كشف كتابٌ صدر حديثاً، عن محاولات لعقد اتفاق سلام بين النظام السوري وإسرائيل عبر تكليف ضابط جيش سابق بإحياء المفاوضات بينهما، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة الأميركية لعبت دوراً محورياً في العملية.
وألقت صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية الضوء على كتاب: "الوصول إلى المرتفعات: القصة الداخلية لمحاولة سرية للتوصل إلى سلام سوري-إسرائيلي"، من تأليف فريدريك سي هوف/ Frederic C. Hof، ورصدت ما ورد فيه من تفاصيل تخصّ ردود أفعال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو ورئيس النظام بشار الأسد، بالإضافة إلى الدور الأميركي في محاولة توقيع معاهدة سلام بينهما.
الكتاب تناول فترة رئاسة باراك أوباما للولايات المتحدة (بين 2009 و2014)، وكان بنيامين نتنياهو رئيساً لوزراء إسرائيل، حيث أجرت إدارة أوباما محاولة سرية للتوسط بين إسرائيل ونظام الأسد.
وأشار الكتاب إلى أنَّ الوساطة جرى قطعها بسبب الحرب في سوريا عقب اندلاع الثورة في آذار 2011، ولكن وفقاً للوسيط الأميركي، فريدريك سي هوف، كانت الوساطة على مسار واعد؛ إذ أظهر بشار الأسد ونتنياهو استعداداً مفاجئاً للدخول في مفاوضات جادة على اتفاق سلام بينهما.
وخلال تلك السنوات، لعبت الولايات المتحدة دوراً نشطاً بمحاولات تسوية الصراع الإسرائيلي- السوري، إذ قاد "فريق السلام الأميركي" الطريق في المراحل الأولى من هذا الجهد، موضحاً في الوقت نفسه أن "الأسد الأب أصر مراراً على مشاركة الدبلوماسيين الأميركيين فيها والحفاظ على الطبيعة الثلاثية للعملية" وفقاً لما جاء في الكتاب.
وسيط لبناني!
وبيّن الكتاب أن "فريق السلام الأميركي" كان تجسيداً لما يُعرف في واشنطن بـ "الباب الدوار" الذي من خلاله يأتي الدبلوماسيون والأكاديميون ويتنقلون بين المناصب الحكومية والأكاديمية ومراكز الفكر، لافتاً إلى أن من بين هؤلاء كان يوجد شخص استثنائي من أصل لبناني، يدعى جورج نادر، الذي كان يجري جولات منذ الثمانينيات بين واشنطن ودمشق وبيروت والقدس.
ووفق الكتاب، ربط نادر نظام الأسد بإدارة نتنياهو الأولى، إذ تمكن من تجنيد قطب مستحضرات التجميل رونالد لودر لجهود وساطة بين نتنياهو والأسد، حيث كشفت جهوده أن نتنياهو كان على استعداد لتقديم تنازلات إقليمية بعيدة المدى من أجل التوصل إلى اتفاق مع نظام الأسد، وأن "الاتصال المباشر مع الأخير ينتج عنه نتائج أفضل من الاتصال عبر وسطاء".
وأكّد على أهمية أن تجري إسرائيل مفاوضات مباشرة مع النظام، من دون وساطة من طرف ثالث، "لأن إسرائيل كانت محقة في أن إجراء المحادثات المباشرة هو نوع من التطبيع - وهو السبب نفسه الذي دفع حافظ الأسد وخليفته بشار إلى التقليل من شأنها، بحسب الكتاب.
أوباما مخيب للآمال
وتحدث المؤلف هوف الذي عمل وسيطاً أميركياً بين نتنياهو والأسد، في معظم كتابه عن وصف اجتماعاته معهما في أوائل عام 2011 "والتي كانت ناجحة بشكل مدهش"، مشيراً إلى أنه في ذلك الوقت لم تكن النقطة الرئيسية لوساطة الولايات المتحدة هي الصيغة المعتادة لـ "الأرض مقابل السلام" ولكن: "الأرض مقابل التغيير الاستراتيجي".
أي، بمعنى آخر: مقابل الانسحاب الكامل من مرتفعات الجولان؛ كانت إسرائيل تريد أن تحصل ليس فقط على السلام مع النظام (سوريا) وإنما أيضاً على فك ارتباط الأخير مع إيران و"حزب الله". فمنذ حرب تموز 2006 على لبنان، كانت إسرائيل تنظر إلى التحالف الثلاثي بين إيران وسوريا وحزب الله على أنه تهديد استراتيجي خطير، وكانت الصيغة التي قدمها هوف كافية لإقناع نتنياهو بالموافقة على الدخول في مفاوضات جدّية.
ولكن الوساطة بين الطرفين توقفت مع انطلاق الثورة السورية، وخصوصاً مع طريقة إدارة أوباما المخيبة للأمل في تعاملها مع نظام الأسد، بحسب هوف.