"تازة المعروك، أكل الملوك يا معروك.. أطيب من لحم الديوك هالمعروك" هكذا يهتف أبو محمد السوري في إحدى ساحات مدينة "ستة أكتوبر" المصرية، ما يضفي أجواء سورية على رمضان في مصر.
يعرض أبو محمد وغيره الكثير من أصحاب "البسطات"، سوريين ومصريين، منتجاتهم قبيل ساعات من الإفطار حيث تزداد الحركة في الأسواق.
نقل اللاجئون السوريون ثقافتهم الرمضانية إلى الشارع المصري، وأعادوا إحياء عاداتهم التي تربوا عليها في بلادهم، فتسمع أصوات البائعين السوريين بأصواتهم العالية يروجون لبضائعهم.
يقول أبو محمد، يبيع المعروك والناعم في "السادس من أكتوبر"، هناك الكثير من السوريين في هذه المدينة، منذ عشر سنوات قررنا أن نصنع الأكلات الرمضانية ونروج لها بين السوريين الذين فرحوا بذلك.
ويضيف، لكن بعد فترة انتقلت الأكلات لتكون ضيفاً على موائد المصريين أيضاً، ويلفت إلى أن المصريين شعب ودود ويحبون تجربة الأكلات السورية الجديدة.
حمادة، شاب مصري، يقف أمام بسطة أبو محمد، يقول "أنا وعائلتي نحب الناعم كثيرا، ومنذ بدأ السوريون يطرحون هذا المنتج أشتريه لأضعه بجانب حلويات رمضان المصرية، أكلة سلسة وخفيفة، وسعرها مقبول جدا في هذه الأوضاع".
إلى جانب بسطة أبو محمد توجد عربة صغيرة لبيع الجلاب، والتمر الهندي، وعصير البرتقال الطازج.
ويقف أبو تيم شاب سوري عشريني، حيث يعصر البرتقال يدوياً، ويضع زجاجات التمر هندي والجلاب في الثلج ليحافظ على برودته.
تتوزع محال وعربات العصائر والعرقسوس في العديد من شوارع "ستة أكتوبر"، بالإضافة إلى محال الحلويات التي تضع بسطات أمام محالها لبيع الحلويات الرمضانية السورية"كالوربات بالقشطة والجوز، والقطايف بالقشطة، والمشبك، والغريبة بالقشطة".
كما تزين المحال بالأضواء والفوانيس، والقماش الرمضاني المأخوذ عن الثقافة الرمضانية المصرية.
ماجد، سوري صاحب محل حلويات في مدينة السادس من أكتوبر، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، نبدأ بتجهيز زينة المحال قبل فترة قصيرة من بداية الشهر، أما الحلويات فتصنع وتباع يومياً.
ويضيف ماجد، أن الزبائن المصريين يأتون إليه مثلهم مثل السوريين، فالشعب المصري يحب حلوياتنا ويأتون إلى "ستة أكتوبر" من أجل قضاء يوم رمضاني كامل بين الأكل والحلويات وسهرة رمضانية في المقاهي.
تحسين، زبون سوري/ يقف أمام محل الحلويات ويقول، اليوم نحن نشعر بأننا نقضي رمضان سورياً بامتياز، كل ما تحتاجه متوفر ينقلك إلى أجواء رمضان في سوريا.
مطاعم سورية تقدم أطباقا من المطبخ السوري
تنتشر المطاعم السورية في كافة المحافظات المصرية، التي تمثل علامة تجارية يمتاز بها السوريون، ولا تكاد مدينة أو حي في مصر يخلو من مطعم أو محل سوري، وأحيانا تتجمع في نفس الشارع العديد من المطاعم التي تقدم الطعام السوري وتشكل سوقاً.
في القاهرة وفي مدن الرحاب والسادس من أكتوبر والمعادي، توجد عدة مطاعم سورية تقدم وجبات طعام من المطبخ السوري، وتدرج في قوائم المأكولات "المنيو" على مدار شهر رمضان أصنافا عديدة مثل "الكوسا بلبن، والباشا وعساكره، والفريكة باللحم" بالإضافة إلى المقبلات مثل "التبولة والفتوش والمتبلات، والفطائر الطازجة" وتلقى هذه الأصناف رواجا كبيرا بين السوريين والمصريين.
