شنت قوات النظام السوري حملة عسكرية جديدة في ريف درعا الغربي، بعد وصول تعزيزات عسكرية على مدار أيام استقرّت قرب الأراضي الزراعية على الطريق الواصل بين مدينتي طفس ودرعا، على غرار حملات سابقة في مطلع موسم الحصاد من كلّ عام.
وتأتي الحملة الجديدة بعد أسبوع من استهداف طائرات النظام السوري بغارات جوية على مواقع في أراضٍ زراعية غربي المحافظة، في إطار تنفيذ خطوة من طرف النظام ضمن المبادرة العربية "خطوة مقابل خطوة".
الهدف من الحملة
وقال قيادي سابق في فصائل المعارضة لموقع تلفزيون سوريا إن توقيت الحملة الجديدة جاء بشكل روتيني من كل عام تزامناً مع موسم الحصاد، في ظل حرب ممنهجة تلاحق أبناء المنطقة في قوت يومهم كون المنطقة المستهدفة تعتبر سلة حوران الغذائية.
وبحسب القيادي فإن النظام يدّعي وجود عناصر من التنظيمات في الأراضي الزراعية الواصلة بين طفس واليادودة، ويوجّه لهم اتهامات بتنفيذ عمليات اغتيال استهدفت عناصر الشرطة في الريف الغربي من المحافظة خلال شهر حزيران الماضي.
وتحدّث القيادي في المعارضة أن هناك أولويات بالنسبة لعناصر المعارضة في الرد على الانتهاكات التي تصدر من طرف النظام في محافظة درعا، إذ إن استهداف الدوريات الأمنية وحواجز المخابرات أولى من استهداف عناصر الشرطة، معتبراً أن من يقوم بعمليات استهداف الشرطة يخدم النظام ويرجح أن تكون بإيعاز منه.
وأضاف القيادي الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنيّة، أن النظام يهدف من الحملة أمرين اثنين، أولهما سرقة ونهب الممتلكات الخاصة بالمزارعين في الأراضي الزراعية جنوبي طفس، والثاني إيصال رسائل إلى الدول العربية أنه ينفذ خطوة من قِبله في ملاحقة التنظيمات التي يعتبرها عامل عدم استقرار في المنطقة.
وقال المصدر: "يسعى النظام السوري جاهداً لربط ملف التنظيمات بملف المخدرات في محاولة لتبرئة ضباط النظام وميليشيا حزب الله اللبناني من عمليات تصنيع وتهريب المخدرات في المنطقة الجنوبية من سوريا".
ويتخوّف أهالي المنطقة من عمليات تهجير جديدة بحق المدنيين، على غرار عمليات تهجير سابقة بعد كل حملة عسكرية على مناطق متفرّقة من المحافظة، ولا يستبعد الأهالي وجود دور إيراني في العمل العسكري الحالي.
وفي حديث سابق مع قيادي سابق في المعارضة بدرعا أوضح لموقع تلفزيون سوريا أن النظام السوري يستفيد من عمليات الاغتيال التي تطول عناصر الشرطة بشرعنة تكثيف وتعزيز وجوده في بعض المناطق المهمة بالنسبة له، مشيراً إلى أن النظام لا يُقدم على فعل أي عمل إلا بما يضمن تحقيق أكثر من غاية وهدف ثمين له.
بداية المواجهات
شهدت السهول الجنوبية لمدينة طفس اشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة بين مجموعة محلية وقوات النظام بعد محاولة الأخير تثبيت حواجز جديدة بالقرب من الأراضي الزراعية، ظهر أمس الثلاثاء.
وأسفرت المواجهات العسكرية عن مقتل الشاب فهد الصبيحي، من بلدة عتمان، وهو أحد عناصر المجموعة التي اشتبكت مع قوات النظام، وأصيب شاب مزارع بجروح إثر استهدافه بالرصاص من قبل قوات النظام.
وتشارك ميليشيات محلية تابعة للأمن العسكري في الحملة العسكرية، أبرزها ميليشيا مصطفى المسالمة الملقب محلياً بالكسم.
كما استهدفت قوات النظام بقذائف الدبابة والمضادات الأرضية مقراً عسكرياً لمجموعة كان يتزعمها القيادي السابق بفصائل المعارضة خلدون بديوي الزعبي جنوبي طفس، مساء الأمس.
في السياق ذاته، أقدمت قوات النظام على تخريب بعض المزارع والممتلكات الخاصة بالمدنيين في الأراضي الزراعية المحيطة بمدينة طفس.
وتجددت المواجهات ظهر اليوم الأربعاء بين قوات النظام والمجموعة المحلية على أطراف مدينة طفس، كما استهدفت قوات النظام بقذائف الدبابات وعربات الشيلكا محيط المدينة.
تعزيزات عسكرية وعمليات تحصين
وجاءت الاشتباكات الأخيرة بعد وصول تعزيزات عسكرية لقوات النظام، استقرّت في عدد من المواقع في المنطقة الواصلة بين طفس واليادودة غربي المحافظة، وبدأت بعمليات حفر وتحصين في بناء الحفّارات القريب من مدينة طفس.
وبحسب مصدر خاص لموقع تلفزيون سوريا فإن تعزيزات عسكرية جديدة وصلت الليلة الماضية إلى بناء البحوث العلمية الواقع بين بلدتي اليادودة وطفس، شملت على سيارتين من نوع "زيل" تقل العشرات من عناصر النظام، وسيارات تحمل مضادات أرضية وعربات BMB.
وكانت قوات النظام استقدمت تعزيزات عسكرية مشابهة خلال الأسبوع الأخير وصلت إلى معصرة أبو نعيم ومعمل الشيبس على طريق درعا - طفس، شملت على آليات عسكرية ودبابات وعربات مصفحة، في ظل تخوّف الأهالي من تصعيد محتمل.
حملات مشابهة
وفي تموز/يوليو من العام الفائت أطلقت قوات النظام حملة عسكرية نحو مدينة طفس، وانتشرت في المزارع الجنوبية للمدينة لمدة شهر حتى تم التوصل إلى اتفاق أنهى التوتر في طفس قضى بانسحاب التعزيزات العسكرية من محيط المدينة.
وكان جهاز الأمن العسكري حينذاك يتذرع بوجود غرباء في مدينة طفس، إلا أن تنفيذ الاتفاق الذي قضى بإجراء عمليات تفتيش محدودة في المدينة نفى مزاعم الأمن العسكري بوجود الغرباء في المنطقة.
وبلغت خسائر الفلاحين في مدينة طفس حينذاك أكثر من مليار ونصف ليرة سورية، بعد منعهم من قبل قوات النظام من الوصول إلى أراضيهم، في وقت تضررت فيه مئات الأشجار المثمرة بسبب العطش.
وانتهت الحملة العسكرية على طفس باغتيال القيادي "خلدون الزعبي" مع 4 من عناصر مجموعته بعملية اغتيال في منطقة المفطرة غربي درعا، بعد عودتهم من اجتماع تفاوضي مع العميد لؤي العلي، رئيس فرع الأمن العسكري بدرعا المحطة في 26 آب/أغسطس 2022، وسط اتهام مباشر لرئيس الفرع بتدبير حادثة الاغتيال.