نشرت مجموعة هكرز إيرانية معارضة ملفاً يتضمن "رسالة سرية للغاية" موجهة من منظمة استخبارات "الحرس الثوري" إلى الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، تحت عنوان "تحذير بشأن الأداء الاقتصادي للدول المنافسة لإيران في سوريا".
وتناقش الرسالة، التي سربتها مجموعة هكرز مقربة من منظمة "مجاهدي خلق" الإيرانية، تطلق على نفسها اسم "انتفاضة حتى الإطاحة"، ضرورة "توسيع النفوذ الإيراني في منطقة غرب آسيا من المستوى العسكري والأمني إلى المستوى الاقتصادي" من خلال "لعب دور في إعادة إعمار سوريا"، و"تعزيز المحور الاقتصادي للمقاومة".
وتؤكد الرسالة على "أهمية استغلال التحالف الاستراتيجي الإيراني مع النظام السوري، والموقع الجيوسياسي والجيوستراتيجي لسوريا، الواقع في ملتقى القارات الثلاث آسيا وأوروبا وأفريقيا، ليكون هذا البلد بوابة دخول إيران من هذه القارات الثلاث.
وتحذر الرسالة من أن "خصوم إيران الإقليميين، مثل تركيا والإمارات العربية المتحدة"، يحاولون "الحد من نفوذ إيران الاقتصادي في مستقبل سوريا وخلال فترة إعادة إعمار"، مشيرة إلى أن "إهمال فترة إعادة الإعمار السورية يمكن أن يؤثر على إنجازات إيران في العقد الماضي والنفقات التي تكبدتها في هذا المجال".
حصة إيران من السوق السورية 5 %
وتوصي الرسالة المسربة بأن "إيران تحتاج إلى نموذج استراتيجي لتعزيز الاقتصاد السوري لمنع سوريا من الابتعاد عن محور المقاومة، ووقوعها تحت نفوذ الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين، مع الأخذ في الاعتبار الاحتياجات الاقتصادية لهذا البلد".
وتظهر الرسالة أن "دراسات الخبراء تشير إلى أن مستوى العلاقات التجارية بين البلدين، بالنظر للقدرة التجارية العالية للسوق السورية، أقل بكثير من الحد المتصور، وينظر له على أنه غير ذي أهمية، مقارنة بحجم تجارة إيران مع دول مثل الصين وتركيا والمملكة العربية السعودية ومصر وحتى العديد من الدول الأوروبية".
وتستعرض الرسالة "السرية للغاية" بعض الإحصائيات التجارية بشأن مستوى التبادل التجاري الإيراني - السوري، مشيرة إلى أنه "خلافاً للمنحى النزولي للمبادلات الثنائية الإيرانية السورية، استطاعت تركيا، أحد المنافسين الإقليميين الخطيرين لإيران في مجال التجارة الإقليمية، رفع صادراتها إلى سوريا من 9% في عام 2010 إلى 26% في عام 2018، لتحتل المرتبة الأولى للمصدرين لسوريا في ذلك العام".
وتضيف الرسالة أنه "في عام 2019، استطاعت إيران إيصال صادراتها إلى سوريا لمعدل 162 مليون دولار (المرتبة السادسة)، لكن حصة إيران من السوق السورية ما زالت أقل من 5% فقط".
"كريدور" إيران نحو المتوسط
وأوضحت الرسالة أن "إيجاد كريدور كبير ومنخفض الكلفة (بحري وبري وسككي) يصل بين جنوب إيران والموانئ الجنوبية الإيرانية بموانئ البحر المتوسط هو مخطط يسعى هذا البلد لتفعيله منذ عام 2012"، مضيفة أن "أحد القدرات المحتملة للتجارة الإيرانية مع سوريا هو إمكانية تصدير البضائع الإيرانية مجدداً، والإنتاج المشترك والصادرات، نحو الدول العربية من خلال سوريا".
وشددت الرسالة على ضرورة "استمرار النشاط الاقتصادي الإيراني في سوريا قبل متابعة قضية الصادرات إلى سوريا بشكل حصري".
وتقترح الرسالة "تقوية الآلية المؤسسية للجانب الإيراني (هيئة تطوير العلاقات الاقتصادية الإيرانية السورية) في سوريا من أجل التخطيط والتنفيذ، وإزالة عوائق القطع الأجنبي، وتكامل البنية التحتية للنظام المصرفي في إيران وسوريا، وتطوير الصناعة المشتركة، وتحضير وكتابة برنامج التطوير التجاري المشترك من خلال تفعيل المناطق الحرة، وتفعيل شبكة التجارية للمهاجرين السوريين".
