يواصل النظام السوري والميليشيات الإيرانية والروسية المساندة له لليوم الرابع والعشرين حصاره على مخيم الركبان الواقع ضمن منطقة الـ "55"عند مثلث الحدود بين العراق والأردن وسوريا، ساعيا من خلال الحصار إلى إجبار أبناء المخيم على العودة إلى مناطق سيطرته.
الأمراض تفتك بالمخيم
"لجأنا لمخيم الركبان هرباً من الحرب والقتل والدمار، هربنا بأطفالنا ليقتلونا اليوم من الجوع والمرض" بهذه العبارة بدأ أبو محمد نازح في مخيم الركبان حديثه لـ موقع تلفزيون سوريا عن تدهور الأوضاع المعيشية والصحية داخل المخيم فاقمتها موجة الغبار التي عصفت ببلاد الشام.
ويضيف أبو محمد: "والدتي تعاني من الربو وصار عندها اختناق بسبب موجة الغبار وما في أدوية أو أجهزة الأوكسجين متوفرة فقط في مستوصف يبعد 10 كيلو متر عن الساتر السوري للمخيم في حالة استخدمت الدراجة تتفاقم الحالة أما وسيلة النقل فهي تحتاج إلى مازوت الذي نفتقده في المخيم".
الممرض العامل في مستوصف شام الطبي أسامة محمود في مخيم الركبان في حديثه لـ موقع تلفزيون سوريا يقول: "استقبلنا عددا كبيرا من حالات الاختناق أثناء العاصفة الغبارية التي أصبحت شبه روتينية ولا يوجد سوى جهاز أوكسجين واحد، كما أنه لا يوجد في المخيم إلا نقطتان طبيتان ومستوصف شام الطبي هو الجهة المجانية الوحيدة".
ويضيف محمود: "نواجه عجزا طبيا كبيرا، هناك حالات دود أطفال ولا تتوفر أدوية لمعالجته ولا إمكانيات لمعرفة نوعية العدوى ولا أجهزة مخبرية " ويقول: "الدود عبارة عن يرقات وبيوض سببه الرئيسي الطعام، وينتقل عن طريق الطعام والشراب".
مؤكداً نفاد أدوية الأطفال وأدوية الضغط والسكري بالإضافة للمسكنات، كما أن أكثر الأمراض انتشاراً في المخيم الإسهال والأمراض التنفسية والتهابات المسالك البولية.
أوضاع معيشية قاهرة
أبو سعيد وهو أحد أبناء المخيم يقول لـ موقع تلفزيون سوريا: "مواد التموين لم تدخل منذ 20 يوما، نعتمد في المخيم على المخزون المتوفر لدى أصحاب المحال التجارية والذي شارف على الانتهاء".
يقول أبو محمد: "أسعار المواد الغذائية باهظة سعر ربطة الخبز 2000 ليرة سورية، العائلات في المخيم تستبدلها بالخبز اليابس ويتم طبخه مع اللبن والملح أو شاي وخبز أو برغل ناشف".
وعن أسعار المواد التموينية تكلف "أكلة المجدرة " لأربع أشخاص أكثر من 26 ألف ليرة سورية وكيلو الخيار 4500 ليرة أما البندورة فـ 5000 ليرة وكيلو المشمس وصل إلى 12 ألف ليرة على حد قوله.
هل نجح النظام في استخدام أوراق الضغط؟
غادرت 24 عائلة و 19 شابًا من مخيم الركبان على 9 دفعات إلى مناطق سيطرة النظام خلال نيسان/أبريل المنصرم، والمعلومات تشير الى أن عشرات العوائل تتجهز لمغادرة المخيم بانتظار الحصول على الموافقة الأمنية من فصيل مغاوير الثورة، ويقول أبو محمد: "زوجتي لا يوجد لها علاج لم أفكر يوما من الأيام أن أضطر لإرسالها بالتهريب لمناطق النظام لتتعالج".
بدوره قال رئيس المجلس المحلي في المخيم محمد درباس الخالدي لـ موقع تلفزيون سوريا إن كل أسبوع يسافر من ثلاث إلى خمس عائلات من مخيم الركبان باتجاه مناطق النظام وخاصة مربين المواشي بسبب الفقر والمرض والجفاف الذي اجتاح المنطقة.
ويضيف الخالدي: "النظام كل يوم يزيد من حصاره على أبناء المخيم لإعادتهم نحو مناطق سيطرته لتفكيك المخيم لأنه يعتقد إن فكّك المخيم ستتفكك قاعدة التنف (قاعدة أميركية تقع في منطقة التنف بريف حمص الشرقي على الحدود السورية العراقية)".
موقف القانون الدولي
المحامي " محيي الدين وحيد لا لا "يصنف أبناء مخيم الركبان وفق القانون الدولي كنازحين داخليين، في أوقات السلم يخضعون لقانون الدولة المدنية والمشكلة تكمن حينما تكون تلك الدولة هي سبب التهجير، أما في أيام الصراع فيخضعون لاتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكول الملحق بها والقانون الدولي الإنساني، ولا يخضعون لاتفاقية لاجئين وهنا تكمن ثغرة حيث لا تقدم حماية إلا عند تجاوز الحدود الوطنية وفق تعريف اللاجئ.
ويضيف: "النازحون داخليا لا توجد اتفاقية دولية واضحة تحميهم، إلا أنه توجد اتفاقية أفريقيا الإقليمية تسمى "كامبالا" حيث تمنح النازحين داخلياً حقوقا تؤدي إلى حمايتهم وفق القانون الدولي وتقوم بحمايتهم في أثناء نزوحهم داخليا وترتب مسؤولية على الدولة التي يحصل بها نزوح داخلي".
لا يُحمل أبو محمد وأبناء الركبان النظام السوري وحده مسؤولية ما يحدث في المخيم، فالنظام بالنسبة لهم عدو واضح وصريح يستخدم قطع المواد الغذائية والأدوية كورقة ضغط للعودة إلى سيطرته إلا أنهم يتساءلون عن دور المنظمات الإنسانية والدول المجاورة للمخيم التي تركت أبناءه يواجهون مصيرهم وحدهم.