منح رئيس النظام السوري بشار الأسد عالم آثار إيطالياً وسام "الاستحقاق السوري"، فيما زُرعت شجرة ليمون باسمه في حديقة المتحف الوطني "تكريماً" له، بالتزامن مع استضافة مؤتمر عن الآثار هو الأول من نوعه في دمشق منذ 12 عاماً.
وقلدت نجاح العطار نائبة بشار الأسد، يوم الإثنين، وسام "الاستحقاق السوري" من الدرجة الممتازة لعالم الآثار الإيطالي باولو ماتييه، باسم رئيس النظام السوري، "تقديراً لجهوده في التنقيب الآثاري واكتشافات ماري وإيبلا، وإخلاصه لسورية تنقيباً وتأليفاً وتدريبه للكوادر السورية"، بحسب موقع "الوطن أونلاين" التابع للنظام.
كما زرعت مديرية الآثار والمتاحف شجرة ليمون في حديقة المتحف الوطني بدمشق باسم ماتتيه الذي يترأس البعثة الأثرية في إيبلا منذ عام 1964.
مؤتمر عن الآثار في سوريا لأول مرة منذ 12 عاماً
وانطلقت يوم الأحد، فعاليات مؤتمر "دولي" عن الآثار يستمر ليومين في المتحف الوطني بدمشق، تحت عنوان "آخر نتائج الأبحاث الأثرية السورية وتداعيات الزلزال"، نظمته المديرية العامة للآثار والمتاحف بالتعاون مع وزارة السياحة التابعة للنظام.
ويشارك في المؤتمر باحثون من إيطاليا وبولونيا وهنغاريا والتشيك، لمناقشة نتائج الأبحاث الأثرية وتداعيات الزلزال على المواقع الأثرية السورية، بحسب وكالة أنباء النظام "سانا".
وافتتحت وزيرة الثقافة لبانة مشوح المؤتمر، بكلمة قالت فيها إن هذا المؤتمر هو الأول من نوعه منذ بداية "الحرب".
وقالت مشوح، إن بعض البعثات الأثرية لم تغادر مناطق سيطرة النظام "في أحلك وأصعب الظروف التي مرت عليها (...) مثل البعثة الهنغارية التي تابعت أعمالها في قلعتي الحصن والمرقب، وبعضها الآخر عاد إليها عام 2019، وهناك خمس بعثات إيطالية تعمل في عدد من التلال منها تل إيبلا وطوقان وفرزت في ريف دمشق، وعمريت وتل الكزل في طرطوس".
وزعم وزير الثقافة محمد رامي مارتيني، أن العقوبات الغربية على النظام السوري تؤثّر على الثقافة والآثار، خاصة بعد الزلزال حيث "أصبحت الحاجة ضرورية لتدخل المنظمات الإنسانية والدولية التي تعنى بالثقافة والتراث لمد يد العون وكسر العقوبات الجائرة"، بحسب تعبيره.
وعرضت مديرية المتاحف صوراً ضوئية على سور حديقة المتحف الوطني بعنوان “نماذج لمشاريع ترميم التراث الأثري السوري”، زعمت أنها لأعمال الترميم التي قامت بها خلال فترة الحرب في السنوات الماضية.
تضرر مواقع أثرية في سوريا بالزلزال
تضررت عدة مبانٍ ومتاحف ومواقع أثرية في سوريا، أبرزها قلعة حلب التي تعتبر من أكبر وأقدم القلاع في العالم، من جراء الزلزال الذي ضرب البلاد في 6 من شباط الماضي، ووُصف بأنه الأعنف في تاريخ سوريا منذ عقود.
وسقطت أجزاء من الطاحونة العثمانية على قلعة حلب، ما أدى إلى حدوث تشقق وتصدع وسقوط لأجزاء من الأسوار الدفاعية الشمالية الشرقية.
كذلك سقطت أجزاء كبيرة من قبة منارة الجامع الأيوبي، وتضررت مداخل القلعة، وسقطت أجزاء من الحجارة، ومنها مدخل البرج الدفاعي المملوكي، وتعرضت واجهة التكية العثمانية لأضرار، كما تعرضت بعض القطع الأثرية المتحفية داخل خزن العرض، وظهرت تصدعات وتشققات على واجهة المتحف الوطني في حلب.
وألحق الزلزال أضراراً طفيفة ومتوسطة في بعض المباني داخل قلعة المرقب الواقعة على بعد 5 كيلومترات شرقي مدينة بانياس على الساحل السوري، ما أدى إلى سقوط أجزاء من حجارة بعض الجدران أو واجهات المباني، بالإضافة إلى سقوط كتلة من برج دائري في الجهة الشمالية.
كذلك تسبب الزلزال بسقوط الجرف الصخري في محيط قلعة القدموس وانهيار بعض المباني السكنية المتواضعة في حرم القلعة.
وتأثرت كذلك بعض المباني التاريخية في محافظة حماة، ما أدى إلى سقوط أجزاء من بعض الواجهات التاريخية لهذه المباني، مع حدوث تشققات وتصدعات بجدرانها.
وفي السلمية سقط الجزء العلوي من مئذنة جامع الإمام إسماعيل ما أدى إلى تصدع واجهة الجامع، وشوهدت أجزاء متساقطة من الجدران الخارجية لقلعة شميميس.
من المسؤول عن دمار الآثار في سوريا؟
تنشر وكالة أنباء النظام "سانا"، بشكل متكرر صوراً عن انتشار قوات النظام في مواقع أثرية لحمايتها، كما تعرض صوراً لرحلات منظمة إلى تدمر "حفاظاً على التراث السوري"، لكن بحسب تقرير أعده معهد دراسات الشرق الأوسط عام 2020، فإن البيانات تؤكد بأن النظام السوري يتحمل المسؤولية الأكبر عن دمار الآثار في سوريا خلال سنوات الحرب، إلى جانب تنظيم "داعش".
وأشار التقرير إلى أنه بينما كان العالم مصدوما باستيلاء تنظيم "داعش" على تدمر في عام 2015، لم يتحدث أحد عن الأضرار التي سببتها قوات النظام في وقت سابق من الحرب، وبالتحديد بالمواقع الأثرية حيث قاموا قبل دخول التنظيم بتركيب قاذفة صواريخ متعددة في معسكر "دقلديانوس"، وقادوا دبابات ثقيلة ومركبات عسكرية عبر الموقع الأثري، وقصفوا معبد بل، ما أدى إلى انهيار عدة أعمدة"، وأدى تفجير تنظيم "داعش" للمعالم الرئيسية خلال صيف 2015 إلى محو كل الأدلة للانتهاكات السابقة التي ارتكبها جنود النظام.
كما أشار التقرير إلى ما فعله سلاح الجو التابع للنظام في قلعة الحصن التي تعتبر أفضل قلعة صليبية تم الحفاظ عليها في العالم، حيث تسببت الغارات الجوية بتفجير النحت المعقد أمام قاعة الطعام، ما تسبب بأول ضرر يلحقه الإنسان بنسيج القلعة التي يعود تاريخها إلى قبل 800 عام، رغم أن النظام ألقى باللوم على المعارضة.