وفي حزيران الماضي، حصل موقع "تلفزيون سوريا" على وثائق حصرية من مجموعة "انتفاضة حتى الإطاحة"، المقربة من منظمة "مجاهدي خلق"، كشفت عن مخطط إيراني لبناء مصفاة إيرانية على شواطئ المتوسط تعتمد على النفط الإيراني المصدر إلى سوريا عبر ميناء بانياس.
همينة روسية
واستعرضت الرسالة النهج الاقتصادي لكل من روسيا والصين وتركيا والدول العربية في سوريا، ليحتل القسم الروسي الجزء الأكبر من الوثيقة، في دلالة غير مباشرة على مدى الهيمنة الروسية على موارد الاقتصاد السوري.
وذكرت أن "موسكو تطالب بالتعويض عن تدخلاتها العسكرية في سوريا من خلال الاستفادة من السوق السورية والاستثمار في هذا البلد من أجل تحقيق أقصى قدر من الربح، وهو ما يظهر بوضوح من الطريقة التي تبرم بها هذه الدولة العقود والمشاريع طويلة الأجل مع الحكومة السورية".
وأشارت إلى "تشكيل لجنة مشتركة بين الحكومتين السورية والروسية (اللجنة الحكومية الدولية الدائمة السورية الروسية) في كانون الأول 2018 لتوسيع وتعميق التعاون في المجالات الاقتصادية والصناعية والتجارية والعلمية والثقافية والفنية"، موضحة أنه "خلال 12 جولة من المفاوضات مع 11 مجموعة متخصصة، تمكنت هذه اللجنة من إعداد 20 وثيقة تعاون، بما في ذلك في قطاعات النقل والطاقة والصحة والزراعة والصناعات والمناجم".
وتطرقت الرسالة إلى استثمار روسيا في الفوسفات السوري، موضحة أن شركة ستروي ترانس جاز STG الروسية الحق في استخراج 2.2 مليون طن من الفوسفات السورية لمدة 50 عاما، بحيث تكون حصة روسيا 70%، وحصة النظام 30%، بموجب عقد تم تصديقه في مجلس الشعب السوري في مارس/آذار 2018.
ونوهت أيضاً إلى عقد تأجير ميناء طرطوس لمدة 49 عاما من قبل نفس الشركة الروسية في حزيران 2019.
التنين الصيني "المتوجس"
وعن النهج الاقتصادي الصيني في سوريا، قالت الرسالة إن "الأداء الحالي للصين يظهر أن هذا البلد لن يدخل جدياً في مجال إعادة إعمار سوريا إلا بعد سيطرة الحكومة السورية بشكل كامل على كل المناطق".
ووفق الرسالة المسربة، فإن "أحد القضايا المهمة التي يمكن أن تشجع الصين على الوجود في سوريا هو مرور طريق الحرير عبر هذا البلد؛ لكن الصين ستستعين بتركيا حالياً في هذا الطريق، لأنها أكثر أماناً وازدهاراً من سوريا، وتعتبر أيضاً طريقاً أقصر للوصول إلى أوروبا".
النهج العربي
وعن نهج الدول العربية الاقتصادي في سوريا، ذكرت الرسالة أن السعودية خصصت عام 2018، 100 مليون دولار لمشاريع التحالف الدولي في شمال شرقي سوريا، والتي كانت بيد الأكراد السوريين، بناء على طلب الولايات المتحدة.
وقالت الرسالة إن السعوديين ييحثون حالياً عن طريقة للمشاركة في إعادة إعمار سوريا وزيادة نفوذهم.
ووفق الرسالة السرية، فإن السعودية "تحاول الدخول بشكل غير مباشر في إعادة إعمار سوريا، ولذلك وقعت عقداً مع مصر بهدف إنشاء شركات وسيطة للاستثمار في سوريا حتى تتمكن من المشاركة في إعادة إعمار سوريا من خلال هذا البلد".
وأضافت أنه "من أجل خلق تبادلات تجارية على مستوى القطاع الخاص واستبدال البضائع الزراعية السورية بالبضائع التركية، فتحت الحكومة السعودية معبر الحديثة أمام الشاحنات السورية بعد نحو 9 سنوات في تشرين الأول 2020".
وفي السياق نفسه، قالت الرسالة الاستخباراتية إن "الإمارات تسعى لاستعادة نفوذها الاقتصادي قبل الأزمة من خلال المشاركة الجادة في إعادة إعمار سوريا، ويبدو أن أحد أهم أهداف الإمارات في هذا الاتجاه هو الحد من نفوذ إيران وفي المرحلة المقبلة مواجهة تركيا".