أعلن ناشطون في مدينة الباب شرقي حلب، فتح ما سمّوه أهم الملّفات الخدمية التي تهم المدينة وأهلها، تتعلق بانقطاع المياه والكهرباء عن المنطقة منذ سنوات، وذلك في ظل قضية قطع المياه عن محافظة الحسكة التي شهدت تضامناً محليّاً ودولياً كبيراً، فرض عودة المياه ولو بشكل جزئي إلى المحافظة.
ونشرت صفحة "مدينة الباب" على فيس بوك، مساء أمس الإثنين، تقريراً قدّمت فيه معلومات عمّا اعتبرته "جريمة تعطيش مدينة الباب المستمرة منذ سنوات، في ظل صمتٍ محلي ودولي".
وقدّر تقرير الصفحة الاحتياجات اليومية لـ سكّان مدينة الباب - المقدّر عددهم بـ 165 ألف نسمة - بنحو 10 آلاف متر مكعب، يمكن تأمينها في حال ضُغط على نظام الأسد لـ إعادة ضخ المياه مِن محطة "عين البيضا" في منطقة كويرس التي يسيطر عليها شرقي حلب.
وحسب ما صرّح مصدر محلي لـ موقع تلفزيون سوريا، فإنّ قضية انقطاع المياه في الحسكة والتجاوب معها، أثار ملف المياه والكهرباء معاً في عموم المناطق التي تسيطر عليها الفصائل العسكرية بالشمال السوري، وأبرزها منطقة الباب التي تعاني مِن انقطاع المياه الصالحة للشرب وتفتقد الكهرباء، منذ سنوات.
ودان التقرير "تحويل مأساة المدنيين السوريين في أي منطقة سوريّة إلى ورقة ضغط ومساومة سياسية"، مطالباً أن "تجد قضية تعطيش مدينة الباب وتهميشها خدميّاً آذاناً مصغية، وأن التعاطف مع الأهالي في الحسكة يوجب التضامن مع الأهالي في الباب"، معلناً عن حملة تضامن على مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسمٍ بعنوان (#الباب_أيضا_عطشى).
أسباب انقطاع المياه والكهرباء عن الباب
سكّان مدينة الباب يعتمدون حالياً على استجرار المياه إلى منازلهم مِن خلال شراء مياه الصهاريج المستخرجة مِن آبار القرى المجاورة للمدينة، وذلك منذ سيطرة نظام الأسد على محطة ضخ "عين البيضا" التي كانت تغذّي المدينة وريفها.
يقول الناشط الإعلامي عمار نصّار - أحد القائمين على صفحة "مدينة الباب" - لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّ نظام الأسد يتعمّد قطع المياه القادمة إلى مدينة الباب مِن نهر الفرات عبر محطة "عين البيضا" كـ ورقة ضغط سياسيّة على فصائل المعارضة.
وتابع "سبق أن دخل الهلال الأحمر، عام 2017، كـ وسيط لـ تشغيل محطة عين البيضا وتأمين مصاريف تشغيلها، إلّا أن المفاوضات توقّفت حينها بسبب عدم جدّية الأطراف المعنية بالتفاوض"، وأن إعادة تشغيلها مجدّداً يحتاج إلى ضغط سياسي على نظام الأسد.
وأشار "نصّار" إلى أن قضية المياه في مدينة الباب كانت دائماً على طاولة أي لقاء يجري مع المسؤولين المحليين والمسؤولين الأتراك في مدينة الباب، ولكن على ما يبدو أن هذه القضية لم تصل إلى صنّاع القرار في الحكومة التركيّة، ولو وصلت لـ كانت استفادت منها في قضية مياه الحسكة".
اقرأ أيضاً.. "محلي الباب" يعلن عن خدمات كبيرة في المدينة قريباً
أمّا بخصوص الكهرباء، فقد قال "نصّار" إن مدينة الباب سابقاً كانت تتغذّى عبر ثلاثة خطوط مِن مدينة حلب، ومنطقة كويرس، وسد تشرين في منطقة منبج (شرقي حلب)، إلّا أن نظام الأسد قطعهم تباعاً.
