نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية عن دبلوماسيين غربيين ومسؤولي استخبارات مطلعين أن إيران أنشأت نظاماً مصرفياً سرياً للالتفاف على العقوبات الأميركية، ما مكنها من تحمل الحصار الاقتصادي ومنحها نفوذاً في المحادثات النووية.
ووفقاً للمسؤولين ووثائق حصلت عليها الصحيفة، فإن إيران "أنشأت نظاماً مصرفياً ومالياً سرياً للتعامل مع عشرات المليارات من الدولارات من التجارة السنوية المحظورة بموجب العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة".
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا النظام المالي السري "مكن طهران من تحمل الحصار الاقتصادي ومنحها نفوذا في المحادثات النووية متعددة الأطراف".
وأضافت أن "النظام الذي يتألف من حسابات في البنوك التجارية الأجنبية، والشركات الوكيلة المسجلة خارج البلاد، والشركات التي تنسق التجارة المحظورة ساعد طهران على مقاومة ضغوط إدارة بايدن، وشراء الوقت للمضي قدماً في برنامجها النووي حتى أثناء المفاوضات الجارية".
وبحسب الوثائق والمسؤولين الغربيين، فإن النظام المصرفي السري يعمل على النحو التالي: تستعين البنوك الإيرانية، التي تخدم الشركات الإيرانية المشمولة بالعقوبات الأميركية، بشركات تابعة لها في إيران لإدارة التجارة الخاضعة للعقوبات نيابة عنها، وتقوم هذه الشركات بإنشاء شركات خارج حدود إيران لتكون بمثابة وكلاء للتجار الإيرانيين.
ويتعامل الوكلاء مع المشترين الأجانب للنفط الإيراني والسلع الأخرى، أو بائعي البضائع لاستيرادها إلى إيران، بالدولار أو اليورو أو العملات الأجنبية الأخرى، من خلال حسابات تُنشأ في بنوك أجنبية.
وأكد المسؤولون الغربيون أن النظام السري عمل بشكل جيد بما يكفي لدرجة أن السلطات الإيرانية تهدف إلى جعله جزءًا دائماً من الاقتصاد، ليس فقط لحماية إيران من أية عقوبات في المستقبل، ولكن أيضاً لتمكينها من ممارسة عملياتها التجارية دون تدقيق من الخارج.
وذكر أحد المسؤولين الغربيين أن "هذه عملية غير مسبوقة لعملية غسيل أموال تدار من قبل حكومة".
وقالت "وول ستريت جورنال" إنها اطلعت على معاملات مالية لعشرات الشركات الإيرانية التي تعمل بالوكالة في 61 حساباً في 28 بنكاً أجنبيًا في الصين وهونغ كونغ وسنغافورة وتركيا والإمارات، بلغ مجموعها مئات الملايين من الدولارات.
وأشار مسؤولو استخبارات غربيون إلى أن هناك أدلة على وجود عشرات المليارات من الدولارات المتأتية من صفقات مماثلة.
وأوضحت الصحيفة أن النظام السري يوفر لإيران الإيرادات والواردات التي تحتاجها للحفاظ على اقتصادها وتخفيف الضغط على عملتها من خلال منح الاقتصاد الإيراني إمكانية الوصول إلى الدولار واليورو والعملات الاحتياطية الأخرى، بحسب دبلوماسيين ومسؤولين.
ولم تستجب بعثة إيران لدى الأمم المتحدة لطلبات التعليق على النظام المالي السري، لكن الصحيفة تقول إن المسؤولين الإيرانيين تحدثوا في السابق بشكل علني عن نجاحهم في إحباط حملة الضغط الأميركية من خلال تطوير ما وصفوه بـ"اقتصاد المقاومة"، من دون الكشف عن تفاصيله.
ويعود تاريخ العقوبات الأميركية على إيران إلى عام 1979، إلا أنها شددت وركزت على الصادرات تحت إدارتي الرئيسين، بيل كلينتون، وبوش الابن.
وفي عام 2018، أطلق الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، حملة الضغط القصوى على إيران، بفرض مزيد من العقوبات على طهران، وذلك إثر انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي عقد في 2015.