icon
التغطية الحية

مزادات تديرها "الأمانة السورية".. بساتين الفستق الحلبي في قبضة أسماء الأسد

2024.10.28 | 10:19 دمشق

آخر تحديث: 28.10.2024 | 18:34 دمشق

أسماء الأسد
أسماء الأسد في حقل للوردة الدمشقية ـ (سانا)
 تلفزيون سوريا ـ إسطنبول
+A
حجم الخط
-A

ملخص:

  • أسماء الأسد متهمة بالتورط في نهب بساتين الفستق الحلبي شمالي سوريا.
  • النظام السوري، بالتعاون مع "الأمانة السورية للتنمية"، يستولي على الأراضي الزراعية للمهجرين.
  • المهرجان يغطي على عمليات استيلاء النظام على الأراضي عبر مزادات علنية.
  •  النخب الموالية للنظام وقواته تستفيد من هذه المزادات والسيطرة على الأراضي.
  • الناشطون يرون أن المهرجان هو غطاء لعمليات نهب منهجي للأراضي ويهدف إلى تحسين صورة النظام.

في خيمته الممزقة على الحدود السورية-التركية، يتصفح غسان عبد الكريم موقع فيس بوك على هاتفه المحمول. تلفت انتباهه عدة صور لمهرجان الفستق الحلبي في مسقط رأسه، مورك، في ريف محافظة حماة. لقد مرت خمس سنوات منذ أن تم تهجير كريم وعائلته قسرياً من بستان الفستق الخاص بهم.

"إحدى أكثر التجارب إيلاماً التي يمكن أن يمر بها الإنسان هي رؤية أرضه ووسيلة عيشه تُسلم إلى آخرين يستمتعون بها تحت ظل قوى قمعية دعمت الجناة وأعطتهم قوانين لاغتصاب أرضنا"، يقول كريم، وهو يحدق بتركيز في صور المهرجان والمشاركين فيه. "لقد شهروا كل أسلحتهم لطردنا، وقتلنا، وسرقة حقولنا والاستفادة من محاصيلها."

يركز كريم على "لص جديد"، تمثله "السيدة الأولى" أسماء الأسد وجمعيتها؛ "الأمانة السورية للتنمية".

مهرجان مورك.. غطاء لنهب الأراضي

في 3 تشرين الأول 2024، نظم النظام السوري مهرجاناً في مورك، حضره محافظ حماة صبحي عبود، ورئيس شرطة المحافظة، وأمين فرع الحزب أشرف بشوري، وتعاونية مورك للفستق، واتحاد الفلاحين، و"الأمانة السورية للتنمية" التي ترأسها أسماء الأسد، إلى جانب مديرية الزراعة.

ورغم أن حكومة النظام أطلقت عليه اسم "مهرجان الفستق"، إلا أن 70% من أراضي مورك لا تزال خاضعة للمزادات العلنية، وتقع في أيدي نخبة حزب البعث، وقوات النظام، وميليشياتهم.

قناع المهرجان يقول الناشط علي أبو الفاروق لـ موقع "worldcrunch" إن نظام الأسد، من خلال أجهزته الإعلامية، أولى اهتماماً كبيراً بمهرجان الفستق في مورك، واصفاً أهدافه بأنها "زيادة الوعي حول الفستق، أنواعه، وأهميته للاقتصاد السوري، والترويج لمنتجات المزارعين."

ولكن الهدف الحقيقي كان إشراك "الأمانة السورية للتنمية" في عمليات النهب والمصادرة المنهجية التي تقوم بها اللجنة الأمنية سنوياً، والتي يمثلها محافظ حماة، ورئيس شرطة المحافظة، وأمين فرع الحزب.

تتبع اللجنة الأمنية مباشرة لرئيس النظام السوري بشار الأسد وبالتالي، فإن بشار الأسد، من خلال اللجنة الأمنية، وأسماء الأسد، من خلال "الأمانة السورية للتنمية"، هما شريكان في سرقة ونهب الفستق الذي يعود إلى السوريين الذين تم تهجيرهم قسراً من أراضيهم.

