يتعرض الأفراد من مختلف الفئات العمرية وفي مختلف المجالات سواء بالعمل أو خلال المراحل الدراسية أو على وسائل التواصل الاجتماعي إلى "التنمر" سواء كان هذا التنمر لفظياً أو جسدياً، من قبل أشخاص يستخدمون سلطتهم أو نفوذهم أو قوتهم البدنية.
التنمر
ويعرف "التنمر" بأنه ظاهرة عدوانية تتمثل بممارسة العنف والسلوك العدواني سواء من قبل شخص أو مجموعة أشخاص اتجاه غيرهم، حيث يعتبر المتنمرون أنفسهم أقوياء سواء بمناصبهم الوظيفية أو بعلاقاتهم أو قوتهم الجسدية والتي يستخدمونها ضد الأشخاص الأخرين بشكل علني أو سري سواء لممارسة الضغط عليهم أو للاستهزاء بهم، وهو ما يجعل المتنمر عليه يعاني من الوحدة والكآبة والقلق والشكوى من مشكلات صحية أيضاً.
وتختلف العنصرية عن التنمر بأن الأولى هي موقف يفتعله شخص اتجاه آخر بسبب عرقه أو لون بشرته، حيث يتعامل معه بطريقه دونية أو يستخدم العنف، أما التنمر فهو سلوك عدواني متكرر الحدوث.
أنواع التنمر
- التنمر اللفظي: وهو استخدام ألفاظ بحق المتنمر عليه عبر كلمات مهينة تقلل من شأنه أمام الآخرين أو إطلاق ألقاب عليه تجعله يشعر بالحرج.
- التنمر الجسدي: وهو التهديد بالعنف، أو الاعتداء على الضحية عبر الضرب أو الإيذاء الجسدي أو تحطيم الأشياء الخاصة بالمتنمر عليه أمامه دون أن يتمكن من فعل أي شيء.
- التنمر الاجتماعي: وهو إحراج شخص أمام آخرين سواء في العمل أو في أي مكان آخر، أو بث الشائعات عن الشخص أو الإساءة لسمعته.
- التنمر الإلكتروني: وهو كتابة المتنمر تعليقات مسيئة أو الشتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي ضد شخص أو العمل على تشويه سمعته أو نشر صور تتعلق به سواء أكانت ساخرة أم فاضحة من خلال تعديلها أو تهديده، بهدف التقليل من شأنه أو إخافته.
التنمر في المدارس
ويعد التنمر في المدرسة من أخطر أنواع التنمر لأنه يمارس على طفل من قبل طفل أو مجموعة أطفال آخرين وهو ما يهدد سلامة الطالب ونفسيته ويؤثر على عملية تعليمه، حيث نشرت الأمم المتحدة دراسة عن تعرض الأطفال للعنف والتنمر في المدارس بجميع أنحاء العالم، وخلصت إلى أن واحداً من بين كل ثلاثة طلاب يتعرّض للتنمر أو العنف مرة واحدة على الأقل شهرياً.
وبحسب دان ألويس الذي أصدر عدة دراسات حول التنمر المدرسي فإنه "يكون بتعرض الطفل للضرب أو للكلام المسيء أو التهديد من شخص قوي اتجاه شخص ضعيف وهي حالة عدم توازن في القوة بين الطرفين".
وتلعب الأسرة دوراً كبيراً في جعل الطفل متنمراً في المدرسة، وذلك بسبب التربية الخاطئة واستخدام العنف ضد الطفل، والخلافات بين الأبوين، بالإضافة إلى العقاب باستخدام الضرب.
أسباب ممارسة الأطفال التنمر في المدارس
- ظهور الطفل بمظهر القوي.
- لفت انتباه الآخرين.
- حب الذات والأنانية.
- غيرة الطفل من الأطفال الآخرين المتفوقين عليه.
وهنا يجب أن يكون للمدرسة دور كبير في معالجة التنمر عند الأطفال عبر توجيههم وتعليمهم حقوق الطلاب على بعضهم البعض وتقويم الطالب، بالإضافة إلى الاهتمام بتنمية مهارات الطلاب في عدة جوانب، وليس فقط الاهتمام بالمنهاج التعليمي، لأن ذلك يسهم بشكل كبير في ظهور العديد من الطلبة المتنمرين الذين لايجدون أي وسيلة للتنفيس عن طاقاتهم سوى إلحاق الضرر بأصدقائهم.
ويعد الأطفال الذين يفضلون الانعزال الاجتماعي والأطفال ذو البنية الجسدية الضعيفة والأطفال الذي يسهل استفزازهم، بالإضافة إلى الأطفال الذي تكون شخصيتهم ضعيفة أكثر عرضة للتنمر المدرسي.
سلوكيات تدل على أن الطفل تعرض للتنمر
- عدم الرغبة في الذهاب إلى المدرسة بحجة المرض أو النعاس.
- وجود كدمات على جسد الطفل أو تمزق ثيابه وكتبه المدرسية.
