تزامن قرار منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" خفض حصة مخيّم الركبان من المياه التي تنقلها عبر صهاريج من الأراضي الأردنية إلى النصف، مع حصار يفرضه النظام السوري وحلفاؤه بقطع المواد الغذائية والأدوية عن المخيم مما شكل رسائل سياسية تفيد أن الأردن يرغب بتفكيك المخيم وعودة النازحين لمناطق النظام بحسب ناشطين سوريين، واستبعاد رغبة الجانب الأردني بفتح الحدود أمام النازحين لتوفر معلومات لديه أن لداعش عناصر داخل المخيم وهو ما صرح به النظام السوري في وقت سابق.
هل يتبنى الأردن رواية النظام ؟
يؤكد الأردن باستمرار أن عناصر من تنظيم داعش توجد داخل الركبان، إذ شكل مخاوف للسياسة الأردنية من تسلل إلى الداخل الأردني مما سيخلق تحديات أمنية مما دفعها لعدم فتح الحدود أمام النازحين وتقديم المساعدات الإنسانية، يتفق ذلك مع ما أعلن عنه وزير خارجية النظام فيصل المقداد أنه لم يتبقَ داخل المخيم سوى المنتمين إلى تنظيم "داعش"، في محاولة مستمرة من النظام بتشويه صورة المخيم الذي يضم آلاف العائلات.
المكتب الإعلامي لجيش مغاوير الثورة يقول لـ موقع تلفزيون سوريا: "إن الحديث عن وجود داعش داخل المخيم عار عن الصحة، والمنطقة تتبع لجيش مغاوير الثورة الشريك الرسمي للتحالف الدولي لمحاربة التنظيم".
"أهالي المخيم يشعرون أن أسباب تخفيف ضخ المياه تعود لأسباب سياسية وخاصة أنها تزامنت مع حصار خانق يفرضه النظام وحلفاؤه لتفريغ المنطقة وإجبار العائلات على العودة لمناطق سيطرته ".
رئيس المجلس المحلي في المخيم محمد درباس الخالدي يقول لـ موقع تلفزيون سوريا: "الأردن أحد أعضاء التحالف الدولي ويوجد له فريق عسكري في قاعدة التنف نحن في المجلس المحلي على استعداد لإرسال وفد يكون بمقدمة الدورية لحمايتها من عناصر داعش الذين يقولون أنها داخل المخيم.
ويضيف: "الحديث عن وجود داعش داخل المخيم يستهدف المدنيين الذين فروا من داعش أولا والنظام السوري والميليشيات الإيرانية والروسية الداعمة له".
وقد ندد المجلس المحلي في مخيم الركبان بكلام وزير خارجية النظام الذي اتهم النازحين في المخيم بانتمائهم إلى تنظيم الدولة معتبرا ما ورد هو اعتراف واضح وصريح بجرائم النظام المرتكبة ضد المدنيين ومخالف للقوانين الدولية.
وفي هذا الصدد يقول المحلل السياسي الأردني عريب الرنتاوي لـ موقع تلفزيون سوريا: "لم ينسَ الأردن مقتل سبعة جنود على يد داعش، ومحاولات متعددة للهجمات للداخل الأردني، بالإضافة إلى توفر معلومات لدى الأردن تفيد أن معظم العوائل الموجودة في المخيم تنتمي إلى داعش ووجود عدد من عناصر التنظيم في المخيم ودخولهم إلى الأردن سيتسبب بمشكلات أمنية داخلية".
ويضيف أن للأردن موقف ورغبة واضحة بتفكيك مخيم الركبان، بهذا القرار أو من دونه ليس من مصلحة الأردن بقاء مخيم ويرغب في عودة نازحي الركبان لديارهم سواء لمناطق النظام أو المعارضة".
ويقول الرنتاوي: "تاريخيا يشكل مخيم الركبان مصدر قلق وإزعاج للأردن منذ اليوم الأول من نشأته" ويعزو الرنتاوي مصدر القلق إلى أن النازحين قدموا من مناطق شمال شرقي سوريا بينما كانت مناطق المعارضة وتركيا أقرب إليهم.
ويرى الرنتاوي أن الدافع لحل معاناة الركبان يكمن في الولايات المتحدة وليس الأردن، وخاصة أن المخيم ليس بعيدا عن القاعدة الأميركية" التنف" ومن المنطقي أن يكون بحمايتها ورعايتها بتقديم الخدمات الإنسانية وخاصة أن القاعدة لها جماعات مسلحة تتلقى تدريبا عسكريا وتمويلا وهذا يشكل أسئلة مقلقة".