وأضاف علي أبو الفاروق أن مهرجان الفستق في مورك ليس سوى غطاء لما يحدث من عمليات استغلال ونهب لأراضي وممتلكات المهجرين قسراً. وأوضح أن هذه الأراضي التي كانت مصدر رزق للعديد من العائلات تم تحويلها إلى ملكية لأعضاء في حزب البعث والمليشيات الموالية للنظام السوري، والذين يستفيدون من محاصيل الفستق دون أي حق.

وأشار إلى أن هذه الممارسات تمثل جانباً من استراتيجية النظام للسيطرة على موارد البلاد، مشدداً على أن النظام يستخدم مثل هذه الفعاليات والمهرجانات لتجميل صورته وإخفاء حقيقته أمام المجتمع الدولي. وأضاف: "بينما يحتفل النظام بمهرجان الفستق، يعيش المزارعون الأصليون الذين يمتلكون تلك الأراضي في مخيمات اللاجئين أو يعيشون في ظروف صعبة خارج البلاد".

وتابع: "ما يجري في مورك ليس حالة معزولة، بل هو جزء من عملية أوسع تهدف إلى الاستيلاء على الممتلكات الزراعية والصناعية في المناطق التي تم تهجير سكانها قسراً منها".

المواطنون في المنفى بالنسبة لغسان عبد الكريم وغيره من المهجرين من مورك، والعودة إلى أراضيهم تبدو حلماً بعيد المنال في ظل استمرار سيطرة النظام السوري وداعميه على المنطقة.

يقول كريم: "لقد كنا نعيش من ثمار هذه الأرض، وكنا نعمل بجهد لتوفير حياة كريمة لعائلاتنا. والآن، نجد أنفسنا مشردين بينما آخرون يستفيدون من تعبنا."

يشعر كريم بالغضب والمرارة تجاه ما يصفه بـ"الظلم الفادح"، ويقول: "لن يكون هناك سلام في سوريا ما دام هناك من يسرق أراضي الناس ويحتفل بها أمام أعينهم".

ويختتم بالقول: "نحن نعيش في الخيام، بينما يقيمون المهرجانات على أرضنا. هذه ليست مجرد مأساة شخصية، بل هي مأساة وطنية لكل من أُجبر على مغادرة أرضه".

أضاف غسان عبد الكريم أن مشاعر الحزن التي تسيطر على المهجرين لا تقتصر على خسارة الأرض فقط، بل تمتد لتشمل فقدان الهوية والانتماء. "الأرض ليست مجرد مصدر رزق، بل هي جزء من كياننا وثقافتنا. وعندما تُسلب منا، فإننا نفقد جزءاً من أنفسنا"، يقول عبد الكريم.

ورغم هذه المعاناة، يرى عبد الكريم وغيره من المهجرين أن هناك أملاً في استعادة حقوقهم يوماً ما. "لن نتخلى عن حقنا في العودة إلى أرضنا. ربما يكون ذلك حلماً صعب المنال الآن، لكننا سنواصل النضال من أجل استعادة ما هو حق لنا."

المهرجانات رسائل للمجتمع الدولي

يشير بعض المهجرين إلى أن النظام السوري يستغل الفعاليات مثل مهرجان الفستق لتوجيه رسائل إلى المجتمع الدولي بأن الأوضاع في المناطق التي يسيطر عليها قد عادت إلى طبيعتها، وأن هناك استقراراً يسمح بإقامة مثل هذه الفعاليات. ولكن الحقيقة، كما يراها المهجرون، هي أن هذه الفعاليات مجرد ستار يخفي وراءه كثير من الظلم والاستغلال.