- عدم ذهاب الطفل بشكل مفاجئ إلى النشاطات التي كان يمارسها.
- المعاناة من الأرق والخوف وقلة النوم خلال الليل، بالإضافة إلى الكوابيس.
- رفضه الذهاب إلى أي مناسبة عائلية أو اجتماعية، وتقلب الحالة المزاجية للطفل.
- زيادة أو نقصان وزن الطفل بشكل مفاجئ
- فقدان ثقة الطفل بنفسه وتلعثمه أثناء الكلام وتكرار بعض العبارات السلبية لنفسه كالفشل أو الضعف
- التنازل عن مصروفه لإخوته دون أن يطلبوا منه ذلك.
وأصدرت منظمة "اليونيسيف" عدة توصيات للوالدين ليتمكنوا من المساهمة في تعريف طفلهم على التنمر ومواجهته وكيفية التعامل مع المتنمرين حتى لا يلحق بالطفل أذى نفسي أو جسدي.
دور الأسرة بعدم جعل طفلها ضحية للتنمر
- التحدث معه عن التنمر، حتى يصبح قادراً على تمييزه بسهولة أكبر.
- التحدث مع الطفل بشكل مستمر، لأنه سيشعر بالاطمئنان لإخبار والديه في حال تعرض للتنمر.
- متابعة دروس الطفل وأنشطته ومشاعره.
- تعليم الطفل كيف يدافع عن نفسه أو صديقه في حال التعرض للتنمر،
- تشجيع الطفل على الانضمام إلى الأنشطة التي يحبها، لأن هذا سيساعده على بناء ثقته بنفسه وعلى التعرف إلى مجموعة من الأصدقاء الذين يقاسمونه اهتماماته.
- التعرف إلى المنصات التي يستخدمها الطفل على وسائل التواصل الاجتماعي والشرح له عن طبيعة الترابط بين العالم الرقمي والعالم الحقيقي.
- تحذيره من المخاطر المختلفة التي سيواجهها على الإنترنت.
وبالعودة إلى التنمر في المجتمع، يجب علينا معرفة الأسباب التي تدفع بعض الأشخاص إلى ممارسة هذا الفعل اتجاه الآخرين، حيث خلصت دراسة لـ" BBC" أن الأشخاص المتنمرين يعانون من مشكلات نفسية، حيث يرغب بعضهم بالظهور بمظهر ما أمام الأشخاص لذلك يحاولون أن يسلكوا هذا السلوك، وآخرين يشعرون بعدم الرضا عن الذات فيعملون على تدنيس حياة الآخرين وتخفيضها إلى مستوى حياتهم حتى يشعروا ببعض الراحة والاطمئنان بأنهم ليسوا الوحيدين الذين يعانون، بالإضافة إلى اتباع أشخاص هذا السلوك لأنهم تعرضوا إلى تجارب قاسية وحزينة في حياتهم مثل انهيار عائلتهم أو وفاة شخص ما، أو يعانون من مشكلات عائلية.
أكثر الفئات عرضة للتنمر وفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف":
- المسالمون
- الوافدون الجدد، مثل الطفل الجديد في المدرسة أو الفريق.
- المنطوون والخجولون اجتماعياً
- المتفوقون والموهوبون بشكل استثنائي، أو من يحصلون على اهتمام كبير.
- المختلفون في المظهر أو الخلفية الثقافية والدينية، أو الحالة الاجتماعية، أو ممن لديهم مشكلات صحية أو إعاقات.
مواجهة التنمر وكيفية التعامل مع المتنمرين
عندما يتعرض شخص ما إلى التنمر سواء في مكان العمل أو في جلسات الأصدقاء أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي يجب عليه معرفة كيف يتعامل ويواجه الفعل والأشخاص المتنمرين وذلك عبر عدة طرق وأساليب:
عدم إظهار ردة فعل عند يتعرض الشخص إلى التنمر، لأن المتنمرين يشعرون بالسعادة لأنهم جعلوا الآخرين يشعرون بالحزن أو الغضب، وهو ما سيجعلهم يتمادون، علماً أن هناك أنواعاً من التنمر يجب فيها أن يدافع الشخص عن نفسه.
وضع الحدود في التعامل، وهي الطريقة الأفضل للتعامل مع الجميع، حيث يسهم وضع الحدود بعدم السماح للآخرين بتجاوزها، وفي حال تجاوزها أحد يجب الرد عليه بسرعة و من دون انفعال.
عدم الرد على المتنمرين بالتنمر عليهم، وذلك تجنباً لنشوب شجار وهو ما يفضله المتنمرون، ويفضل الابتعاد عن الدخول في أي مشكلات.
الإيمان بالقوة الداخلية وتعلم بعض الفنون القتالية، ويجب على الشخص أن يؤمن بقوته لمواجهة التنمر، فتعلم بعض الفنون القتالية يعزز الثقة بالنفس، ويمكن الشخص من مواجهة أي تنمر قد يتعرض له.