عمد نظام الأسد خلال الأيام الفائتة، إلى مصادرة مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في محافظة دير الزور، والتي تعود ملكيتها إلى الأهالي المهجرين، وتقع هذه الأراضي في المناطق الواقع جنوب شرقي نهر الفرات والتي تعرف بمنطقة الشامية، وتواصل قوات النظام والميليشيات الإيرانية منذ سيطرتها على المدينة أواخر العام 2017، ارتكاب جميع أنواع الانتهاكات ضد أبناء المنطقة، في مسعى لإجبارهم على الرحيل من منازلهم وأراضيهم.
وأعلنت وسائل إعلام موالية، أن محافظ دير الزور التابع للنظام، فاضل نجار، ناقش يوم أمس الإثنين مع اللجنة الرئيسية المشكلة لتأجير الأراضي المتروكة والشاغرة، والمقرر إعلانها للاستثمار الزراعي للموسم 2021/2022، لتنفيذ خطة العمل التنفيذية لاستثمار الأراضي الواردة في جداول اللجان المكانية.
وقررت اللجنة إجراء المزايدات اعتباراً من يوم الثلاثاء القادم ولغاية يوم 23 أيلول الجاري، كما قررت استقبال الاعتراضات على الجداول المعدة حتى نهاية الدوام الرسمي من تاريخ 13 أيلول الحالي.
وأكد "المحافظ" خلال الاجتماع "على ضرورة العمل للاستفادة من كل الأراضي الزراعية وإدخالها ضمن الخطة الزراعية ولاسيما المحاصيل الاستراتيجية بهدف دعم الواقع الزراعي في المحافظة مشدداً على أهمية إنجاز العمل بالسرعة الممكنة".
الأسباب الحقيقية لمصادرة الأراضي
وقال مصدر مطلع لموقع تلفزيون سوريا، إن "محافظة دير الزور" التابعة للنظام شكلت لجنة مختصة لإحصاء الأراضي الزراعية منذ حوالي 3 أشهر.
وأضاف المصدر أن هدف هذه اللجنة "معرفة أماكن إقامة أصحاب هذه الأراضي، ليتسنى للنظام مصادرة أراضي الأهالي المهجرين والمقيمين خارج مناطق سيطرته".
ولفت المصدر إلى أن "عدد الأراضي التي تمت مصادرتها تقدر بأكثر من 25 قطعة أرض في قرى عشاير والسيال والجلاء والعباس التابعة لمدينة البوكمال".
السوريون يواجهون أسوأ أزمة غذائية بعد عشر سنوات
أكدت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا، أن قوات النظام صادرت في عدد من قرى ريف دير الزور خلال الأيام الماضية عشرات الأراضي الزراعية (منها أراض مزروعة)، ما يهدد محاصيل هذه الأراضي بالتلف نتيجة عدم سقايتها، وتفاقم الأزمة الغذائية في المنطقة.
وأوضحت المصادر أن قوات النظام منعت الفلاحين من الدخول إلى هذه الأراضي أو سقايتها تحت طائلة المحاسبة والاعتقال وطالبت القائمين على هذه الأراضي والفلاحين الذين يعملون بها بضرورة مراجعة صاحب الأرض حصرياً لفرع الأمن العسكري أو المفارز التابعة له في ريف المدينة.
وكانت الشبكة العالمية لمكافحة الأزمات الغذائية قد أصدرت تقريراً قالت فيه إن نحو 20 مليون شخص واجهوا أزمات غذائية العام الفائت، وذلك بسبب الصراعات المسلحة وجائحة فيروس كورونا، بالإضافة إلى تقلبات الطقس، حيث جاءت سوريا ضمن الدول الـ 10 الأكثر تضرراً بالأزمة.
وفي وقت سابق، أكد عضو "لجنة تجار ومصدري الخضار والفواكه" محمد العقاد تراجع زراعة الخضار والفواكه في سوريا خلال العام الحالي بنسبة تتراوح بين 60 و70 في المئة عن الأعوام السابقة.
تغيير ديموغرافي بغطاء الإصلاح وإعادة الإعمار
ويعتبر هذا الأسلوب المتبع للاستيلاء على أملاك المهجرين السوريين ليس جديداً من قبل نظام الأسد، فقد سبق وسن قوانين و مراسيم مشابهة مثل القانون رقم 10 وغيره، ويرى ناشطون أن ما يجري هو خطّة منهجيّة تبدأ باستخدام الهجمات العشوائية وحجة "محاربة الإرهاب" لتهجير السكان الأصليين، من ثم يعمَد إلى تمكين مختلف الفروع الأمنية والميليشيات الموالية التي تمارس كل أنواع الاضطهاد والبطش بمن تبقّى من أصحاب الأرض في تلك المناطق، بالإضافة إلى منع المهجرين من العودة إليها بأمان، من ثم يصدر القوانين والمراسيم التي تجرد السكان الأصليين من ممتلكاتهم وتمنحها لرجال الأعمال الموالين للنظام أو لعناصره.
وكان النظام قد أعلن إقامة مشروعين سكنيين، وتجاريين كبيرين في العاصمة دمشق هما ماروتا سيتي وباسيليا سيتي، القائم على مصادرة أملاك المهجرين سواء كانوا نازحين أو لاجئين، ويستهدف خصوصاً المناطق المتاخمة للعاصمة، والتي شهدت كبرى المظاهرات ضد النظام مع بداية الثورة السورية.
ورغم العقوبات الدولية المفروضة على هذه المشاريع، يمضي النظام في محاولاته إنجاز بعض المشاريع العمرانية المثيرة للشكوك، وفق مراقبين، كونها جزءاً من عمليات تغيير ديموغرافي في البلاد، حيث يسعى النظام إلى تبديل معالم المناطق المشاركة في الثورة السورية بحجة التطوير العقاري ومعالجة السكن العشوائي، والذي يمثل غالبية المساكن في محيط العاصمة دمشق.
وتسيطر قوات النظام والميليشيات الإيرانية على مئات المنازل والأراضي الزراعية في مدينة دير الزور وريفها منذ سيطرتها على المدينة قبل حوالي 4 سنوات، حيث تتحكم هذه الميليشيات بإدارة المنطقة والذي ساعدها على الاستيلاء على منازل المدنيين فيها واتخذت منها مقارَّ لها أو سكناً لعناصرها.