أشاد حزب "منتدى الديمقراطية" اليميني المتطرف بـ"العفو" الذي أصدره رئيس النظام السوري بشار الأسد، قبل أسابيع، معتبراً أنه "يوفّر فرصة ممتازة للسوريين في هولندا للعودة والمساهمة في إعادة إعمار وطنهم"، داعياً إلى ترحيلهم إلى سوريا.
ويأتي بيان الحزب في ظل مساعي "الائتلاف اليميني الحاكم" في هولندا لتصنيف "مناطق آمنة" في سوريا لإعادة اللاجئين السوريين إليها.
وقال الحزب اليميني المعروف بدعمه لـ"الأسد" في بيان نُشر، مؤخراً، إنّ "الرئيس السوري بشار الأسد أصدر الأحد (22 أيلول)، مرسوماً تشريعياً يقضي بـ"العفو العام عن الفارين والمتهمين أو المسجونين بجرائم بسيطة قبل 22 أيلول 2024"، مضيفاً أنّ "كثيرين يعتبرون هذه الخطوة محاولة مهمة لاستعادة الأمن في سوريا ومواصلة تطبيع العلاقات مع الدول المجاورة مثل تركيا والدول العربية حيث يقيم العديد من السوريين".
وتابع: "يمنح المرسوم الذي نشرته وكالة الأنباء السورية (سانا)، عفواً كاملاً عن المدانين بالفرار من الخدمة بموجب القانون الجنائي العسكري السوري، داخل وخارج البلاد".
وأشار الحزب اليميني الذي يمتلك ثلاثة مقاعد في البرلمان إلى أنه "سيتم منح الهاربين الذين ما زالوا في الخارج أربعة أشهر للحضور للاستفادة من العفو"، مردفاً: "أما بالنسبة للفارين داخل سوريا فتطبق فترة ثلاثة أشهر، وينطبق العفو أيضاً على الجرائم البسيطة، لكنه يستثني الجرائم الخطيرة التي تضر بالسلامة العامة وأمن الدولة، مثل الرشوة وبعض أشكال السرقة، وهذه إشارة واضحة إلى أن سوريا تريد مواصلة تعزيز سيادة القانون والنظام العام".
وزعم الحزب اليميني أيضاً، بأنه "في نهاية العام 2024، سيصل عدد السوريين في هولندا إلى حوالي 165 ألف.. وقد جاء الكثير منهم إلى هنا كلاجئين خلال الحرب الأهلية السورية".
"عفو الأسد يوفر فرصة لإعادة السوريين"
وشدّد الحزب على أنّه "الآن بعد أن تحسن الوضع في سوريا وأخذت البلاد في اتخاذ خطوات نحو التطبيع، فإن عفو الأسد يوفر فرصة ممتازة لهذه المجموعة للعودة والمساهمة في إعادة إعمار وطنهم".
وقال إنّه "من المهم لمستقبلهم أن يتمكنوا من استئناف حياتهم في سوريا.. علاوة على ذلك، من مصلحة هولندا مساعدة اللاجئين في عودتهم، فهو يوفر لبلدنا الفرصة لتخفيف الضغط على الخدمات الاجتماعية ومعالجة النقص في المساكن، في حين تحصل سوريا على الأيدي التي تحتاجها لإعادة الإعمار".
وأشار زعيم "المنتدى من أجل الديمقراطية"، تيري باوديت، مراراً إلى أن "الوضع في أجزاء كثيرة من سوريا قد تحسن بشكل ملحوظ وأن السوريين يمكنهم العودة إلى بلدهم"، مشدداً على التزام الحزب بـ"سياسة الحد من الهجرة خاصة الآن لأنه لم تعد هناك أي عقبات في سوريا أمام عودة سكانها".
كذلك، دعا السياسي المتطرف سابقاً إلى "دعم الأسد لاستعادة زمام السلطة وأنكر استخدامه للسلاح الكيماوي خلال الحرب السورية".
ويعتقد الحزب اليميني أنه يجب على الحكومة الهولندية أن تتحرك وتدعم السوريين للعودة إلى بلادهم، معتبراً أن ذلك "سيخفف الضغط على الرعاية الصحية في هولندا، والمزيد من المنازل للشعب الهولندي، ونهاية لفوضى الهجرة".
"تدابير صارمة"
يأتي بيان الحزب المتطرف بالتزامن مع اتفاق أحزاب الائتلاف اليميني الحاكم على اتخاذ تدابير جديدة وصارمة للحد من تدفق اللاجئين الذين يشكل السوريون معظمهم.
وتتضمن "التدابير الطارئة للجوء" التي تم الاتفاق عليها بين أحزاب "الحرية" و"عقد اجتماعي جديد" و"الشعب" و"الفلاحين" كبديل لـ"قانون الطوارئ" المثير للجدل، على عدد من النقاط الرئيسية أبرزها إعادة اللاجئين السوريين إلى مناطق "آمنة" يتم تحديدها في بلادهم، بما في ذلك السوريين الحاصلين على تصاريح إقامة مؤقتة، وعدم منح تصاريح لجوء للسوريين القادمين من المناطق "الآمنة".
وتتولى البت في تقييم المناطق "الآمنة" في سوريا وزارة الخارجية الهولندية، ومن المقرّر صدور التقرير الأمني في نهاية العام الجاري أو بداية العام المقبل.
