تعمل كثير من النساء السوريات في مصر بعدة مهنٍ خارج وداخل منازلهن، تحمل كثيرا من التحديات والصعوبات، فضلاً عن مهنٍ لم يألفها الشارع السوري قبل اندلاع الثورة.
أعمال خارج المنزل
يعدّ التدريس في المراكز التعليمية السورية، التي افتتحت بعد تزايد أعداد اللاجئين، من أكثر الوظائف التي لجأت إليها السوريات في مصر.
هيفاء علي أحمد (29 عاماً) لاجئة سورية من ريف دمشق، تقول في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، إنّها عندما وصلت إلى مصر، في العام 2013، وجدت نفسها بحاجة ماسة إلى العمل، باعتبار دخل زوجها لم يكن كافياً لسد الاحتياجات، ما دفعها للدراسة في جامعة "عين شمس" بالقاهرة، قسم اللغة العربية، وبعد تخرّجها بدأت العمل في المراكز التعليمة.
وتضيف: "تشاركنا الأهداف، أنا وسوريات كثيرات ممن تعرفت عليهن في القسم الذي درست فيه، كنّا ندرس من أجل الحصول على شهادة جامعية تخولنا العمل في المراكز التعليمية، لإعالة عائلاتنا ورفع نسبة الدخل الشهري".
أمّا حنين محمد، وهي لاجئة من ريف دمشق، وصلت إلى مصر قبل 11 عاماً وعمِلت في أماكن مختلفة بهدف مساعدة والدتها مادياً ولبناء شخصيتها، تقول إنّها بدأت العمل في سن الثالثة عشر، وفي البداية لم يكن راتبها يكفي سوى لمصروفها الشخصي، ولكن مع الوقت تحسّن كل شيء وأصبحت مصورة فوتوغرافية بعد خضوعها لورشات تدريبة.
بدأت "حنين" تشارك في مصروف البيت بالتزامن مع تطوير نفسها في عملها، ولاحقاً باتت معروفة في الوسط المحيط بها لتُعلن، قبل أشهر، عن افتتاح استديو خاص بها في منطقة "العبور" القريبة من القاهرة.
اقرأ أيضاً.. "سوريات" و"الجالية السورية" في مصر.. خدمات يفتقدها السوريون
بدورها شيماء علي، وصلت إلى مصر قبل أشهر ووجدت نفسها وزوجها أمام مسؤوليات كبيرة، ما دفعها للعمل في محل لبيع (الفول، الفلافل، التسقية) ما يُعرف بالفطور السوري، وبدأت تعمل لساعات طويلة إلى جانب أحد أقربائها كونها على دراية بإعداد هذه المأكولات.
لم تكشف "شيماء" كثيرا من التفاصيل خلال حديثها مع موقع تلفزيون سوريا، ولكنها أكّدت أن الحاجة المادية هي التي دفعتها للعمل في هذا المجال، كونها لا تحمل أية شهادة جامعية تخوّلها العمل في مراكز تعليمية وغيرها.
"أم أحمد"، لاجئة من غوطة دمشق الشرقية وتبلغ من العمر 45 عاماً، تسكن عند ابنتها الوحيدة بعد أن توفي زوجها بمرض السرطان، اختارت العمل في محل لبيع الألبسة النسائية، موضحةً أنّها لجأت إلى العمل لمساعدة زوج ابنتها، إذ إن الدخل الشهري له قليل جداً، في ظل الأسعار المرتفعة أمام مستلزمات الحياة.
ولم تتوقف مجالات العمل خارج المنزل عند ذلك الحد، فعلى سبيل المثال، السيدة وداد علي (37 عاماً) لاجئة من محافظة حلب، عمِلت في توصيل الطلبات عبر سيارتها، وإيصال الطلاب إلى مدارسهم.
وخلال حديثها لـ موقع تلفزيون سوريا، قالت إنّ زوجها تركها في مصر وعاد إلى سوريا، فوجدت نفسها وحيدة مع طفلتها تصارع متطلبات الغربة، مضيفةً: "كان لدي مبلغ من المال، فاشتريت سيارة كوني أجيد القيادة وبدأت العمل، الأمر لم يكن سهلاً في البداية، وقيادة السيارة في مصر أمر صعب جداً، لكن مع مرور الوقت بت أقود بكل ثقة، وأحب عملي جدا رغم الإرهاق الذي أشعر به".
اقرأ أيضاً.. سوري يروي تجربته في الحياة بمصر ويمتدح حسن تعامل شعبها |فيديو
السوريات في مصر خضن العديد من مجالات العمل خارج المنزل، البعض منهن افتتحن صالونات تجميل خاصة بهن، وأخريات عمِلن في معامل تغليف ومعامل ألبسة وغير ذلك.
أعمال داخل المنزل
بعض النساء السوريات اخترن العمل من المنزل، بسبب صعوبة الخروج منه أحياناً لوجود أطفال، وأحياناً لعدم وجود الفرصة المناسبة، وأكثر ما اشتهرن بعمله هو طهي المأكولات السوريّة، التي أحبتها العائلات المصرية، كما تقول كاميليا محمود (44 عاماً)، لاجئة من ريف دمشق.
