icon
التغطية الحية

"مقاوم للزلازل".. معيار جديد لسوق العقارات في شمال غربي سوريا

2024.08.27 | 17:00 دمشق

آخر تحديث: 27.08.2024 | 18:06 دمشق

5
صورة تعبيرية - عمال بناء ومهندسون يشيدون مبنىً في شمال غربي سوريا (إنترنت)
إدلب - عبد المجيد القرح
+A
حجم الخط
-A

ملخص:

  • مقاومة الزلازل يعد معيارا أساسيا في شراء واستئجار المنازل شمال غربي سوريا بعد الزلزال المدمر العام الماضي.
  • معايير السلامة في البناء أصبحت أولوية، لكن تنفيذها يزيد من تكاليف العقارات، مما يشكل تحدياً للمشترين.
  • البلديات تحت إشراف "حكومة الإنقاذ" تراقب تنفيذ معايير البناء للحد من تأثيرات الزلازل.
  • تحسن إجراءات التدقيق الهندسي بعد الزلزال، مع زيادة الوعي لدى السكان حول أهمية اقتناء بيوت متينة ومقاومة للزلازل.

بعد أن نجا بأعجوبة من الزلزال مع 8 من أفراد أسرته، انتقل إبراهيم شبيب (55 عاماً) إلى بيت آخر في الحي ذاته بمدينة إدلب، ولكن منزله الجديد كان في مبنى مُشيد حديثاً، ويقول إن المتعهّد المشرف على بناء العمارة أخبرني بأنه "مقاوم للزلازل"، وهذا الأمر يشعرني بالأمان النفسي لا سيما بعد تكرار الهزات الارتدادية.

"مقاومة الزلازل" معيار جديد بدأ يأخذ حيّزاً من اهتمامات السكان وتفضيلاتهم في أثناء شراء البيوت واستئجارها، في شمال غربي سوريا.

وأصبح الالتزام بمعايير السلامة في المباني من الأولويات بعد أن كان رفاهيّة وأمرا لا يلقى له بالاً قبل الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا في شباط/فبراير 2023.

وتزداد أهمية مراعاة شرط "المقاومة للزلازل" في ظل تزايد الزحف العمراني في محافظة إدلب بعد الزلزال المدمر، العام الماضي.

وتشرف "حكومة الإنقاذ" على وضع الخطط ومراقبة مواصفات البناء، بالاستناد إلى "كود البناء العربي السوري"، الذي يعتمد أيضاً معايير المطابقة لمقاومة الزلازل. 

أسعار إضافية مرهقة

يقول المهندس المعماري أحمد جقمور مدير شركة نور الهندسية، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، أصبحت مراعاة معيار مقاومة الزلزال حاجة ملحة في أثناء دراسة المبنى في ظل الموجات الزلزالية المتتالية التي تتعرض لها المنطقة.

ويضيف جقمور، أن تحقيق هذا الشرط يزيد من تكاليف التنفيذ ما يشكّل تحدياً إضافياً في سوق العقارات.

بدوره، يقول إبراهيم شبيب، إن أسعار المنازل المقاومة للزلازل أعلى قليلاً لكنّها وفّرت لي الأمان والراحة"، وإن أسعار العقارات مناسبة نظراً لأن هذه الأبنية تتطلب كمية أكبر من الحديد والخرسانة".

خلقت الكارثة التي خلفها زلزال العام الماضي هاجساً حقيقياً لدى السكان في المناطق المتضررة، وخاصة في شمال غربي سوريا، وباتت جودة العرض والطلب في سوق العقارات تعتمد على معيار "مقاومة الزلزال".

خالد الراعي (54 عاماً) انتقل إلى مدينة إدلب منذ 10 أشهر، كان يسكن في بيت ريفي يحوي ساحة خارجيّة غربي سهل الروج، ويعمل كمدرّسٍ ما دفعه لشراء منزل قرب مكان عمله.

يقول خالد، "قمت بفحصه قبل الشراء في أثناء بنائه"، موضحاً أنه استشار فنيين متخصصين بشأن متانة البناء ضد الزلازل الأمر الذي جعله يشعر بالاطمئنان.

على الرغم من ارتفاع أسعار الأبنية "المقاومة للزلازل" يلجأ العديد إلى اختيار منازل توفر قدر من مقاومة الهزات.

