فتحت محاولة السلطات اللبنانية ترحيل المعارض السوري ياسين محمد العتر إلى سوريا، الباب أمام كثير من حالات الترحيل من البلاد إلى مناطق سيطرة النظام السوري والتجاوزات القانونية بهذا الخصوص.
وذكرت مصادر إعلامية قبل أيام، أن الأمن العام اللبناني أصدر قراراً بترحيل المعارض السوري ياسين محمد العتر إلى سوريا، وذلك بعد الإفراج عنه حيث كان يمضي حكماً بالسجن 10 سنوات بتهم "الانتماء إلى تنظيم إرهابي"، وهو ما لاقى إدانات واسعة من الناشطين والحقوقيين السوريين واللبنانيين، معتبرين أن ترحيل العتر سيعرضه للقتل والإعدام والتعذيب لدى النظام السوري، كما أكدوا أن القرار "غير قانوني ويخالف الدستور اللبناني والاتفاقيات الدولية التي وقع عليها لبنان".
قرارات غير قانونية
ونقلت صحيفة "المدن" عن المحامي محمد صبلوح، الذي تبلغ بقضيّة العتر، عبر الخطّ السّاخن التّابع لمركز سيدار للدراسات القانونيّة، قوله: "رغم صدور قرار إخلاء السّبيل بقي العتر محتجزاً من قبل الأمن العام، بطريقةٍ غير قانونيّة، وقد تقدمنا بكتابٍ لمدعي عام التّمييز للتأكيد على خطورة تسليمه للنظام السّوريّ، خوفاً من الإخفاء القسريّ والتّعذيب والقتل، مرفقاً بقرار منع السّفر، وأبلغنا المفوضيّة بالوضع. ولدى محاولة الأمن العام ترحيله بناءً على قرار المدير العام للأمن العام بالوكالة، تمّ التراجع عن تسليمه، وقد توقف مبدئياً القرار بانتظار مدعي عام التّمييز لإصدار القرار النهائيّ".
وأضاف صبلوح: "الغريب في الأمر أننا دائماً نسعى لإبطال القرارات التّعسفيّة وغير القانونيّة، بحمل القضيّة وعرضها على الرأي العام، أكان في وسائل التّواصل الاجتماعيّ أو في الإعلام، في حين يتوجّب على السّلطات أن تلتزم القانون جهاراً أو خفيّة، اليوم لدينا في لبنان مجموعات لاجئة ومهاجرة، نحو العشرة بالمئة منها من المعارضين، فإذا سلمنا جدلاً أن الدولة تعتزم ترحيلهم خلافاً للنصوص القانونيّة، فلتراعي على الأقلّ وضعهم، فلتنسق مع الجانب التّركيّ، وترسلهم إلى شمالي سوريا (مناطق سيطرة المعارضة)، على الأقلّ؛ أضعف الإيمان هو تجنيبهم ما فروا منه".
تجارب مروّعة
وتحدثت الصحيفة عن انتهاكات بحق اللاجئين السوريين في لبنان، آخرها كان في 21 من كانون الثاني الفائت، حين دهمت قوة من مخابرات الجيش اللّبنانيّ مخيمات اللاجئين السّوريين في بلدة قبّ إلياس - قضاء زحلة، وصادر معدات اتصال بالإنترنت واحتجز سيارة من نوع "فان" شرعية.
واعتقل الجيش اللبناني لاجئاً من المخيم نفسه، يدعى خالد. ص. وتبين أنه تم ترحيله إلى سوريا قسراً في اليوم ذاته، كما تعرض اللاجئ م. ج. للاعتقال التعسفي والضرب وسوء المعاملة، رغم أنه يمتلك أوراق إقامة شرعية، وذلك بسبب رفضه تفتيش هاتفه المحمول، وقد تم إطلاق سراحه في وقت لاحق.
وسبق أن أصدر مركز "وصول لحقوق الإنسان" تقريراً استقصائياً كشف فيه عن تفاصيل الحملة الأمنية التي تنفذها السلطات اللبنانية بهدف ترحيل اللاجئين السوريين من لبنان قسراً خلال العام 2023. مشيراً إلى أنه وثق خلال العام الماضي 1080 حالة اعتقال تعسفي و763 حالة ترحيل قسري إلى سوريا.
وركز التقرير الحقوقي على "مراقبة الحملة الأمنية العشوائية واسعة النطاق التي بدأها الجيش اللبناني في نيسان الماضي، والتي استهدفت منازل ومخيمات اللاجئين السوريين في عدة مناطق لبنانية".
وقال التقرير إنه "في إطار هذه الحملة، تعرض اللاجئون واللاجئات وأطفالهم لمعاملة قاسية ومهينة، إضافةً إلى التعذيب والتحرّش الجنسي وإساءة المعاملة، في أثناء فترات الاعتقال التعسفي".
وأظهر التقرير أن الجيش اللبناني "استخدم آلياته العسكرية لنقل اللاجئين من المخيمات وأماكن سكنهم نحو الثكنات العسكرية لإجراء تحقيقات معهم، وبعد ذلك، نقلهم نحو الحدود السورية ورحّلهم قسراً، حيث تم وضعهم خارج الحدود اللبنانية، وفي بعض الحالات، تم تسليم اللاجئين مباشرة إلى سلطات النظام السوري".
وكشف التقرير عن 13 شهادة للاجئين سوريين تم ترحيلهم قسراً إلى سوريا، عاد معظمهم إلى لبنان لاحقاً، وذلك من بين ما مجموعه 299 مقابلة أجراها فريق الباحثين الميدانيين في العام 2023.
ومن بين حالات الترحيل الـ 13، تم التأكيد على أن 10 منهم دخلوا بطريقة نظامية، وأحدهم كان يحمل إقامة نظامية، ومن هؤلاء اللاجئين قاصران وأربع من النساء، في حين أن 12 منهم مسجلون في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بصفة لاجئ.