وبحسب التدابير الجديدة أيضاً "سيتم إلغاء إلزام البلديات بتوفير منازل لحاملي تصاريح الإقامة وإنشاء أماكن بسيطة مؤقتة لتوفير السكن لحاملي تصاريح الإقامة بتنسيق بين الحكومة والبلديات".
كذلك، سيتم تقليص مدة تصاريح اللجوء إلى ثلاث سنوات بدلاً من خمس، وإلغاء تصاريح اللجوء غير محددة المدة، وإلغاء قانون توزيع اللاجئين بين البلديات، وإلغاء غرامة التأخير في إجراءات اللجوء، وتقصير وتبسيط إجراءات اللجوء، ووفق الاتفاق أيضاً سيتم مراقبة الحدود مع بلجيكا وألمانيا اعتباراً من نهاية شهر تشرين الثاني المقبل.
وتزعم الحكومة اليمينية أن البلاد تعاني من "أزمة لجوء" وتستدعي تدخلاً عاجلاً من خلال "حزمة واسعة من الإجراءات" للتخفيف من الضغط على منظومة اللجوء وتقليل عدد اللاجئين رغم أن كل تقارير المنظمات الأوروبية والحقوقية والإنسانية تدحض ذلك.
انخفاض عدد طالبي اللجوء
أدّت الحملة الإعلامية التي شنّها "اليمين المتطرف" ضد اللاجئين، على مدار الأشهر الماضية، إلى انخفاض عدد طلبات اللجوء في البلاد.
ووفقاً للأرقام الجديدة الصادرة عن هيئة الإحصاء الهولندية استناداً إلى أرقام دائرة الهجرة والجنسية (IND)، تقدّم 8,100 شخص بطلب للحصول على اللجوء في أشهر تموز وآب وأيلول، أي أقل بنسبة 25% تقريباً عن نفس الفترة من العام الفائت، إذ تقدّم حينها أكثر من 10500 شخص بطلبات لجوء.
وفي الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، كان العدد الإجمالي لطلبات اللجوء أقل بقليل من 25,000 طلب، ويتوافق تقريباً مع نفس الفترة من العام الفائت، عندما تقدم ما يزيد قليلاً عن 25000 شخص بطلب اللجوء في هولندا.
3300 سوري وصلوا خلال الأشهر الماضية
وإلى الآن، يشكّل السوريون أكبر مجموعة من طالبي اللجوء في هولندا، وفي الربع الثالث، تقدم حوالي 3300 شخص من سوريا بطلب اللجوء، وهو أقل من عدد الأشخاص الذين تقدموا في نفس الفترة من العام الماضي إذ كان العدد 4320.
كذلك، ظل عدد الأشخاص الذين يتم لم شملهم "مستقراً"، ففي الأشهر الثلاثة الماضية، جاء ما يقرب من 2650 إلى هولندا وكان معظمهم من سوريا: "1,915 شخصاً".
ويعاني اللاجئون السوريون في مراكز الإيواء من ظروف صعبة وفترات انتظار طويلة للحصول على تصاريح الإقامة، لا سيما في مركز تسجيل طلبات اللجوء (تير آبل).
"لاجئون يتعرضون لعنصرية وسخرية"
في السياق، شهدت قرية أوجشيلين التابعة لبلدية أبلدورن التابعة لمقاطعة خيلدرلند شرقي هولندا، اضطرابات بعد وصول طالبي اللجوء إلى ملجأ الطوارئ الليلي المؤقت.
وأفاد متحدث باسم الشرطة الهولندية، أمس الثلاثاء، أن الوضع كان مضطرباً في وقت متأخر في ملجأ الطوارئ الليلي لطالبي اللجوء، حيث انتظر حوالي عشرين شخصاً هناك حافلتين تقلان اللاجئين.
وتعرّض اللاجئون لتعليقات عنصرية وساخرة عندما وصلوا لقضاء الليل، وصرخ أحد الهولنديين على لاجئ يحمل غيتاراً على ظهره: "هنا، أوركسترا!"، في حين علّقت امرأة على لاجئ سار إلى ملجأ الطوارئ: "لديه معطف أغلى من معطفي، ما هذا؟ اللعنة.. هاهاها".
وأبقت الشرطة المحتجين على مسافة، في حين نزل اللاجئون من الحافلة للسير إلى مكان نومهم في موقع الطوارئ، الذي أُقيم في مبنى مدرسة فارغ ببلدية أوجشيلين، ويُستخدم كملجأ ليلي لما يصل إلى 100 شخص، لا يوجد لهم مكان في مركز التسجيل بـ"تير أبيل".
وحدث ذلك للمرة الأولى، الأسبوع الفائت، وللمرة الثانية، مساء الإثنين الفائت، وقد تسبّب مأوى اللاجئين في حدوث اضطرابات ومعارضة بين جزء من السكان منذ بداية شهر تشرين الأوّل الجاري، فقد أشار عمدة أبلدورن تون هيرتس، إلى أنه تلقى "ردود فعل متباينة" حول موقع الاستقبال في أوجشيلين.
يشار إلى أنّ قبيل وصول طالبي اللجوء بأيام، فجّر أشخاص مجهولون عبوة ناسفة في الملجأ، بحسب ما قالت الشرطة الهولندية، وتعرّض المبنى لأضرار جسيمة، وجرى تعليق لافتات خارج المبنى تحمل نصوصاً مثل "ليس بجانب أطفالنا، ويجب أن نمنع ذلك".