اعتقلت قوات النظام السوري خلال الأيام القليلة الماضية 47 شاباً في مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، ونقلتهم إلى المفارز والفروع الأمنية تمهيداً لزجهم في معسكرات التدريب لأداء "الخدمة الاحتياطية" في قوات النظام.
وقالت مصادر محلية لموقع "تلفزيون سوريا"، إن حملة الاعتقالات تشمل عدة مدن وبلدات في ريف إدلب الجنوبي، وتتركز في خان شيخون بشكل رئيسي، بالتزامن مع تمكن عشرات الشبان من الفرار، وعزم آخرين على الهجرة.
حملة اعتقالات واسعة
أفاد المرصد العسكري المعروف باسم "المرصد مباشر" المختص بمتابعة ورصد التطورات في مدينة خان شيخون، بأن النظام السوري بدأ حملة الاعتقالات في المدينة قبل ثلاثة أيام، وأسفرت عن اعتقال 47 شاباً حتى الآن، وفرار آخرين.
وقال المرصد في حديث مع موقع "تلفزيون سوريا"، إن عشرات الشبان تواروا عن الأنظار في المدينة خوفاً من أن تشملهم حملة الاعتقالات، في حين يحاول آخرون السفر إلى لبنان، أو التوجه إلى مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي البلاد.
وسيطرت قوات النظام والميليشيات الموالية لها، الروسية والإيرانية، على مساحات واسعة من ريف إدلب (منطقة خفض التصعيد) في الفترة الممتدة من أيار 2019 وحتى شباط 2020، وتضم مدناً كبيرة، من أهمها سراقب وخان شيخون ومعرة النعمان، والمئات من القرى والبلدات.
وأكد المرصد أن الحملة العسكرية على مدينة خان شيخون قبل نحو ثلاث سنوات، أدت إلى تهجير معظم السكان، مضيفاً أن القاطنين حالياً في المدينة هم خليط بين عائلات قررت العودة إلى المنطقة، وعدد من أبناء المدينة ممن كانوا يقطنون في مدينة حماة الخاضعة لسيطرة النظام.
وتعيش في المدينة أيضاً عائلات من البلدات والقرى القريبة من خان شيخون، مثل حيش والهبيط والتمانعة وسجنة.
الخدمات معدومة
وأوضح المرصد أن النظام السوري عجز عن تقديم الخدمات للمدن والبلدات التي سيطر عليها في عامي 2019 و2020 بريف إدلب الجنوبي، إذ تقتصر هذه الخدمات على الفروع الأمنية والدوائر التابعة للنظام.
وتنعدم الخدمات في خان شيخون، بالرغم من نقل النظام لمقر محافظة إدلب من مدينة حماة إلى خان شيخون، والتي حولها إلى مقر شبه دائم لمجلس المحافظة وفرع "حزب البعث" وعموم الدوائر الرسمية، إذ تم تدشين مقر محافظة إدلب الجديد في المدينة يوم 24 كانون الثاني/يناير 2021.
وتعتبر مدينة خان شيخون رابع أكبر مدينة في محافظة إدلب بعد مدن إدلب ومعرة النعمان وسراقب، وتقع على الحدود الإدارية مع محافظة حماة، وعلى الطريق الدولي "دمشق - حلب" (M5).
وكانت قوات النظام قد سيطرت على المدينة في 23 آب 2019، وسبق أن أكدت مصادر محلية لموقع "تلفزيون سوريا"، أن ما يقارب 150 عائلة تقطن في القسم الشرقي من المدينة، عادت إليها من مناطق سيطرة النظام.
وتشغل الميليشيات الروسية والإيرانية القسم المتبقي من منازل المدينة وهي "الفرقة 25 مهام خاصة/ قوات النمر"، و"الفيلق الخامس الروسي"، وميليشيا "حزب الله" اللبناني وفاطميون.
واستولت هذه القوات على عدد كبير من منازل المهجرين وافتتحت فيها دوائر خدمية، من بينها مقر لقيادة شرطة إدلب، وفرع لشرطة المرور، وقسم الكهرباء، ووحدة المياه، وجميعها مجرد هياكل، فلا كهرباء ولا ماء ولا خدمات عامة في خان شيخون.
اعتقالات مكثفة تطول المطلوبين للخدمة الاحتياطية
وكثّفت قوات النظام السوري خلال الأسابيع الماضية من حملات الاعتقال بحق المطلوبين لـ"الخدمة الاحتياطية"، ويشمل ذلك مختلف المحافظات، بما فيها دمشق وريفها وحلب وحمص وإدلب وحماة ودرعا.
وارتفعت وتيرة الاعتقالات بعد أن أصدر رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في شهر تموز الماضي، أمراً إدارياً يقضي بإنهاء الاحتفاظ والاستدعاء لصف الضباط والأفراد الاحتياطيين في جيش النظام، ممن بلغت خدمتهم ست سنوات ونصف السنة.
وقبل أيام أكدت مصادر خاصة لموقع "تلفزيون سوريا"، اعتقال قوات النظام، لعدد من المطلوبين لـ"الخدمة الاحتياطية"، خلال عمليات التفييش على الحواجز المنتشرة على طريق "قطنا ـ جديدة عرطوز" بريف دمشق الغربي، كما دهمت دوريات أمنية محطة وقود على الطريق ذاته واعتقلت شابين من مواليد العام 1983 مطلوبين للاحتياط.
ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، ما لا يقل عن 197 حالة اعتقال تعسفي/ احتجاز في سوريا خلال شهر تموز الماضي، كانت 94 منها على يد قوات النظام السوري.
ووفق الشبكة، فإن قوات النظام السوري استمرت في ملاحقة واعتقال الأشخاص الذين أجروا تسويةً لأوضاعهم الأمنية في المناطق التي سبق لها أن وقَّعت اتفاقات تسوية معه، وتركَّزت في محافظات ريف دمشق ودرعا ودير الزور.
وسجلت الشبكة عمليات اعتقال عشوائية موسعة بحق مواطنين لم تستثنِ الأطفال والنساء منهم، في محافظات ريف دمشق ودمشق وحمص وحماة، وحصل معظمها ضمن أطر حملات دهم واعتقال جماعية وعلى نقاط التفتيش، ويُعتقد أنها جاءت بناءً على تقارير أمنية كيدية، ومن بينهم مواطنون تم اعتقالهم بذريعة التخلف عن الخدمة العسكرية الاحتياطية.