تواجه زراعة الحمضيات في سوريا تحديات متكررة كل عام، تبدأ من صعوبة التسويق وتدني الأسعار وصولاً إلى أعباء الإنتاج المتزايدة، مما يضع المزارعين في مواجهة معضلة مستمرة بين تحقيق الأرباح وتغطية التكاليف.
وتفاقمت هذه الأزمة نتيجة غياب خطط فعّالة من قبل حكومة النظام السوري لتصريف المحصول وتحقيق توازن بين العرض والطلب، ما جعل موسم الحمضيات مصدر قلق للمزارعين بدلاً من كونه فرصة اقتصادية.
موسم الحمضيات في سوريا.. خسائر كبيرة
كانت "السورية للتجارة" قد وعدت باستجرار 20 ألف طن، إلا أن التنفيذ لم يبدأ نتيجة خلافات بين تصريحات الجهات الرسمية حول الأسباب، وفقاً لصحيفة "تشرين" المقرّبة من النظام السوري.
وأوضح عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الفلاحين، نضال شاهين، أن التسعيرة التأشيرية المقدرة بـ 4 آلاف ليرة سورية للكيلوغرام لا تغطي تكاليف الإنتاج التي تجاوزت 3 آلاف ليرة للكيلوغرام، بسبب ارتفاع أسعار المستلزمات الزراعية. ورغم تقدير إنتاج هذا العام بـ 688 ألف طن، إلا أن المرض الزراعي المعروف بـ"جرب الحمضيات" تسبب في خسائر كبيرة.
وتواجه عملية تسويق الحمضيات عقبات متعددة، أبرزها نقص الوقود وارتفاع أسعار العبوات التي تجاوزت 4500 ليرة سورية. كما يعاني المزارعون من صعوبة تحصيل قيمة مبيعاتهم بسبب قيود التحويل المالي بين المحافظات.
ما مبررات "السورية للتجارة"؟
أعلنت "السورية للتجارة" أن الاستجرار بدأ في بعض المحافظات، مثل دمشق وحمص، ولكن بكميات محدودة بحجة أن موسم الذروة لم يبدأ بعد. وفي المقابل، يفضل العديد من المزارعين بيع محاصيلهم للتجار، نظراً لأن الأسعار السوقية تفوق التسعيرة الحكومية.
من جهته، وصف الخبير الزراعي أكرم عفيف، الأزمة بأنها مشكلة متكررة سنوياً، حيث تُهدر كميات كبيرة من الإنتاج بسبب سوء التسويق والأسعار غير المجدية. كما أن إعادة توزيع الحمضيات مجاناً أو إتلافها يؤدي إلى تقليل الطلب، مما يزيد من تعقيد المشكلة.
وتعاني سوريا منذ سنوات من أزمات متكررة في القطاعات الاقتصادية والزراعية، نتيجة السياسات غير المدروسة التي تتبعها حكومة النظام السوري، والتي غالباً ما تفتقر إلى الخطط الفعالة لدعم المزارعين أو تحسين بيئة الاستثمار الزراعي. ومع التدهور المستمر في البنية التحتية ونقص الموارد الأساسية، أصبح القطاع الزراعي من أكثر القطاعات تضرراً، حيث يتكرر تجاهل الحكومة لمعاناة المنتجين وعدم توفير الدعم اللازم لهم.
وفي قطاع الحمضيات تحديداً، يظهر ضعف النظام بوضوح، إذ يتعثر في وضع استراتيجيات تسويقية تحقق التوازن بين العرض والطلب. كما أن التسعيرات الرسمية غالباً ما تكون غير عادلة، ما يدفع المزارعين إلى بيع محاصيلهم بأسعار متدنية أو اللجوء إلى طرق غير منظمة لتسويق منتجاتهم. وفي ظل هذه الظروف، يتحمل المزارعون الأعباء الأكبر بينما تكتفي الجهات الرسمية بإلقاء اللوم على الظروف الخارجية من دون اتخاذ خطوات جادة لحل الأزمة.