يأتي رمضان هذا العام في الوقت الذي يعيش فيه السوريون وضعاً اقتصادياً مريراً للغاية، حيث تشهد مناطق سيطرة النظام السوري أزمات معيشية يصعب وصفها، ما جعل تأمين حاجيات الطعام في شهر الصيام أكثر كلفة من قدرة المواطن الشرائية.
وباتت سلة رمضان من الطقوس المعروفة سنوياً، والتي تشتريها العائلة بهدف الحصول على كل ما يتصل بموائد الإفطار من أساسيات دون الاقتراب من اللحوم الحمراء أو البيضاء وحتى الخُضر، وبما يقتصر على البقوليات والأرز والمعكرونة والسمنة والزيت وبعض المعلبات للسحور.
ورغم استقرار انحدار قيمة الليرة السورية مقابل الدولار عند حدود 14500 ليرة لكل دولار تقريباً، إلا أن الأسعار في أسواق دمشق تجاوزت ذلك الحد بعدة أضعاف، رغم زيادة الرواتب إلى حدود 300 ألف ليرة بالمتوسط للموظفين الحكوميين وبالطبع زيادة أسعار الوقود والخبز، ما يجعل المعادلة مثيرة للسخرية.
ويعيش أكثر من 90 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر، وفق بيانات وتقارير الأمم المتحدة، وفشل حكومة النظام السوري في إيقاف الانهيار الاقتصادي وتفشي الفساد في المؤسسات التابعة لها.
وساهمت الأزمات الاقتصادية العالمية أيضاً في انخفاض نسبة المساعدات التي يرسلها السوريون (المقيمون في الخارج) لعائلاتهم وذويهم، لضمان بقائهم على قيد الحياة ضمن مستوى الإعالة وتأمين الطعام.
وكان الحصول على سلة رمضان في العامين الماضيين أمراً صعباً، إلا أن الوضع الحالي ينبئ بأن تأمينها بات يمثل تحدياً على الأسر المحتاجة في ظل ارتفاع الأسعار والضغوط المفروضة على السوريين.
ومع اقتراب شهر رمضان المبارك زادت الأسعار بنسبة 25 إلى 50 بالمئة في معظم الأسواق، والزيادة شملت معظم أنواع اللحوم والدجاج والمواد الغذائية والخضراوات والفواكه وبالطبع المكسرات والحلويات.
كم أسعار السلل الرمضانية؟
لم يعد هناك شكل واحد للسلة الرمضانية، فقد تنوع مضمونها بما يناسب المبلغ الذي تمتلكه العائلة، خصوصاً أن العديد من الناس يفضل أنواعاً أكثر من أنواع، فقد زاد اعتماد السوريين على المعكرونة والبقوليات والبرغل أكثر من طبخات الأرز واللحوم أو الدجاج فهي وجبات مشبعة ومليئة بالكربوهيدرات ورخيصة مقارنة بأي منتجات أخرى.
ورصد موقع تلفزيون سوريا أسعار "السلل الرمضانية" في الأيام الأولى للشهر الكريم، حيث تباينت أسعار السلة بين 1.2 مليون و1.4 مليون ليرة سورية على الأقل من دون لحوم وخضراوات وفواكه، لعام 2024، وفي الجدول الآتي أسعار السلة الرمضانية في رمضان 2022 وفي رمضان 2023 كذلك.
تراجع في عدد المشترين
وقال الحاج أبو الهدى أحد مالكي مخازن التموين في سوق باب سريجة بدمشق، إن المنتجات لدينا جيدة إلى ممتازة، وقد تجد في السوق ما هو أرخص، ولكن الكثير من المواد لم تعد مضمونة مع غياب الرقابة.
وأضاف أبو الهدى أن أسعار السلل الرمضانية اليوم لا تقل عن مليون ليرة سورية، وهي لا تكفي لشهر رمضان كله بالطبع.
وأشار إلى أن هناك الكثير من أهل الخير كانوا يشترون السلة الرمضانية ويهدونها لعائلة فقيرة من باب التراحم في شهر رمضان، ولكن هذا العام تراجع عدد المشترين واقتصر الأمر على نصف سلة أو بعض محتوياتها.
وأكّد على أن الجمعيات الخيرية في دمشق لا توزع سلة رمضانية بهذا الحجم، لأن إمكانيات معظم الجمعيات في تراجع، فهي لا تحصل على تبرعات خارجية كثيرة إلا عن طريق المعارف والأقارب، ومعظم التبرعات محلية وباتت قليلة جداً مع انهيار قيمة الليرة السورية أمام الدولار.
الناس تعتمد على المساعدات في سوريا
من جانبه قال ثائر عبد الرحيم أحد العاملين في الجمعيات الخيرية بدمشق، سنوياً نلاحظ انخفاض التبرعات، في مقابل ارتفاع الأسعار بشكل جنوني وغير معقول بالنسبة لميزانية أي جمعية.
وأضاف عبد الرحيم، أن أحوال الناس في دمشق وريفها تغيرت أيضاً، يعني لم نعد نستطيع توزيع سلل رمضانية لكل المحتاجين المسجلين لدينا.
وأردف أن المتبرعين اليوم يفضلون توزيع السلل الرمضانية التي تغطي 10 أيام فسعرها مناسب إلى حد ما، فهي ما بين 700 ألف إلى 800 ألف ليرة سورية.
وأكد أن معظم سكان سوريا بحاجة، فلم يعد بين السوريين إلا فقراء ومحتاجون باستثناءات نادرة، يعني نلاحظ اختفاء كاملا للطبقة الوسطى، التي كانت أكثر من يتبرع لنا.
وبيّن أن وجبات حفظ النعمة التي نقدمها في رمضان، هي وجبات صحية ونظيفة نعمل عليها كل يوم بيومه لتصل نظيفة وشهية للناس، ولا يشعر الإخوة المحتاجون أنها بقايا طعام بقدر ما هي وجبات جديدة.
وأشار إلى أن العديد من المطاعم تتصل بنا لنحصل على بقايا الأطعمة النظيفة التي تزيد من البوفيهات المفتوحة والتي تكون بالعادة ممتازة وعلى جودة عالية وفيها لحوم حمراء وبيضاء وسلطات وشوربات وغير ذلك.
كما لفت إلى أن الجمعية توزع إلى جانب السلال الرمضانية ربطات خبز وخبز رمضان وتمور ولحوم من أنعام الصدقة وغير ذلك، فرمضان شهر الخير والناس في سوريا تعتمد على المساعدات أكثر من الرواتب 100%.