مع الغلاء وضعف الرقابة، تنتشر المواد المغشوشة والمنتهية الصلاحية بشكل كبير في أسواق اللاذقية، حيث يتفنن بعض الباعة والتجار في أساليب الغش رغم مخاطره على المستهلكين.
آخر صيحات الفساد طالت قطاع التبغ مع انتشار ظاهرة المعسل المغشوش بشكل واسع في محافظة اللاذقية، عبر ورشات سرية صغيرة تعمل بعيداً عن أعين الرقابة والجهات المختصة.
"معسل" وتبغ مغشوش
وقال الناشط الإعلامي في مدينة جبلة، أبو يوسف جبلاوي، لموقع تلفزيون سوريا، إن "المعسل المضروب" المصنوع من نشارة الخشب وبقايا التبغ السيئة، والتي يضاف لها مادة الغليسرين والعسل الأسود والأصبغة ومواد سكرية، انتشر خلال الأشهر الماضية في اللاذقية، وكان له طعم سيئ جداً وتسبب بأضرار صحية لبعضهم، مضيفاً أن الموزعين لجؤوا لتزوير العلب عبر وضع لصاقات شركة "النخلة" الأصلية.
وبحسب جبلاوي، فإن أسواق المحافظة تعج بالمواد الغذائية المغشوشة، لا سيما مشتقات الحليب التي تضاف إليها البودرة والنشاء ومادة السبيداج الكيماوية التي توضع عوضاً عن اللبن المصفى. وأوضح أن اللبنة "البودرة" أصبحت السائدة في الأسواق نظراً لرخص ثمنها مقارنة بالنوعية الطبيعية رغم أضرارها.
ومع تكدس كثير من المساعدات الغذائية منذ فترة الزلزال وما بعدها في مستودعات جمعيات محلية وتجار في المنطقة، ومشاهدتها لاحقاً على البسطات وفي المتاجر، عانى كثير من أهالي اللاذقية مؤخراً من المواد المنتهية الصلاحية والفاسدة، لا سيما المرتديلا والطحين والأرز والبقوليات.
"مساعدات الزلزال" تباع في الأسواق
وقالت سامية كردي، من أهالي مدينة جبلة، لموقع تلفزيون سوريا، إن كثيرا من العائلات تخسر أموالها بسبب جشع التجار، حيث يشترون هذه المساعدات بأسعار أقل من السوق ويبدلون أكياسها وأحياناً تكون تقليداً لشركات معروفة في السوق، مما يجعل المستهلك الضحية.
وأضافت أنها وقعت ضحية هذه المواد الفاسدة عدة مرات ورغم أنها اشتكت لصاحب المتجر فإنها لم تحصل على أي نتيجة، مؤكدة أن المواد الفاسدة والمعدومة القيمة باتت منتشرة في الأسواق وسط ضعف الرقابة وسوء التخزين في الشمس.
الشاب أحمد عبدو (28 عاماً) كان ضحية حالة تسمم من جراء تناوله عبوة من سمك التونة اشتراها من بسطات تبيع مواد غذائية من المساعدات، بقي في المستشفى لعدة أيام ووصل بحالة خطيرة.
يقول أحمد لموقع تلفزيون سوريا، إن العلبة كانت منتهية الصلاحية ولم يعلم بذلك إلا بعد عودته من المستشفى، مضيفاً أن هذا الأمر كاد يكلفه حياته وتساءل: "أين دور التموين وحماية المستهلك عن هذه المواد؟".
لحوم مغشوشة ومنتهية الصلاحية
ومع وصول أسعار اللحوم في مناطق سيطرة النظام السوري إلى مستويات قياسية وعدم قدرة معظم الأهالي على شرائها، انتشرت في أسواق اللاذقية ظاهرة خلط لحوم محضرة مسبقاً بعضها مع بعض ووضع "النتر" في اللحوم، ولحوم مفرومة منتهية الصلاحية أو مزورة الصلاحية.
وقال أبو ليث، (طلب عدم ذكر اسمه) موظف في قطاع التموين بمدينة جبلة، لموقع تلفزيون سوريا، إنهم ضبطوا كثيرا من المخالفات المشابهة في محال بيع اللحوم، حيث كان بعض البائعين يخلطون اللحوم بأصناف غير صحية وبالعظم لتخفيض ثمنها، هذا بالإضافة إلى تخزين بعض منها بطريقة غير صحية أو انتهاء صلاحيتها.
وتحدث أبو ليث عن انتشار كبير وملحوظ للمواد المطحونة المنتهية الصلاحية في الأسواق التجارية، حيث يلجأ كثير من التجار لطحنها مع انتهاء مدتها لتصريفها، مما يجعل من الصعب اكتشافها رغم خطورتها على المستهلكين. وأبرز هذه المواد هي التمور التي تتحول إلى عجوة، بالإضافة إلى البهارات والتوابل مثل الكمون والزنجبيل التي تتعرض لغش كبير بسبب طحنها، واللحوم والدجاج، وحتى الأجبان.
ويرى أبو ليث أن السبب الأول لانتشار الغش والمواد الفاسدة هو الحالة الاقتصادية السيئة للناس والفقر وعدم تقبل البائعين للخسارة أو تخفيض ثمن المنتجات، موضحاً أنه في الشهر الفائت سُجلت مخالفات بمليارات الليرات معظمها في المطاعم والمتاجر بسبب مواد فاسدة.
فساد وتلاعب بالمواصفات
تكبد عبد الله، موظف حكومي في اللاذقية، خسائر مالية تجاوزت 9 ملايين ليرة بسبب شرائه بنزيناً مخلوطاً بالمياه من أحد بائعي المحروقات في المدينة. وقال عبد الله (49 عاماً) لموقع تلفزيون سوريا، إن عدم كفاية المخصصات وانقطاع المحروقات في محطات الوقود يجبر أصحاب السيارات على الشراء من السوق السوداء حيث تعبَّأ في بيدونات، وهي قابلة للغش من خلال إضافة الماء، وهذا ما حصل معه ومع كثير غيره.
ولا تتوقف ظاهرة الغش عند هذا الحد، حيث أسهم انتشار الفساد في معظم القطاعات إلى التلاعب بالمواصفات لزيادة الأرباح، وطال هذا الأمر حتى قطاع الأدوية والأجهزة الثقيلة المصنعة محلياً، كالكهربائيات، فضلاً عن صناعة الملابس التي تعرضت هي الأخرى إلى التلاعب في مواصفاتها، بذريعة ارتفاع تكاليف الإنتاج والضغوط الاقتصادية.
ويرى الناشط أحمد اللاذقاني، المقيم في اللاذقية، أن معظم السلع الموجودة في السوق السورية اليوم باتت بلا فاعلية أو جودة، سواء المنتجة محلياً أو المستوردة، مرجعاً السبب إلى الفوضى وانتشار الفساد بشكل أوسع وغياب الرقابة وارتفاع تكاليف المعيشة، والتي طالت كل مناحي الحياة بحسب قوله.