وأضاف "نصّار" أنه مع سيطرة تنظيم "الدولة" على مناطق واسعة شرقي حلب منها الباب ومنبج، أعاد تغذية المدينة عبر خطّي "كويرس وسد تشرين" ثم لاحقاً مِن مدينة مسكنة (شرقي حلب)، قبل أن تنقطع بسيطرة قوات النظام و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) على مناطق تضم محطات الكهرباء.
ومنذ سيطرة الجيشين الوطني السوري والتركي على مدينة الباب، مطلع العام 2017، ما تزال المدينة تعاني مِن أزمة طاقة لم تستطع "أمبيرات" المولدات الكهربائية سدّها، فضلاً عن زيادتها في معاناة سكّان المدينة نتيجة ارتفاع أسعار تلك "الأمبيرات"، في ظل مشاريع كهرباء تعمل عليها شركات تركيّة بالتنسيق مع المجلس المحلي للمدينة، لم تنتهِ بعد، ويحيط الغموض في عقود تلك الشركات المبرمة مع المجلس.
حلول بديلة لا تغطّي احتياجات الباب مِن المياه
يقدر خبراء محليّون بأن مدينة الباب وريفها تحتاج يومياً لِمَا يزيد عن "25 ألف متر مكعب" مٍن المياه، لا يمكن تأمينها - بشكل كامل - إلاّ عبر نهر الفرات "الذي تضمن اتفاقات دولية توزيع مياهه بين تركيا وسوريا والعراق".
وحسب الناشط الإعلامي عمار نصّار، شهدت مدينة الباب مشاريع بديلة لـ حل أزمة المياه كـ ترميم "خزّان جبل عقيل" وهو الخزّان الرئيسي الذي يمد المدينة بالمياه وفق سعته المقدّرة بـ"10 آلاف متر مكعب"، حيث عمِلت منظمة "إحسان للإغاثة والتنمية" على إصلاحه وصيانته.
كذلك أنشأ المجلس المحلي في مدينة الباب خزّانين سعة كلّ منهما (2000 برميل) ونقل المياه إليهما، ومِن ثم بيعها للأهالي عن طريق نقلها بصهاريج خاصّة، إلّا أن هذه المشاريع لا تكفي لـ إرواء عطش المدينة وريفها مِن سكّان وأراضٍ زراعية، خاصةً أن اعتماد تلك المشاريع قائم على الآبار فقط، التي قد تنضب في أي وقت.
وذكر "نصّار" أن توقّف ضخ المياه أدّى إلى مشكلات كبيرة في مدينة الباب أبرزها "تراجع منسوب المياه الجوفية بشكل كبير نتيجة استنزافها عبر مئات الآبار، خاصةً مع التضخّم السكّاني في المنطقة، على خلفية عمليات التهجير القسري والتغيير الديمغرافي التي عمل عليها نظام الأسد بدعم روسي وغض طرفٍ دولي".
وتُعتبر الباب - وفق نصّار - مدينة زراعية بامتياز وتعتمد على الزراعة بشكل أساسي في اقتصادها، وأن مشروع ريّها مِن الفرات كان يغذّي ما يزيد على "600 هكتار" مِن الأراضي الزراعية الخصبة، التي تشكّل جزءاً مهماً في سلة غذاء سوريا، وليس للمنطقة فحسب.
وكان أكثر مِن نصف مليون نسمة في مدينة الحسكة وريفها قد عانوا مِن انقطاع المياه، منذ نحو ثلاثة أسابيع، إثر تعمّد "قسد" قطع التيار الكهربائي عن منطقة رأس العين ومحطة مياه "علوك"، في ظل تضامن محلّي ودولي ما تزال تشهده محافظة الحسكة تحت وسمٍ واسع الانتشار على مواقع التواصل حمل اسم (#الحسكة_عطشى).