لا جديد عند حكومة النظام السوري الجديدة

2024.09.26 | 06:30 دمشق

آخر تحديث: 26.09.2024 | 06:30 دمشق

6556656565
+A
حجم الخط
-A

بالرغم من محاولات النظام في دمشق إضفاء طابع ديمقراطي على تشكيل الحكومة الجديدة، بدءاً من اختيار رئيسها محمد غازي الجلالي من خارج الوجوه المألوفة، ولأول مرة من الجولان السوري المحتل، ووصولاً إلى منح الجلالي وقتاً كافياً لاختيار وزراء حكومته (كما يُفترض)، مع حديث وسائل إعلام النظام عن مشاورات يجريها الجلالي للبحث عن أفضل الكفاءات لتكون في الحكومة، إلا أن الإعلان عن تشكيلة الحكومة أظهر أن الجلالي على الأرجح لم يكن له دور في اختيار أي وزير.

مع الإعلان عن تشكيلة الحكومة، استُعيدت الصورة الأصلية؛ إذ احتفظ عشرة من الوزراء الأساسيين بحقائبهم السابقة، أو أُعيد تدويرهم نحو وزارات أخرى، ولم تضم الحكومة أي اسم من معارضة الداخل أو الخبراء السوريين العائدين من منظمات مالية دولية، كما كان يحدث في حكومات سابقة. النتيجة: حكومة بعثية بالكامل، أو من المستقلين الموالين للنظام.

لا جديد في الحكومة الجديدة، إذ احتفظ معظم الوزراء بمناصبهم، مما يعني أنهم سيواصلون السير على النهج ذاته الذي قاد إلى الأزمات في القطاعات الخدمية والإنتاجية.

حاولت شخصيات ووسائل إعلام مقربة من النظام تحميل حكومة حسين عرنوس مسؤولية الأزمات الاقتصادية المستمرة. وبالرغم من أن عرنوس عُيّن في اللجنة المركزية لحزب البعث الحاكم،  فإنه احتفظ بعشرة من وزرائه الأساسيين في الحكومة الجديدة.

إذن، لا جديد في الحكومة الجديدة، إذ احتفظ معظم الوزراء بمناصبهم، مما يعني أنهم سيواصلون السير على النهج ذاته الذي قاد إلى الأزمات في القطاعات الخدمية والإنتاجية. هذا الوضع يعكس إفلاساً واضحاً لدى النظام، الذي لم يعد قادراً حتى على استبدال الأسماء المتهمة بالفشل. السبب بسيط: يعلم النظام أن هؤلاء الوزراء ورئيسهم ليسوا سوى واجهات، يقتصر دورهم على تنفيذ السياسات التي تمليها عليهم الجهات العليا، مثل المكتب الاقتصادي في القصر الجمهوري والمكتب الاقتصادي في القيادة القطرية، وهما من يحددان الخطوط العامة لعمل الحكومة ويفصلان في القضايا الأساسية.

هذا الخلل في بناء الفريق الاقتصادي والخدمي الذي سيُكلّف بإيجاد حلول للمشكلات المستعصية، يجعل من الصعب على أية حكومة معالجة الأوضاع الكارثية في البلاد، والتي تنتقل من حكومة إلى أخرى من دون حلول جذرية. البلاد فقدت أهم قطاعاتها الإنتاجية نتيجة للحرب، أو بسبب بيع ما تبقى منها لروسيا وإيران. وكما لم يكن النظام جاداً في التعامل مع المسار السياسي الرامي إلى إيجاد حل للقضية السورية، فإنه غير جاد أيضاً في التعامل مع المشكلات الاقتصادية. لقد اختار النظام تدوير الأزمات وترحيلها من حكومة إلى أخرى، من دون وضع أي استراتيجية فاعلة للتخلص منها ولو بشكل تدريجي.

وصل النظام في دمشق منذ وقت طويل إلى حافة الإفلاس السياسي والاقتصادي، وأصبح وجوده مجرد تمرير للوقت على أمل بروز مستجدات إقليمية أو دولية تمنحه بعض الأوكسجين.

من الواضح أن مفتاح تحريك الوضع الاقتصادي في البلاد هو تحريك الوضع السياسي. قبول النظام بشراكة سياسية تستند إلى حد أدنى من التوافق الوطني هو الشرط الأساسي لرفع العقوبات عن النظام ورموزه، وجذب الاستثمارات الخارجية، وعودة اللاجئين الذين يمثلون تقريباً ثلث سكان البلاد. من دون ذلك، ستظل الثروات الأساسية، مثل النفط والغاز والمساحات الزراعية، خارج الحسبة الاقتصادية.

منذ عام 2011، فشلت كل حكومات النظام المتعاقبة في إيجاد حلول للأزمات المتفاقمة، بل أسهمت في تفاقمها، لأن النظام لم يُمكّنها من المقومات الأساسية للعمل. كانت وظيفتها إدارة هذه الأزمات بأدنى الإمكانيات المتاحة، ودفع الداخل السوري إلى التكيف المستمر مع التدهور المستمر في معيشتهم.

في الواقع، وصل النظام في دمشق منذ وقت طويل إلى حافة الإفلاس السياسي والاقتصادي، وأصبح وجوده مجرد تمرير للوقت على أمل بروز مستجدات إقليمية أو دولية تمنحه بعض الأوكسجين. ومع ذلك، يستمر في اجترار الحلول على حساب المواطن السوري، عازياً كل الأزمات إلى العوامل والمؤامرات الخارجية، وخاصة العقوبات، في حين يواصل سياساته العقيمة التي لا تبشر المواطن بأي أمل في المستقبل.