قال نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية لسوريا، مارك كاتس، اليوم الإثنين، إنه ليس لديهم ما يكفي من المال لتوفير جميع الخدمات المطلوبة للسوريين في داخل البلاد وخارجها.
وأضاف أن واقع النازحين واللاجئين السوريين هو صراع من أجل البقاء، وأن النساء والأطفال والكبار في السن والأشخاص ذوي الإعاقة هم الذين يعانون أكثر من غيرهم.
ونزح نحو مليون شخص خلال العام الفائت، في شمال غربي سوريا، بسبب التصعيد العسكري، ومع ظهور فيروس كورونا تفاقمت الأوضاع في سوريا.
القلق من تخفيض المساعدات
وقالت فاطمة (19) عاماً لوكالة "أسوشيتيد برس" إنها فقدت منزلها في شمال غربي سوريا نتيجة قصف النظام وروسيا، الأمر الذي أجبرها على النزوح إلى بلدة بنش في ريف إدلب، مضيفةً أن الذي زاد وضعهم سوءا هو إصابة والدتها بمرض السرطان، خاصة أنها المعيلة الوحيدة لعائلتها المكونة من 3 أطفال وجديتها.
وأضافت أنها عملت في قطاف الزيتون ولكنها لم تتمكن من الحصول على عمل جديد بعد انتهاء موسم القطاف، وأنها عرضة للخروج من منزلها لأنها لا تمتلك أجرته، موضحةً أن كل حياتها كانت صعبة والآن ازدادت صعوبة.
وتابعت أنه منذ أن فقدت عائلتها منزلهم، لم يتلقوا أي مساعدات غذائية، حيث استخدموا مدخراتهم لدفع جزء من علاج والدتها، وتكفلت الهيئات الخيرية في باقي مصاريف العلاج، وأن إيجار منزلها تم دفعه من قبل أهالي الخير في المدينة، وأن هذا لم يستمر بسبب تردي الوضع الاقتصادي.
وتزداد صعوبة جمع الأموال من المانحين العالميين لمساعدة النازحين السوريين عاماً بعد عام، ومن المتوقع ألا تتناسب المساعدات مع حاجة سوريا في مؤتمر المانحين الخامس الذي سيبدأ اليوم الإثنين في بروكسل وتستضيفه الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وتراجعت المساعدات بشكل ملحوظ قبل ظهور فيروس كورونا بسبب إرهاق المانحين، حيث يخشى المسؤولون أنه مع التباطؤ الاقتصادي العالمي الناجم عن كورونا، أن تتعرض المساعدة الدولية لسوريا إلى التخفيض في الوقت الذي تشتد الحاجة إليها.
أكثر من 13 مليون شخص في سوريا بحاجة للمساعدات
وتعاني سوريا من أسوأ أزمة اقتصادية منذ العام 2011، خاصة مع انتشار فيروس كورونا، حيث انهارت قيمة الليرة السورية وارتفعت أسعار المواد الغذائية ،حيث زادت بنسبة 222 في المئة عن العام الفائت.
ويعيش 9 من كل 10 أشخاص تحت خط الفقر في سوريا، ويعيش في شمال غربي سوريا نحو 4.3 مليون نسمة حيث يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
ووفقاً للأمم المتحدة يحتاج 13.4 مليون شخص في سوريا، إلى المساعدات بزيادة تقدر بنحو 20 في المئة عن العام الفائت، في حين تسعى الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة أخرى الحصول على أكثر من 4 مليارات دولار كمساعدات داخل سوريا في مؤتمر بروكسل لهذا العام والذي يعد أكبر نداء للمنظمات، ومطلوب 5.8 مليار دولار أخرى لنحو 6 ملايين لاجئ سوري.
وأوضح المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، أنهم يدركون أن فيروس كورونا كان له تأثير على الدول المانحة، وأن الميزانيات متوترة.
ثلث الأطفال خارج المدارس
وأدت القيود المفروضة بسبب جائحة فيروس كورونا في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة إلى زيادة تباطؤ النشاط الاقتصادي، وإغلاق المدارس والحد من التجارة والحركة مع تركيا، حيث تُجبر النساء والأطفال على العمل بأجور منخفضة، وبمهن خطيرة، ووفق منظمة "إنقاذ الطفولة"، إن واحداً من كل ثلاثة أطفال خارج المدرسة.
وخفض برنامج الغذاء العالمي سلة الغذاء الشهرية في جميع أنحاء سوريا، وذلك لتوسيع نطاق التمويل المتاح وعدم حرمان بعض الأشخاص منها، وهذا يعني خفض السعرات الحرارية من 2100 للفرد إلى 1264 أي بنسبة 40 في المئة، حيث قالت بعض العائلات إن حصة الأرز في السلة انخفضت بمقدار النصف.
وزادت الاحتياجات المائية بنسبة 40 في المئة بسبب الفيروس، وأخبرت المنظمات غير الحكومية المحلية المانحين في رسالة تمت مشاركتها مع وكالة "أسوشيتيد برس" أن تخفيض التمويل قد يوقف عمل 55 محطة مياه في جميع أنحاء شمال غربي سوريا، مما يحرم ما يقرب 740 ألف شخص من الوصول إلى المياه.
وسربت تقارير عن قطع المساعدات بنسبة تصل إلى 67 في المئة من قبل بعض أكبر المانحين، حيث حاول موظفو الإغاثة تعديل الميزانيات والتخطيط للتخفيضات، كما يؤدي تخفيض ميزانية المساعدات إلى توقف آلاف الأشخاص عن العمل وإغلاق اثنين من مخيمات النازحين.
يسعى مؤتمر المانحين إلى جمع 10 مليارات دولار
وأعلنت الولايات المتحدة الأميركية، أمس الأحد، عن مشاركتها في المؤتمر الدولي للمانحين حول سوريا الذي سيعقد في العاصمة البلجيكية بروكسل عبر اتصال مرئي، حيث ستترأس المندوبة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، الوفد الأميركي المشارك في المؤتمر.
وطالبت الحكومة الأردنية، أمس الإثنين، في خطتها لاستجابة "الأزمة السورية" للعام الجاري بمبلغ 2.4 مليار دولار، للاجئين السوريين على أراضيها، وذلك قبل انعقاد مؤتمر المانحين في بروكسل.
وبحسب موقع "فويس أوف أميركا"، أول أمس السبت، فإن اجتماع بروكسل للمانحين سيسعى إلى جمع مبلغ قياسي وقدره 10 مليارات دولار لتقديم المساعدات إلى 24 مليون سوري في الداخل وللاجئين السوريين في المنطقة المحتاجين إلى مساعدات إنسانية.
وأضاف أن هذا المبلغ سيخصص منه 4.2 مليارات دولار لأكثر من 13 مليون شخص داخل سوريا معظمهم من النازحين، بالإضافة إلى تخصيص مبلغ 5.8 مليارات دولار لدعم 5.5 ملايين لاجئ سوري في دول المنطقة.
وحثت الأمم المتحدة بريطانيا على عدم تخفيض المساعدات المقدمة إلى سوريا، محذرة من أن هذه الخطوة قد تزيد من زعزعة استقرار "الدولة المنهارة" وتؤدي إلى نتائج عكسية على البريطانيين.
وقال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، السبت الماضي، إنهم سيطلبون من المانحين الاستمرار في المسار ومواصلة دعم الشعب السوري، خاصة أولئك الذين لعبوا دوراً بارزاً في الماضي مثل المملكة المتحدة.