نشرت منظمة "باكس للسلام" الهولندية تقريراً موسعاً تحدثت فيه عن الآثار التي يسببها الجفاف وقلة الأمطار، بالإضافة إلى الصراع، على المجتمعات الريفية في شمال شرقي سوريا، مشيرة إلى أن "الضغوط المتزايدة على الموارد الطبيعية في سوريا تؤثر في سبل العيش".
وأجرت المنظمة عشرات المقابلات مع الرعاة والمزارعين والسلطات المحلية، ودمجتها مع تحليل صور الأقمار الصناعية والبيانات الإنسانية، بهدف تسليط الضوء على تأثير العلاقة بين المناخ والصراع بشكل دقيق على المجتمعات الريفية المختلفة في شمال شرقي سوريا.
ووفق مقابلات المنظمة والبيانات الأوسع حول المناخ والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، يوضح التقرير "كيف تؤثر الضغوط المتزايدة على الموارد الطبيعية في سبل العيش، مما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات الاجتماعية والسياسية المتزايدة في مجتمع منهك أساساً من النزاعات والفقر".
سوريا بؤرة مناخية ساخنة جديدة
وقال التقرير إن صيف عام 2021 شهد مستويات قياسية منخفضة من هطول الأمطار، وتراجع حاد في تدفق المياه إلى نهر الفرات والأنهار الأخرى في شمال شرقي سوريا، مضيفاً أن "النتائج تحدد بوضوح مخاطر التشرذم بين أفقر المجتمعات، حيث يصبح الوصول إلى المياه أكثر صعوبة، وفشل الحصاد الزراعي يخلق المزيد من المخاوف الاجتماعية والاقتصادية".
وقال تقرير المنظمة إنه "بعد عقد من الحرب، التي كان لها تأثير مدمر على البنية التحتية الزراعية، وأسفرت عن نزوح مجتمعات المزارعين والرعاة، سجّل الجفاف رقماً قياسياً، حول سوريا إلى بؤرة مناخية ساخنة جديدة".
وأوضح أن "الزراعة البعلية والزراعة المروية تعاني من عدم هطول الأمطار، كما أدى انخفاض تدفق المياه من تركيا إلى انخفاض مستويات المياه في بحيرة الأسد، مما أثر بالتالي في نهر الفرات، شريان الحياة الرئيسي للمنطقة"، مضيفة أن "هذا يعني كمية أقل من المياه للري والطاقة الكهرومائية، وللاستخدام الشخصي لملايين الأشخاص الذين يعتمدون عليها".
المجتمعات الرعوية أكثر من تعاني قلة الأمطار
وأشار إلى أنه "في الوقت الذي تناولت فيه العديد من التقارير كيفية تأثير ذلك على المجتمعات الزراعية، لم يتم إيلاء اهتمام كبير لآلاف الرعاة الذين يتنقلون في المراعي السورية"، حيث يعتبر الرعاة في كثير من الأحيان، أكثر من يعانون من جراء قلة الأمطار، مما يؤثر في نمو الغطاء النباتي وإمكانية وصول قطعان الأغنام إلى المياه.
وذكرت المقابلات التي أجرتها المنظمة أنه لم يكن هناك أي نمو في الغطاء النباتي في ربيع وصيف العام 2021، مما يعني أن مئات الآلاف من الأغنام والأبقار والماعز والإبل تفتقر إلى المراعي والوصول إلى مصادر المياه.
وأكد التقرير على أن "المجتمعات الرعوية في سوريا تكافح بشكل متزايد، مع تأثير تغير المناخ مع انخفاض أسعار الماشية، والظروف الجوية المتقلبة التي تؤثر في أسعار الماشية، مما يدفع هذه المجتمعات إلى حافة الفقر".
علامات مقلقة تتعلق بالمياه
من جانب آخر، أشار تقرير "باكس للسلام" إلى أن "هناك علامات مقلقة تتعلق بالمياه، حيث يسعى قاطنو المناطق الريفية في محاولات يائسة للعثور على حياة أفضل"، مضيفاً أن "نقص الأمطار والمياه في الأنهار أدى إلى تفاقم الحالة الصحية العامة والبيئية".
وبالإضافة إلى ذلك، أوضح التقرير أنه "تم بناء السدود على نهر الخابور في ربيع عام 2021، كما واجه تدفق المياه إلى الحسكة من محطة علوك عشرات الانقطاعات، مما أدى إلى عدم وصول أكثر من 600 ألف شخص إلى المياه لفترات أطول".
وأضاف أن "صناعة النفط السام في مناطق شمال شرقي سوريا تحافظ على تلويث الجداول والأنهار المحلية، عن طريق إلقاء مياه الصرف الصحي الملوثة، مما يزيد من التأثير على مصادر المياه السطحية والجوفية".
وأكد التقرير على ضرورة أن "يلتزم المانحون الدوليون بجهود إعادة التأهيل والاستثمارات المستدامة في البنية التحتية الضرورية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية"، مشدداً على أن "معالجة هذه القضايا الخلافية تعتبر أمراً أساسياً للمجتمع الدولي إذا أراد منع المزيد من التدهور الاجتماعي والاقتصادي الناجم عن النزاعات وويلات المناخ".