ألف ليرة سورية.
وتشهد مناطق سيطرة النظام السوري أزمات اقتصادية متعددة تشمل جميع مناحي الحياة، وخصوصاً ما يرتبط بارتفاع أسعار الغذاء والمحروقات والأدوية، إلى جانب الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي والذي يتجاوز الـ 21 ساعة يومياً.
ويعد العسل السوري من الأنواع الجيدة في العالم، بسبب جودة المناخ وتنوعه من ناحية البيئة الزهرية التي يتغذى عليها النحل السوري من بيئة جبلية إلى بيئة ساحلية إلى بيئة أزهار المحاصيل المزروعة.
كم يبلغ سعر كيلو العسل في دمشق؟
وخلال الأشهر الماضية ارتفع سعر العسل بشكل عام إلى مستويات تاريخية الأمر الذي قلل من نسب طلبه في الأسواق.
ورصد موقع "تلفزيون سوريا" سعر كيلو العسل الجبلي في العاصمة السورية دمشق، حيث يبدأ سعر كيلو غرام واحد من 150 ألف ليرة سورية وصولاً إلى 250 ألف ليرة للأنواع الممتازة أو "نخب أول".
من جهته، قال عاصم عياش أحد العاملين في مجال العسل بدمشق، إن العسل الجبلي هو النوع الأكثر شهرة وطلباً في سوريا، ولكن ارتفاع سعره مؤخراً جعل الطلب عليه قليلاً.
وأضاف عياش في حديث لموقع "تلفزيون سوريا"، أن أنواع العسل المطلوبة حالياً في سوق دمشق وريفها هو العسل التجاري الذي تبدأ أسعاره من 65 ألف ليرة إلى 80 ألف ليرة.
وأشار إلى أن مشكلة العسل التجاري أنه ليس عسلاً جيداً، وأظن أنه خال من الفوائد الطبية التي تبحث الناس عنها في العسل، بما يخص الشفاء والعلاجات.
ولفت إلى أن "إحدى الزبونات قالت له إن العسل التجاري لا يفرق عن المربيات المصنوعة من الفريز أو الكرز أو المشمش على الأقل تلك المربيات يضاف لها السكر ونعرف ذلك أما العسل فلا نعرف كيف يغش أصلاً".
ويبلغ سعر كيلو العسل بشهده (مع الشمع) بين 75 ألف و90 ألف ليرة سورية، ولكن العسل الجبلي بشهده قد يرتفع سعره أحياناً إلى 100 ألف ليرة للكيلو.
ارتفاع أكثر من 100 بالمئة
وخلال أقل من ستة أشهر ارتفعت أسعار العسل في مناطق سيطرة النظام السوري إلى أكثر من 100 بالمئة الأمر الذي أثر على قطاع النحالين بشكل عام.
وكان سعر كيلو العسل الجبلي الممتاز لا يتجاوز الـ 140 ألف ليرة سورية في آب 2022، ولم يكن سعر الكيلو يتجاوز الـ 20 ألفا إلى 25 ألف ليرة سورية في عام 2021.
ويعاني القطاع كذلك من قلة اليد العاملة مع قلة الطلب وكثرة المعروض وانخفاض نسبة الأرباح حيث لا يفضل الكثير من الناس العمل في المجال لساعات طويلة وبمخاطر جني العسل مقابل رواتب قليلة.
ويبلغ سعر خلية النحل أو ما يعرف بين النحالين بـ "النحلة" بين 1.5 مليون ليرة و3 ملايين ليرة سورية بحسب عدد النحلات فيها.
ويصل عدد النحلات بخلية النحل بين 15 ألف إلى 30 ألف نحلة، ويختلف من مكان إلى آخر، إذ يرتبط بالمناخ ودرجة الحرارة ونسبة الأمطار سنوياً.
وبحسب عياش العامل في مجال تربية النحل أيضاً، قال لموقع "تلفزيون سوريا" إن بعض النحالين يلجأ لتشكيل خلايا من الشمع الصناعي بكلفة لا تتجاوز الـ 750 ألف ليرة للخلية الواحدة، وهذا يخرج بعسل رديء بمعظم أنواعه.
وأضاف أن سعر ملكة النحل وحدها يصل إلى مليون ليرة، وقد يستطيع الخبراء من النحالين شراءها بنحو 800 ألف ليرة.
ولفت إلى أن النحالين الذين يعملون معه يلبسون بدلات نحالين نظامية يصل سعر الواحدة منها إلى 400 ألف ليرة على الأقل.
تراجع الإنتاج المحلي
وتشهد سوريا بشكل عام تراجعاً في إنتاج العديد من المنتجات بما فيها العسل بسبب سوء إدارة القطاعات والتصدير العشوائي إلى جانب ارتفاع نسب الفساد إلى أعلى المستويات.
وفي السياق، قال عبد الرحمن قرنفلة، عضو اتحاد النّحالين العرب، إن "أسعار عسل النحل في السوق السورية شهدت ارتفاعاً، متأثرة بانخفاض المعروض من عسل النحل الصافي والنقي، نتيجة انخفاض الإنتاج المحلي من العسل، وباقي منتجات خلية النحل (غذاء ملكي، حبوب لقاح، شمع..).
وأعاد قرنفلة الأسباب إلى الظروف المناخية التي تعرضت لها البلاد، والتي ساهمت في تراجع طول موسم ازدهار الحمضيات ومحصول حبة البركة، وهما من أهم المحاصيل وخاصة لمربي النحل في المناطق الساحلية والوسطى، بحسب صحيفة "تشرين" التابعة للنظام السوري.
والأسباب المناخية دفعت بالناس لنقل المناحل إلى حقول اليانسون لتعويض الخسائر في محصولي الحمضيات وحبة البركة، إلى جانب التأثر الذي طرأ كذلك على إنتاج العسل الجبلي مع موجة الحر التي كانت في الصيف.
وتشير التوقعات إلى أن إنتاج الموسم لم يتعدَّ الـ 1500 طن من العسل في 2022 بينما تجاوز عام 2021 الــ 2500 طن.
أنواع العسل السوري
وتختلف أنواع العسل السوري إلى العديد من الطعمات والنكهات بحسب نوع الزهرة التي يتغذى عليها النحل والذي ينعكس على طعمة وجودة العسل.
ومن أشهر أنواع العسل في سوريا، عسل الحمضيات الذي يتم إنتاجه في محافظتي اللاذقية وطرطوس، وفيه بعض الحموضة المأخوذة من زهر البرتقال والليمون والكرمنتينا.
كما تشتهر سوريا بعسل "حبة البركة" المنتشر في مزارع حبة البركة، وعسل اليانسون، وعسل الكينا، وعسل الأزهار البرية، وأخيراً العسل الجبلي الأفضل والأنقى.
وفي تعليقه على ذلك، قال عياش: إن هناك أنواعا أخرى من العسل ولكن ليست مشهورة وغير مرغوبة في سوريا، مثل عسل الكمون، والعسل الشوكي.
ولفت إلى أن تجار العسل والنحالين يقومون بنقل نحلاتهم من مكان إلى آخر بحسب الموسم وأحوال الطقس، حيث يمكن نقل النحل بالخلية من ريف دمشق إلى الساحل السوري، وهنا ينتج النحل عسل جبلي في شهر حزيران تقريباً، وينتج عسل حمضيات في شهر كانون الثاني تقريباً.