وتوضّح كاميليا أنها اضطرت للعمل لأنّها لجأت إلى مصر برفقة ابنها وابنتيها، بينما بقي زوجها في سوريا، ومع مرور الوقت وبقائها عند إخوتها رأت أن الحاجة للعمل تزيد، فبدأت مشروعها في طهي المأكولات السورية وسوّقت لنفسها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأصبح العائد المادي جيداً نوعاً ما.
ولاحقاً وصل زوجها من سوريا، لكن تبيّن أنّه مصاب بمرض سرطان الأمعاء، ما دفعها للعمل أكثر وأكثر على مشروعها فلقد باتت المسؤوليات كبيرة جداً وحظيت بدعم من الإعلامية المصرية، دعاء فاروق، التي ساعدتها في التسويق لمشروعها، وبدأت بالخروج في معارض تُقام بمناطق مختلفة في مصر لتعرض أصناف الطعام التي تعمل على طهيه، وباتت واحدة من أشهر السوريات اللاتي يعملن في هذا المجال.
وبعض السوريات اخترن العمل في إعداد الحلويات بمختلف أصنافها مثل "المعمول السوري، المعروك، قوالب الكيك" وغيرها من الأصناف، وأخريات بتن ينزلن إلى أسواق الجملة الضخمة في مصر مثل سوق "العتبة" في القاهرة، ويشترين الملابس أو اللوازم التي تحتاج إليها السوريات في المطابخ وترتيب المنازل.
كذلك اتجهت بعض النساء للعمل على استيراد الألبسة من سوريا والتسويق لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ بات من المألوف أن ترى كثيرا من الصفحات والمجموعات التي تبيع الألبسة المستوردة.
رهف علي (27 عاماً) سوريّة مقيمة في القاهرة، ترى أن عمل النساء السوريات بات حاجة ملّحة في الآونة الأخيرة، بسبب الغلاء وكثرة المسؤوليات على العائلات السورية، مشيرةً إلى أنّها تعمل في مجال بيع الألبسة السورية (أون لاين)، لمساعدة زوجها في دفع مصاريف دراسة أطفالها وتأمين احتياجاتهم.
اقرأ أيضاً.. سوريون يزرعون أسطح المنازل لكسب رزقهم في مصر |فيديو
تقول رهف لـ موقع تلفزيون سوريا: "نواجه تحديات كثيرة ومسؤوليات أكبر من المتوقع، نحن نحتاج شهرياً كما باقي السوريين لدفع إيجار المنزل ومصاريف المدرسة والطعام والشراب، فضلاً عن نفقات نضطر إلى دفعها شهرياً بين تصليح بعض الأعطال أو تكاليف الذهاب إلى الطبيب، ومبالغ لتجديد جوازات السفر.. وغير ذلك".
صعوبات وتحديات وأجور قليلة
أجمعت معظم النساء السوريات على أن أبرز التحديات التي واجهتهن خلال عملهن، نظرة المجتمع السوري في مصر لهن، فكان من غير المألوف عمل المرأة السورية على سيارة أو في محل لبيع المنتجات السورية أو الألبسة، أو حتى التصوير وغيرهن.
تقول هبة عماد (37 عاماً) سوريّة تعمل في مجال شراء وبيع الأدوات المنزلية، إنّها لم تحظَ في البداية بالدعم الكافي من محيطها، حيث بدأ الكثير من أقربائها بالقول: إنّ "هذا العمل لا يليق بها، ويجب أن تبقى في بيتها".
وتضيف أنّه مع مرور الوقت ونجاح مشروعها، بدأت ترى علامات الفخر من قبل عائلتها والدعم من زوجها، الذي وقفت إلى جانبه في الظروف الصعبة التي يمر بها.
معظم السوريات يعانين من انخفاض نسبة الأجور، إذ تقول حنين محمد - المصورة الفوتوغرافية - إنّها في أول عمل لها ضمن صيدلية، كان تأخذ 5 جنيه فقط في اليوم، أي أقل من دولار أميركي حينذاك، لكنّها كانت مضطرة للعمل من أجل زيادة الخبرة.
كذلك حال المدرسات السوريات، إذ لا تتجاوز المرتبات في الوقت الراهن الـ3500 جنيه مصري، أي ما يعادل 100 دولار أميركي في الشهر، ولكن الحاجة للعمل تدفعهن للاستمرار به، فضلاً عن أجور مَن يعملن في مجال السكرتارية أو محال بيع الألبسة أو المعامل، تتراوح بين 1500 و3000 جنيه، وذلك يعتبر قليلا مقارنة باحتياجات العائلات.
اقرأ أيضاً.. الاستثمارات السورية في مصر.. مؤشرات إيجابية وسوق جاذبة
يشار إلى أنّ السوريين في مصر والذي يبلغ عددهم مليون ونصف المليون، وفق آخر إحصائية، ينتشرون في مناطق مختلفة أبرزها: "ستة أكتوبر، العبور، العاشر من رمضان، الرحاب، القاهرة، الاسكندرية"، وغالبيتهم اندمجوا في سوق العمل، وبعضهم افتتح مصانع ومعامل ومحال ومراكز تعليمية وغير ذلك.