انتشرت بسطات بيع الآس قبل عيد الفطر بيوم في أزقة وأحياء وشوارع دمشق إضافة إلى أبواب المقابر، حيث يعتبر شراؤها جزءاً من تقاليد عيدي الفطر والأضحى، وتبقى تلك البسطات موجودة حتى اليوم الثاني من العيد على أبعد تقدير.
ومن تقاليد عيدي الفطر والأضحى في دمشق، شراء نبتة الآس دائمة الخضرة ذات الرائحة المميزة، والتوجه بها إلى قبور الأقارب لوضعها هناك مع قراءة الفاتحة بعد صلاة العيد، لكن حتى هذا التقليد وكغيره من العادات والتقاليد السورية، باتت مهددة بسبب الغلاء الذي طال كل جوانب الحياة.
زيارة قبور الأقارب مكلفة في سوريا
في جولة على بسطات الآس بدمشق، بدأ سعر أصغر باقة تضم 4 أو 5 أغصان من 2500 ليرة، أي أن الغصن تقريباً بـ500 ليرة، في حين ارتفع السعر إلى أكثر من 1000 ليرة للغصن في بعض البسطات، ليصبح سعر الباقة نحو 5000 ليرة سورية.
يقول أبو جهاد من سكان التل لموقع تلفزيون سوريا، إن والده ووالدته وعمه مدفونون في تربة باب الصغير، الوالد والوالدة في قبر وعمه وأقارب آخرون في قبر، ويضيف "كلفة الوصول إلى المقبرة تتجاوز 10 آلاف ليرة صباح العيد لعدم وجود سرافيس فجراً، ولو اشتريت باقتين من الآس بـ10 آلاف ليرة وعدت إلى المنزل بـ10 آلاف، ستكون الكلفة 30 ألف ليرة، لذلك لن أشتري الآس ولن أزور المقبرة، وسأكتفي بقراءة الفاتحة من المنزل".
كثيرة هي الحالات التي تشبه حالة أبو جهاد، والذين فضلوا قراءة الفاتحة وما تيسر من القرآن على روح من فقدوهم من منازلهم، بسبب كلف زيارة المقابر المرتفعة وخاصة لمن يسكنون في مناطق بعيدة عن مقابر أقاربهم.
رفعت من سكان منطقة ركن الدين، ويحتاج نحو 10 دقائق مشياً على الأقدام للوصول إلى تربة الشيخ خالد، لكنه لن يشتري الآس هذا العام لارتفاع ثمنه، وقال "من غير المعقول أن يصبح الآس تجارة ويدخل فيه الجشع، فهو ذو مدلول روحي وموروث شعبي. في اليوم الأول من العيد يرتفع سعر الآس عن يوم الوقفة لاستغلال توجه الناس نحو المقابر وعدم قدرة بعضهم على شراء النبتة قبل يوم ووضعها في منازلهم كونها تترك كثيراً من الأوساخ في حين تكون النساء قد قامت بتنظيف المنازل".
هناك بعض الأسر تضطر لزيارة 3 أو 4 قبور في يوم العيد، ومنهم ثائر الذي أشار إلى أنه سيشتري باقة من 5 أغصان ويضع غصناً على كل قبر، وقال "لو قام كل أقاربي بالحركة ذاتها لتوزع الآس بشكل جيد على القبور، وتكون الكلفة منطقية نوعاً ما، لكن كثيراً من أقاربي لا يشترون الآس وأخشى أن تبقى القبور من دون عرق أخضر".
ما هو مصدر الآس في دمشق؟
يصل الآس إلى دمشق من الساحل السوري، وتعتبر كلفة زراعته مجانية، كونه ينبت وحده في الأحراش من دون حاجة للتسميد أو الري، وقد تكون الكلفة الوحيدة المترتبة عليه هي أجور شحنه، وفقاً لأصحاب بسطات في دمشق، مشيرين إلى أنهم يشترون النبتة بالكيلو ثم يقومون برزمها وبيعها.
اقرأ أيضاً: خريجة اقتصاد.. امرأة تبيع على بسطة لتأمين لقمة العيش بالسويداء |فيديو
ورغم ارتفاع سعر الآس بالنسبة لكثير من الأسر التي تحتاج إلى أي مبلغ مالي لسد نفقات العيد مهما كان صغيراً، يرى الباعة أن السعر رمزي جداً، مشيرين إلى أنه وسيلة لكسب الرزق والتي لا تحتاج إلى رأس مال كبير فقد تكفي 50 ألف ليرة لفتح بسطة أرباحها قد تفوق رأسمالها بـ3 أضعاف.
دعوات للمقاطعة
أمين سر جمعية حماية المستهلك بدمشق، عبد الرزاق حبزة قال العام الماضي لصحيفة تشرين الرسمية، إن نبتة الآس تباع من دون ضوابط وبأسعار عشوائية وفي أماكن غير نظامية أمام المقابر والتجمعات على مفترق الطرق وتخلّف أوساخاً ومياهاً تلوث الشوارع.
وأضاف حبزة، أن الباعة يستغلون الناس بأسعار الآس، ومن الخطأ أن يشتري شخص ما سلعة غير ضرورية، لأنه لا يوجد مبرر اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي أو حتى ديني للقيام بذلك، ودعا إلى مقاطعة هذه السلع "عديمة الجدوى" على حد تعبيره، لأنها كانت في يوم ما تمنح مجانا كشكل من أشكال العمل الإنساني، لكنها تحولت منذ ذلك الحين إلى تجارة على الرغم من أنها موسمية ولا تدوم سوى بضعة أيام.