تشهد الأفران في دمشق ازدحاماً شديداً في مشهد يعتقد البعض أنه ينذر بأزمة تلوح في الأفق، حيث تعمل الأفران بوتيرة بطيئة وتتوقف بين الحين والآخر خلال اليوم، مع تأكيد بعض المواطنين بأن الخبز بات أسمر اللون، ما يشير إلى قلة القمح واستخدام النخالة.
تضارب تصريحات
في أيلول الماضي، أعلن المدير العام للمؤسسة السورية للحبوب التابعة للنظام عبد اللطيف الأمين أن الحكومة قررت استيراد مليون و400 ألف طن من القمح الخبزي الطري بهدف "تعزيز المخزون الاستراتيجي من مادة القمح لفترات مناسبة والحفاظ على الأمن الغذائي". جاء ذلك بعد 3 أشهر تقريباً من تصريح لوزير الزراعة حسان قطنا لرويترز أكد فيه أن سوريا ستخفض استيراد القمح في 2023 للنصف بقوله: "الكميات التي سيتم استيرادها في هذا العام ستعادل خمسين بالمئة مما كانت تستورده سوريا في الأعوام السابقة وبالتالي هذا يعتبر إنجازاً جيداً".
يعزو قطنا تخفيض الاستيراد للنصف إلى زيادة كمية القمح المنتجة محلياً هذا العام، لكن حديثه يتناقض مع مدير المؤسسة السورية للحبوب، حيث يعتبر الـ1.4 مليون طن المراد استيراده هذا العام أقل بقليل من الكمية المستوردة في العام الماضي 2022 أي أكثر من النصف بكثير. حيث بلغت كمية القمح الموردة خلال عام 2022 وفق العقود المبرمة 1.646 مليون طن بكلفة وصلت إلى 552 مليون دولار بحسب تصريحات الأمين لصحيفة تشرين العام الماضي.
يؤكد خبير اقتصادي بدمشق فضل عدم ذكر اسمه، أن تضارب الأرقام مع التصريحات يشير إلى أن مشكلة ما قد حدثت، وتطلّب ذلك استخدام المخزون الاستراتيجي استناداً إلى تصريح مدير مؤسسة الحبوب الذي أكد أن الكميات المزمع استيرادها ستستخدم للمخزون. تأخر الإعلان عن النية في استيراد القمح الروسي حتى أيلول يعني أن إجراءات استيراده قد تتطلب وقتاً ما قد يسبب أزمة على الأفران بالفعل، مع زيادة استخدام النخالة لتخفيف الضغط على المخزون.
يشير الخبير إلى أن السبب الرئيس ربما من تأخير استيراد القمح واستخدام المخزون الاستراتيجي، هو تخفيف فاتورة الاستيراد وعدم الضغط على قيمة الليرة السورية التي انهارت خلال النصف الأول من العام وزاد الوضع الاقتصادي تدهوراً ما زاد من الاحتجاجات ضد النظام، وهذا ما جعله يؤجل دفع ملايين الدولارات ثمناً للقمح ومحاولة دعم سعر الليرة بدلاً من ذلك.
المخبوزات ترتفع أكثر من 150 بالمئة خلال عام
في العودة إلى الأفران، فقد وصل سعر ربطة الخبز أمام الفرن الحكومي بالسوق السوداء أوقات الذروة وتوقف الأفران عن العمل إلى 5 وانخفضت إلى 4 آلاف ليرة خارج تلك الأوقات، في حين يحتاج الشخص للانتظار ساعتين إلى 3 ساعات على الطابور للحصول على مخصصاته من الخبز بالسعر الرسمي.
وارتفع سعر ربطة الخبز السياحية الصغيرة إلى 5500 - 6000 ليرة سورية والكبيرة بين 9500 – 10000 ليرة سورية، في حين وصل سعر كيلو الصمون إلى 15 – 16 ألف ليرة سورية، وخبز النخالة إلى 4500 ليرة.
ويعزو أصحاب الأفران الخاصة سبب ارتفاع أسعار مخبوزاتهم إلى رفع سعر المازوت وارتفاع سعر الطحين. في آب الماضي رفعت الحكومة في دمشق سعر المازوت للمخابز التموينية الخاصة ليصبح 700 ليرة سورية للتر الواحد، وللقطاع الصناعي والقطاعات الأخرى (الحر) من 5400 ليرة إلى 11550 ليرة سورية للتر الواحد. في الشهر ذاته عادت الحكومة لترفع سعر المازوت الحر إلى 12800 ليرة، ثم في أيلول عادت ورفعته إلى 13 ألف ليرة.
ويعود آخر تعديل لأسعار مخبوزات المخابز الخاصة إلى آذار الماضي، حيث رفع سعر الكعك إلى 14 ألف ليرة والصمون إلى 9 آلاف ليرة، ولم يصدر شيء بخصوص الخبز السياحي وسط مطالب المخابز بتحرير سعره.
وفي أيلول العام الماضي، كان سعر ربطة الخبز أمام الأفران في السوق السوداء نحو 1500 ليرة وقد تصل إلى 2000 ليرة في الأزمات أي أن سعرها ارتفع خلال عام أكثر من 150%، في حين كان سعر ربطة الخبز السياحي الكبيرة ما بين 3,800 – 4,200 ليرة سورية، والربطة الوسط بين 3,000 – 3,200 ليرة، والربطة الصغيرة بين 1,800 – 2,000 ليرة، في حين بلغ سعر ربطة خبز التنور قياس صغير العام الماضي عدد 5 أرغفة إلى 2,500 ليرة بسعر 500 ليرة للرغيف، والكبير بـ1,000 ليرة.
وتراوح سعر كيلو الصمون العام الماضي بين 5,000 – 6,000 ليرة، وسعر كيلو الكعك بين 9 آلاف و10 آلاف ليرة.