الوضع المادي الصعب أجبر رانيا الأخرس (37 عاماً) على العيش مع أبنائها الثلاثة في شقّة ضمن بناء لا توجد فيه أعمدة كليّاً "يعتمد المبنى على استقرار الجبل الواقع فيه"، تعيش رانيا في سلقين بريف إدلب الغربي وهي منطقة جبليّة، سكنت فيه منذ 4 سنوات ولا تفكر في تغييره رغم الهزات التي ما تزال تتعرض لها المنطقة، "البيت مشمس وتهويته جيدة، وإيجاره منخفض وهو الأهم، مالك البيت لم يرفع الأجرة منذ أن سكننا؛ على عكس ما هو سائد".

الإجراءات المستخدمة في المباني

"نفى المهندس أحمد جقمور وجود مبان مقاومة للزلازل بشكل مطلق، ويوضح أن الأمر مرتبط بشدة الزلزال ومدته، والبعد عن مركزه، ويقول "نحن نتخذ الحيطة والحذر والإجراءات اللازمة للحد من تأثيرات أحمال الزلازل".

ووفقاً للمهندس، فإن الاعتماد على عناصر إنشائية مقاومة للزلازل والقوى الأفقية يكون من خلال "إضافة جدران قصّية من البيتون المسلح في المبنى أو استخدام الإطارات والعقد الصلبة" بالإضافة إلى اختيار مواد بناء بمواصفات مقبولة هندسياً، فالجبالة اليدويّة تؤثّر سلباً على البناء والأفضل استخدام "المجبل المركزي ذي العيار الدقيق" حسب وصفه.

من جانبه يقول مدير الشؤون الهندسية في وزارة التنمية المحلية التابعة لـ "حكومة الإنقاذ" مصطفى السعيد، إن البلديات التابعة للوزارة تقوم بإجراء دوريات مستمرة لمراقبة المخالفات"، وتمنع صبّ أي عنصر بيتوني قبل الحصول على الموافقة "لضمان مطابقة التسليح وعيارات الإسمنت لما هو مدرج في المخططات الإنشائية.

ويضيف السعيد، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، أن وزارة الإدارة المحليّة سنّت إجراءات عدة لضمان سلامة الأبنية، كتصديق المخططات عبر لجان التدقيق الهندسي، كما تقوم البلديات بمتابعة عملية التنفيذ من خلال الزيارات الدورية للموقع، ومحاسبة المخالفين.

ويتابع قوله، كما تم استحداث دائرة خاصّة لمتابعة وتقييم سير العملية الإشرافية، إضافة إلى مراقبة حالة الأبنية القائمة عبر جولات دورية من البلديات، تبدأ برفع طلبات المعاينة للأبنية المشكوك في سلامتها إلى لجان السلامة الإنشائية، التي تقدّم تقريراً يتضمن المقترحات التدعيمية إذا لزم الأمر.

تطوّر القطاع الهندسي بعد الزلزال

منْحُ المهندسين صلاحيّة اختبار المواد من أهم الأدوات التي ساعدتهم حسب المهندس أحمد جقمور، إذ يتمّ اختبار الحديد والإسمنت من أجل "معرفة مصدرها، وتحليلها، وتحديد مدى مقاومتها ومطابقتها للمواصفات العالمية".

ويضيف أن اختبار مدى مقاومة المباني للزلازل يتطلب بناء مبانٍ خاصّة ما يتطلب تكاليف باهظة لا يمكن تحملّها في الوقت الحالي "نكتفي بانتقاء مواد ضمن الشروط، كتجارب شد الحديد وسحق مكعبات البيتون".

أما مدير الشؤون الهندسية مصطفى السعيد، يرى أن هناك تحسناً ملحوظاً بين التدقيق الهندسي بعد الزلزال مباشرة والمرحلة الحالية.

ويقول السعيد، "تطورت عملية التدريب الإنشائي ودراسات الزلازل"، لافتاً إلى أنّ التحسّن في القطّاع الهندسي يتزامن مع انتشار وعي بين الأهالي لاقتناء بيوت متينة.

ويشير المهندس جقمور إلى وجود أبنية شيّدت خلال فترة الفوضى تم تنفيذها بمواصفات "سيئة" وهي مأهولة وعددها كبير، ويقول "من الصعب تأهليها لمقاومة الزلازل لأنها مسكونة وتحتاج إلى مبالغ كبيرة في حال موافقة مالكيها"، ومعظم مالكي هذه البيوت غير قادرين على تحمّل تلك التكاليف.

في حين يقول مصطفى السعيد إن الوزراة وضعت خططاً مستقبلية تتضمّن تشكيل لجان سلامة إنشائيّة لمتابعة الحالات القائمة مثل إضافة طوابق أو هدم أو تدعيم المنشآت وتقييم حالاتها الفنية، إضافة إلى دعم مخابر التربة وتشجيع البحث العلمي الهندسي للاستفادة من تجارب الدول التي تعاني من الكوارث المتكررة.