أخذت ظاهرة الدين بالفائدة بالتوسع والانتشار ضمن مناطق سيطرة النظام السوري، بسبب حاجة كثير من السكان لاقتراض الأموال، نظراً لسوء الواقع المعيشي، والأوضاع الاقتصادية الصعبة.
ونشر موقع تلفزيون سوريا تقريراً في كانون الأول الماضي، حول انتشار الظاهرة في مناطق سيطرة النظام، جاء فيه، أنه ونتيجة التضخم وتدهور قيمة الليرة السورية، بات أصغر مشروع مثل طاولة بيع دخان صغيرة، بحاجة إلى أكثر من 1.5 مليون ليرة، ورغم أن هذا المبلغ يتجاوز قليلاً مبلغ 100 دولار، لكن تأمينه بات صعباً للغاية.
ودفعت صعوبة تأمين المبلغ كثير من الأشخاص نحو اللجوء للدين بالفائدة الذي انتشر في سوريا خلال السنوات الماضية، وبات اليوم أشبه بعرف عند طلب أي مبلغ للاستدانة، فأي عملية دين تعقد بين شخصين يتم الاتفاق في بدايتها على مبلغ الاسترداد بعبارة باتت شهيرة (قديش بترجعلي ياهن؟)، فمنهم من يرى بذلك ضماناً لقيمة المبلغ من انهيار الليرة، وآخرون يرون بذلك طريقة لتشغيل أموالهم كما يعتقدون، وفقاً لاستطلاع قام به موقع تلفزيون سوريا.
الاستدانة للزواج والعلاج والعمل
ونقل موقع "أثر برس" المقرب من النظام، عن الشاب وسيم قوله: "لم أستطع تأمين مبلغ العملية الجراحيّة الذي تجاوز 15 مليون ليرة سورية، فلجأت لطلب المبلغ من شخص أعرفه يمتهن الدين بالفائدة، فاشترط إضافة مبلغ على القيمة الكليّة، فأخذت منه 15 مليون ليرة لمدة عام، وطلب فائدة على المبلغ قدرها 2 مليون ليرة".
وكان الشاب فهد، المقبل على الزواج، بحاجة لشراء بعض المستلزمات للمنزل، وحالته المالية لم تساعده على الشراء، فاستدان من أحد الأشخاص مبلغ 25 مليون، مقابل إعادة دفعة كل شهر ومبلغ إضافي يقدر بـ 300 ألف، حتى ينتهي دفع المبلغ كاملاً، وفق المصدر.
بدوره يقول الحاج أبو علاء، إنه وبعد التقاعد أصبح بحاجة شديدة للعمل، فطلب من شخص يديّن الناس بالفائدة، مبلغ 75 مليون ليرة للبدء بمشروعه الخاص بصناعة الألبان والأجبان ومشتقاتها، والمبلغ سيسدد عبر دفعات بعد مضي 3 أشهر وكل شهر يدفع فائدة عليهم مليون ونصف.
كذلك احتاجت أم محجوب مبلغ 100 مليون لسفر ولدها، وتعرفت على رجل يدّين الأهالي مقابل الفائدة، وبعد سفر ابنها بدأت بتسديد المبلغ عبر دفعات وفائدة تقدر بمليون ليرة كل شهر، حسب الموقع.
عقوبات محتملة.. ما موقف القانون؟
وقال المحامي عبد الفتاح الداية، في تصريح للموقع المذكور، إنّ "كلمة الفائدة في القانون السوري مشروعة في بعض الأمور وغير مشروعة في أمور ومعاملات أخرى، لذلك لا بدّ من الانتباه لذلك والتفريق بين الحالات".
وبحسب المحامي، فإنه وفقاً لقانون العقوبات السوري، كل قرض مالي لغاية غير تجارية يوجد فيه فائدة ظاهرة أو خفية تتجاوز حد الفائدة القانونيّة يؤلف جرم المراباة.
وخلص الداية إلى أن "هناك فائدة قانونيّة مسموح بها تحمي صاحب المال، وهي هامة وضرورية، ولكن متى تجاوزت ذلك تصبح جريمة، ففي القانون السوري هناك جرم اسمه المراباة، بناءً عليه فإن استيفاء الفائدة الفاحشة فقط على الدين هو أمر مخالف للقانون وليس كل فائدة".
وتحدث الداية عن بعض المعلومات بهذا الخصوص، منها:
- كل من أعطى مالاً لشخص مستغلاً حاجته المادية ورابى هذا الشخص، عوقب بغرامة يمكن أن تبلغ نصف رأس المال المُقرض وبالسجن حتى السنة أو بإحداهما.
- يعاقب بالسجن حتى ستة أشهر وبغرامة يمكن أن تبلغ ربع رأس المال المُقرض كل من فتح محلاً للإقراض لقاء رهن بدون إذن ولو أجرى عقداً واحداً.
- الدين بربا فاحش يجوز إثباته بكافة وسائل الإثبات، وإذا كانت الفائدة فاحشة جاز للمدين إثبات ذلك بالطرق المقبولة قانوناً ومنها البينة الشخصية واليمين الحاسمة.
أما "الفائدة القانونية"، المسموح بها، فيقول المحامي: "إذا كان لدينا مبلغ من المال، وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به، كان ملزماً بأن يدفع للدائن، على سبيل التعويض عن التأخر، فوائد قدرها 4% في المسائل المدنية، و5% في المسائل التجارية، وتسري هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها، إن لم يحدد الاتفاق، أو العرف التجاري، تاريخاً آخر لسريانها".
وختم الداية بأنه "يجوز للمتعاقدين أن يتفقا على معدل آخر للفوائد، سواء أكان ذلك في مقابل تأخير الوفاء، أم في أية حالة أخرى تشترط فيها الفوائد، على ألا يزيد هذا المعدل على 9% فإذا اتفقا على فوائد تزيد على هذا المعدل وجب تخفيضها إلى 9%، ويجب رد ما دفع زائداً عن هذا المقدار".