رصدت كاميرا تلفزيون سوريا الواقع المعيشي والخدمي في مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، بعد مضي أكثر من 4 سنوات على سيطرة قوات النظام السوري على المدينة بدعم روسي.
وأظهرت المشاهد منازل ومبانٍ مهجورة من أهلها الأصليين، كما أظهرت حجم الدمار الواسع في الأحياء السكنية من جراء القصف الروسي والنظام، في وقت سابق.
وذكر مصدر محلي في المدينة لموقع تلفزيون سوريا أنّ الدمار الواسع في خان شيخون وغياب السكان عنها بعد تهجيرهم، أتاح لقوات النظام سرقة محتويات ما تبقى من أثاث في المنازل، وبيعها بأسعار زهيدة.
100 عائلة في المدينة
وأشار المصدر إلى أنّ نحو 100 عائلة فقط تقطن في أحياء محددة ضمن مدينة خان شيخون، بعد عودتها تباعاً من مناطق أخرى ضمن نفوذ النظام السوري، شرط الحصول على موافقة أمنية مسبقة.
وتعيش هذه العائلات في ظل انعدام كامل للخدمات، فلا مياه ولا كهرباء ولا ترحيل أنقاض في المدينة، وفقاً لما أكد المصدر.
وبين حين وآخر، يجري النظام السوري دراسة لجمع البيانات عن القاطنين في المدينة، مع استدعاء بعضهم واستجوابهم بخصوص علاقتهم أو قرابتهم مع أشخاص يعيشون في مناطق سيطرة المعارضة.
اعتقالات متكررة
وفي شهر آب الماضي، أكدت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا، اعتقال قوات النظام السوري لـ 47 شاباً في مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، ونقلتهم إلى المفارز والفروع الأمنية تمهيداً لزجهم في معسكرات التدريب لأداء "الخدمة الاحتياطية" في قوات النظام.
وأفاد المرصد العسكري المعروف باسم "المرصد مباشر" المختص بمتابعة ورصد التطورات في مدينة خان شيخون، لموقع تلفزيون سوريا، بأن النظام السوري بدأ حملة الاعتقالات في المدينة في ذلك الوقت، وأسفرت عن اعتقال 47 شاباً، وفرار آخرين.
وقال المرصد إن عشرات الشبان تواروا عن الأنظار في المدينة خوفاً من أن تشملهم حملة الاعتقالات، في حين حاول آخرون السفر إلى لبنان، أو التوجه إلى مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي البلاد.
وأكد المرصد أن الحملة العسكرية على مدينة خان شيخون قبل نحو 4 سنوات، أدت إلى تهجير معظم السكان، مضيفاً أن القاطنين حالياً في المدينة هم خليط بين عائلات قررت العودة إلى المنطقة، وعدد من أبناء المدينة ممن كانوا يقطنون في مدينة حماة الخاضعة لسيطرة النظام.
وتعيش في المدينة أيضاً عائلات من البلدات والقرى القريبة من خان شيخون، مثل حيش والهبيط والتمانعة وسجنة.
الخدمات معدومة
وأوضح المرصد أن النظام السوري عجز عن تقديم الخدمات للمدن والبلدات التي سيطر عليها في عامي 2019 و2020 بريف إدلب الجنوبي، إذ تقتصر هذه الخدمات على الفروع الأمنية والدوائر التابعة للنظام.
وتنعدم الخدمات في خان شيخون، بالرغم من نقل النظام لمقر محافظة إدلب من مدينة حماة إلى خان شيخون، والتي حولها إلى مقر شبه دائم لمجلس المحافظة وفرع "حزب البعث" وعموم الدوائر الرسمية، إذ تم تدشين مقر محافظة إدلب الجديد في المدينة يوم 24 كانون الثاني/يناير 2021.
وتعتبر مدينة خان شيخون رابع أكبر مدينة في محافظة إدلب بعد مدن إدلب ومعرة النعمان وسراقب، وتقع على الحدود الإدارية مع محافظة حماة، وعلى الطريق الدولي "دمشق - حلب" (M5).
وكانت قوات النظام قد سيطرت على المدينة في 23 آب 2019، وسبق أن أكدت مصادر محلية لموقع "تلفزيون سوريا"، أن ما يقارب 100 عائلة تقطن في القسم الشرقي من المدينة، عادت إليها من مناطق سيطرة النظام.
وتشغل الميليشيات الروسية والإيرانية القسم المتبقي من منازل المدينة وهي "الفرقة 25 مهام خاصة/ قوات النمر"، و"الفيلق الخامس الروسي"، وميليشيا "حزب الله" اللبناني وفاطميون.
واستولت هذه القوات على عدد كبير من منازل المهجرين وافتتحت فيها دوائر خدمية، من بينها مقر لقيادة شرطة إدلب، وفرع لشرطة المرور، وقسم الكهرباء، ووحدة المياه، وجميعها مجرد هياكل، فلا كهرباء ولا ماء ولا خدمات عامة في خان شيخون، وهذا ما ينطبق على مختلف المدن والبلدات التي سيطرت عليها قوات النظام بدعم روسي في أرياف إدلب وحلب وحماة، خلال عاميّ 2019 و2020.
تدمير الحجر والشجر
وتعمل قوات النظام السوري جاهدة على قتل كل أشكال الحياة، في المناطق التي سيطرت عليها خلال عامي 2019 و2020 في أرياف إدلب وحماة، عبر قطع ممنهج للأشجار، بعد الانتهاء من تدمير أسقف المنازل لاستخراج الحديد منه وبيعه في الأسواق، بغية الحصول على مئات الدولارات، ليصبح المنزل غير صالح للسكن، وبالتالي قتل حلم العودة لدى أصحابه المهجرين والنازحين في مناطق سيطرة المعارضة.
وسبق أن أكدت مصادر محلية لموقع تلفزيون سوريا، أن آخر الفصول التي تتبعها قوات النظام السوري لإنهاء أي أمل للمهجرين بالعودة، تتمثل في قطع عشرات آلاف الأشجار وتجريد الأراضي الزراعية من الغطاء الأخضر في ريف إدلب الجنوبي والشرقي، وفي ريف حماة الشمالي والغربي.
وأفادت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا، بأن عمليات قطع الأشجار تتركز في كل المناطق التي سيطرت عليها قوات النظام خلال الحملة العسكرية الروسية في أرياف إدلب وحماة.
وذكرت المصادر عدداً من المناطق التي شهدت قطع آلاف الأشجار، ومنها مدن وبلدات كفرزيتا واللطامنة والهبيط وخان شيخون ومعرزيتا وسجنة، ومنطقة ريف معرة النعمان الشرقي، وتلمنس والغدفة وجرجناز.
وسيطرت قوات النظام بدعم روسي على مناطق واسعة في أرياف إدلب وحماة وحلب خلال الحملة العسكرية التي انطلقت في عام 2019 واستمرت حتى آذار 2020، وتسببت بدمار واسع وقتل وجرح آلاف المدنيين وتهجير نحو مليون و800 ألف نسمة باتجاه المناطق الحدودية مع تركيا.