ويؤكد المهجرون أن النظام يستفيد من غياب أي رقابة دولية أو محاسبة على هذه الانتهاكات، مما يتيح له الاستمرار في نهب الموارد والسيطرة على ممتلكات المواطنين المهجرين دون أي عائق.

في ظل هذه الظروف، يبقى السؤال المطروح: متى سيتمكن المهجرون من العودة إلى أراضيهم، وهل ستحقق العدالة يوماً ما؟ بالنسبة لغسان عبد الكريم وغيره من المهجرين، فإن الإجابة تبدو غير واضحة، لكنهم يظلون متمسكين بالأمل والإصرار على استعادة حقوقهم مهما طال الزمن.

يتابع غسان عبد الكريم حديثه قائلاً: "بالنسبة لنا، الأمر ليس مجرد استعادة قطعة أرض أو بستان. إنها معركة من أجل الكرامة والعدالة. لقد سلبونا كل شيء، منازلنا، أراضينا، وحتى حقنا في أن نعيش بسلام. لكننا لن نصمت أمام هذا الظلم".

يؤمن عبد الكريم أن استعادة الحقوق ليست فقط واجباً على الأفراد المتضررين، بل مسؤولية جماعية لكل السوريين الذين يعانون من النزوح والتشرد. "نحن بحاجة إلى التضامن بيننا، وأن نعمل معاً لإيصال صوتنا إلى العالم. نحن نحتاج لدعم حقيقي من المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان للضغط على النظام السوري وداعميه لاستعادة حقوقنا".

من جهته، يؤكد الناشط علي أبو الفاروق أن المنظمات الحقوقية والدولية، رغم جهودها، لم تقدم حتى الآن حلولاً جذرية للمهجرين، "العالم يعرف ما يحدث، لكن للأسف هناك تردد في التحرك الجاد لإيقاف هذه الجرائم. يجب أن تكون هناك آليات دولية تلزم النظام بإعادة الأراضي لأصحابها الشرعيين، وتعويض المتضررين عن الخسائر التي لحقت بهم".

ويتابع: "في الوقت الذي يتم فيه تسليط الضوء على مهرجانات وفعاليات شكلية تهدف إلى تحسين صورة النظام، يتم تجاهل حقيقة المعاناة التي يعيشها ملايين المهجرين الذين لا يملكون حتى أبسط مقومات الحياة".

ويضيف غسان عبد الكريم  قائلاً: "رغم كل ما مررنا به، ما زلنا نؤمن بالعودة. لن نتخلى عن أرضنا مهما حدث. هذه الأرض هي جزء منا، ولا يمكن لأي مهرجان أو احتفال أن يمحو هذا الارتباط العميق. سنبقى نكافح حتى تعود الحقوق لأصحابها".

ويواصل غسان عبد الكريم الحديث قائلاً: "ما نعيشه اليوم هو نتيجة واضحة لانعدام العدالة والافتقار إلى أي دعم حقيقي للمهجرين. نحن نتعرض للسرقة ليس فقط في أرضنا، بل في مستقبلنا وأحلامنا. نحن نعيش في خيام مهترئة، بينما الآخرون يستمتعون بثمار تعبنا وممتلكاتنا".

ويعبر المهجرون، مثل عبد الكريم، عن إحباطهم إزاء ما يرونه من تجاهل دولي لمأساتهم. "الناس في الخارج قد يرون هذه المهرجانات وكأن الأمور تسير بشكل طبيعي، لكن الحقيقة مختلفة تماماً. نحن نعيش في مأساة مستمرة، بينما يُحتفل بأراضينا التي سُرقت منا"، يقول عبد الكريم.

وفي ختام حديثه، يضيف: "أملنا الوحيد هو أن يُسمع صوتنا. نحن لا نطالب بأكثر من حقنا في استعادة ما فقدناه، في العودة إلى ديارنا وأراضينا. نريد أن ننهي هذه المأساة التي طالت، وأن نعود لعيش حياتنا بكرامة وعدالة".

 

المصدر: worldcrunch