فتح الحدود خارج حسابات الأردن
يقول الرنتاوي إن الأردن واجه مطالب دولية لفتح الحدود إلا أنه لا أفق لحل الإشكالية وتراجعت المساعدات الإنسانية، وملف اللاجئين أصبح مسؤولية الدولة المضيفة هناك تخلٍ، والمساعدات الدولية تتآكل وخاصة بعد الأزمة الأوكرانية وقبلها كورونا.
مشيرا إلى أن الأردن يتعامل بحذر شديد مع مخيم الركبان باعتباره مصدر تهديد كما عمل بالتنسيق مع الروس بشكل خاص على تمكين العديد من العائلات من العودة إلى مناطقهم أو مناطق النظام حسبما يرغبون، والجهات الروسية تولت التنسيق مع الداخل السوري.
مستشار معهد السياسة والمجتمع في عمان د. محمد أبو رمان يقول لـ موقع تلفزيونا سوريا: "مسألة فتح الحدود أمام نازحي الركبان غير وارد بالنسبة للأردن لأنه ملف مرتبط بمعادلة الأمن الوطني بامتياز ، وهو ملف فضلت الأردن الابتعاد عنه.
ويضيف أبو رمان أن الأردن يرى أن توفير الغذاء والأدوية لنازحي الركبان من مهمة النظام السوري كونهم داخل الحدود السورية، من المصلحة الأمنية بالنسبة للداخل الأردني تفكيك المخيم وعودة اللاجئين.
تقليص المياه يضيق الخناق على نازحي الركبان
رئيس المجلس المحلي في المخيم محمد درباس الخالدي يقول لـ موقع تلفزيون سوريا: "بدأنا نشعر بتقليص كميات المياه منذ أسبوع، عند التواصل مع إدارة منظمة عالم أفضل المعنية بتوفير المياه كان الرد أن موجة الغبار هي سبب الموجة انتهت وما زالت كميات المياه التي تصلنا قليلة لا تكاد تكفي 10% من العائلات الموجودة في المخيم".
ويضيف الخالدي: "نحن على موعد مع كارثة حقيقية، فوجئ أبناء المخيم من القرار دون إعلام مسبق أو إشعار يتم توفير المياه بدلا من ساعتين نصف ساعة، كما أنه لا يوجد تنسيق مع أي جهة حول تخفيف المياه وعند التواصل يتم إعلامنا أن هناك عطلا".
مؤكدا أن وضع المخيم لا يحتمل مثل هذا القرار وخاصة أن وضع المياه سيئ قبل تقليصها أساسا، ويشرح أن أبناء المخيم يخرجون منذ ساعات الفجر الأولى للحصول على المياه.
تواصل موقع تلفزيون سوريا مع منظمة عالم أفضل (منظمة أردنية محلية غير حكومية) وهي المنظمة الوحيدة في العالم التي تهتم بشؤون اللاجئين السوريين في مخيم الركبان، والتي ما زالت تحافظ على توفير مستدام للمساعدات الإنسانية والدعم في المخيم، وبشكل أساسي الماء ، رفضت التعليق على الموضوع وأحالت الرد لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف".
تواصل موقع تلفزيون سوريا مع منظمة اليونيسيف وردت بأنه "في الآونة الأخيرة، تم تعديل كمية المياه التي يتم توفيرها لمخيم الركبان بناءً على أحدث التقديرات السكانية المتاحة، بهدف الحفاظ على المستوى القياسي للمياه المقدمة لكل شخص في المجتمع. لم تتغير ساعات توفير المياه في نقاط التجميع. بعد مشاورات مع المجتمع المحلي حول العملية الجديدة، تمت زيادة حجم المياه التي يتم ضخها إلى المخيم بعد بضعة أيام لتلبية احتياجات السكان الذين يعيشون هناك. يتم توفير 65 لتراً من الماء للفرد في اليوم.
هذا ويذكر أنه في عام 2016، أتاحت الحكومة الأردنية لـ20 ألفا من سكان الركبان بدخولهم المملكة كلاجئين، لكنها أضفت الطابع الأمني على وجودهم في مخيم الأزرق بسبب المخاوف الأمنية حيث قامت بتقييد حركتهم حتى يتم فحصهم بالكامل.
يرى الخبراء أنه لا يوجد أفق أو خطط متوقعة لحل النزاع في سوريا، ولا يُغفل أن الغزو الروسي لأوكرانيا أدى إلى جذب الانتباه بعيدا عن الشأن السوري، ومن المتوقع أن تحضى أزمة اللاجئين الأوكرانيين بالاهتمام الأكبر من صانعي القرار، بينما يبقى الركبان غارقا في كابوسه الإنساني.