يقول أحمد الشامي مدير أحد المطاعم في مدينة الرحاب، الأطباق السورية هذه هي موسمية نوعاً ما نوفرها للزبائن بشهر رمضان، خاصة أن السوريين لا يفضلون الوجبات السريعة في هذا الشهر.
بدورها، هنادي مدحت، امرأة مصرية تقيم في الرحاب، أحب أكلات اللبن السورية ولا أعرف كيف أطبخها، لذلك أرتاد المطاعم السورية لتذوقها خاصة في رمضان.
وتضيف هنادي، جئت برفقة عائلتي لقضاء سهرة سورية، نذهب بعد الإفطار إلى السوق الشرقي حيث توجد الكثير من محال الحلويات السورية ونأكل النابلسية والمدلوقة.
تقول هنادي، إن السوريين أضافوا أصناف طعام لا يمكنني الاستغناء عنها بعد الآن.
ولا يقتصر عمل المطاعم على وجبات الإفطار، هناك العديد منها تعد وجبات السحور، وتوضع في القائمة الفتات والفول والحمص، واللبنة والجبنة والشاي، كنوع من التنويع.
سهرات سورية ومقاهٍ.. فرصة لـ "اللمة"
إضافة للمطاعم، هناك العديد من المقاهي السورية في أماكن تجمع السوريين في مختلف المدن المصرية، وعلى الرغم من أن العدد الأكبر من زبائنها سوريون فإن المصريين يشكلون عددا لا بأس به من الزبائن.
وتقوم المقاهي بوضع الزينة الرمضانية كالفوانيس والأضواء والقماش الرمضاني الملون مما يضفي بهجة على المكان، ويجذب الزبائن للجلوس في المكان الأكثر حيوية.
تقدم المقاهي السورية المشروبات السورية كالقهوة المصنوعة بالبن السوري والعصائر الرمضانية والشيشة، ويتم وضع شاشات كبيرة أمام الكراسي وتشغل الأغاني والتواشيح وتعرض أشهر المسلسلات المتابعة في الموسم الرمضاني، بالإضافة لوجود طاولة الزهر وورق اللعب.
طارق أحد الشباب السوريين يقيم في السادس من أكتوبر يقول، أذهب للسهرة بعد الإفطار مع أصدقائي، نشرب الشيشة ونلعب طاولة الزهر، وندردش عن حياتنا اليومية.
يضيف طارق، هذا متنفسنا الوحيد بعد العمل، ونحب التجمع معا مع أصدقائنا من سوريين ومصريين، في رمضان الليل طويل والمقاهي تعمل حتى الفجر والأجواء حيوية جداً.
بدوره، بشير الحمصي سوري يقيم في الرحاب يقول، توجد هذه المقاهي طوال العام، ولكن رمضان يحب "اللمة" فأذهب مع زوجتي وأصدقائنا لنسهر معا، ففي رمضان فرصة الجمعات أكبر.
صلاة تراويح "تريح النفس والبدن"
تعلو أصوات المآذن في مختلف أرجاء البلاد معلنة بدء الشهر المبارك، وتزداد طقوس العبادة والروحانيات، فتكتظ الجوامع بالمصلين لأداء صلاة التراويح والاعتكاف في المساجد.
في مدينة السادس من أكتوبر، تتجمع مجموعة من السيدات السوريات اللاتي يعرفن بعضهن ويذهبن معاً لأداء صلاة التراويح في مسجد الحصري أشهر مساجد المدينة وأعرقها.
تقول أم ميسر سبعينية سورية، أذهب لصلاة التراويح أنا وابنتي ومجموعة من أصدقائنا وجاراتنا ونصلي التراويح معا، كنت أذهب للصلاة مع والدتي منذ كنت طفلة والآن أذهب مع ابنتي.
وتضيف أم ميسر، نلتقي يومياً في رمضان مع جاراتنا المصريات ونذهب معاً إلى التراويح، وهي فرصة لراحة النفس والبدن.
وتضيف أم ميسر، الجميل في هذه البلاد أنك حيثما التفتِ تشعرين بالأجواء الرمضانية في كافة الشوارع وكأنك في سوريا.