تنتشر المطاعم الأميركية والعالمية التي تحضر المأكولات السريعة في مصر منذ سنوات طويلة، وكانت تعتبر من الأكلات التي تمثل طقسا عند المصريين، وتجذب ذائقة الزبون المصري، ولكن اختلف الأمر بعد دخول المطاعم السورية إلى السوق المصري والتي أصبحت من أشد المنافسين لهذه المطاعم.
من ناحية أخرى، تنتشر المطاعم السورية أيضا في أنحاء البلاد، ويقدم أغلبها أصنافا مشابهة للعالمية، سواء البرغر، أو البروستد المقلي والسلطات، بالإضافة إلى الشاورما السورية التي لاقت رواجاً في مصر، إضافة للعديد من أصناف الطعام التي وضع السوريون لمستهم فيها مما جعلهم يدخلون قلوب المصريين بقوة.
وتميزت المطاعم السورية بجودتها، وحفاظها على النكهات الخاصة بها، بالإضافة إلى أسعارها التي تكون أقل بكثير من المطاعم العالمية التي يقصدها المصريون، مما جعلها الوجهة الأمثل للعائلات والشباب.
المقاطعة تعزز المنافسة
لعبت حملات مقاطعة المنتجات الأميركية نصرة للفلسطينيين وأهالي قطاع غزة دورا كبيرا في تعزيز المنافسة بين المطاعم السورية والمصرية من ناحية، والأميركية والعالمية من ناحية أخرى.
ومع انتشار المقاطعة يفضل المصريون استبدال المطاعم المحلية أو العربية بدلا من الغربية، وأصبحت نسبة كبيرة من هذه المطاعم فارغة تماما من الزبائن.
وعلى العكس تماما، امتلأت المطاعم السورية بالزبائن الذي فضلوها على المطاعم المشهورة، وعلى الرغم من حب المصريين لكل ما هو سوري، ودعمهم للمشاريع السورية منذ بداية توافد السوريين إلى مصر، إلا أن المقاطعة زادت من هذا الدعم.
هند صالح (27 عاما) مصرية تقول، كنت أخرج مع أصحابي كل خميس لنأكل في مطاعم عالمية وكان هذا طقساً مفضلاً لدينا منذ دخولنا الجامعة، ولكن بعد الحرب على غزة قاطعنا هذه المحال، وغيرنا هذه العادات.
تضيف هند، في حديثها لموقع "تلفزيون سوريا"، كنا نأكل أحيانا الأكل السوري في الجامعة ولكن بعد المقاطعة قررنا أن نأكل في مطاعم سورية ومصرية، واكتشفت أن جودة هذه المطاعم أفضل بكثير، وأصنافها متعددة أكثر.
ومثل هند، كان أحمد عبد الرحمن (35 عاما) يقول، وجدت جودة أعلى في المحال السورية، والإقبال عليها شديد، كما أصبحنا نشعر أنها من أكلاتنا المفضلة ونرغب بها أكثر من المطاعم الأميركية التي كنا نفضلها قبل المقاطعة.
يضيف أحمد، بالإضافة إلى الجودة العالية، الخدمة مميزة جدا وطريقة التقديم جميلة جدا، مما يشجع المرء على تجربة جميع الأصناف الموجودة في قائمة الطعام.
بدورها، قاطعت المطاعم السورية منذ بداية الحرب على غزة جميع المنتجات التي تدعم إسرائيل، من مشروبات غازية وغيرها، واستبدلت بها منتجات مصرية محلية، دعما للقضية الفلسطينية.
أسباب ازدهار المطاعم السورية
نجح السوريون في جميع المجالات التي دخلوها في السوق المصرية، وكان الأكل السوري يتصدر قائمة النجاح، فلا يكاد يخلو شارع أو حي من مطعم سوري أو أكثر، وتعج هذه المطاعم بالزبائن من كل الجنسيات، ولكن في مقدمتهم المصريون، الذين أحبوا المأكولات السورية وفضلوها على باقي الأصناف المختلفة الموجودة في مصر.
ولاقى الأكل السوري نجاحا استثنائيا، بسبب الجودة العالية التي يعتمدها السوريون في أكلهم، وطريقة تقديمهم للطعام "المتميزة"، وتنوعها، فلا يقتصر على أكلات محددة، بل يضيف دائما أصنافا جديدة.
ولكن السبب الأكبر لهذا الإقبال هو الأسعار المناسبة جدا التي تضعها المطاعم المصرية، والتي تعتبر مناسبة للطبقة المتوسطة في مصر، وأقل بكثير من أسعار المطاعم العالمية.
حسين أشرف (40 عاما)، رجل مصري يقول لموقع "تلفزيون سوريا"، إن المطاعم السورية تضيف للوجبات أشياء كثيرة وتجعل الوجبة مشبعة وكبيرة بسعر جيد، فتضيف البطاطس، والأرز والمخللات، والخبز أيضا، كما يقدمون عروضاً عائلية دائما مما يزيد الإقبال عليها، على عكس المطاعم العالمية التي تزيد أسعارها باستمرار بدون تقدير للظروف الاقتصادية التي يمر بها الزبائن.
بدورها زينب صبحي (29 عاما) تقول، كل أسبوع اصطحب أولادي لتناول وجبة العشاء في مطعم سوري قريب من بيتنا، ويزيد انبهاري مع كل صنف جديد أجربه.
وتضيف زينب، يعمل السوريون بجهد من أجل إرضاء الزبون فتجد المعاملة الحسنة، وكلمات الترحيب اللائقة، بالإضافة إلى التنوع في الخدمات التي يقدمونها.
العمل على راحة الزبون
يعمل أصحاب المطاعم السورية على إرضاء الزبون، وتقديم ما يناسب الذائقة الشعبية من أجل اكتساب عدد أكبر من الزبائن، بالإضافة إلى الوصول لكل الطبقات الاجتماعية، وتقديم ما يلائم كل طبقة.
سامر بندقجي (54 عاما) سوري وصاحب مطعم في القاهرة يقول، غيرت المطاعم السورية مفهوم الوجبات السريعة في مصر، التي كانت تقتصر على أيام الإجازات والمشاوير العائلية، ورسمت صورة جديدة في عقل الزبون، حيث يمكن أن تكون الوجبة مشبعة لمن يعمل لوقت طويل، أو من يتسوق ويتوقف لأكل"سندويشة" أو حتى من يرغب بوجبة سريعة في منتصف الليل.
ويضيف سامر، أن موضوع إرضاء جميع الطبقات أمر مهم، حيث نقدم أسعاراً متفاوتة ترضي الجميع، ومن يريد تجربة شيء يستطيع تجربته فأسعارنا تعد قليلة مقارنة بالمطاعم العالمية سواء أميركية أو تركية، على الرغم من أننا نقدم منتجات تنافسها بالجودة والنظافة، والزبون المصري ذواق ويعرف جيدا التمييز بين الأكل الجيد والسيئ وهذا ما جعل المطاعم السورية تنتشر بكثرة ويزيد الإقبال عليها.
منافسة "نزيهة"
على صعيد آخر، تستمر المنافسة "النزيهة" بين المطاعم السورية والمصرية، وعلى الرغم من إقبال المصريين على المطاعم السورية، إلا أن الأكل الشعبي يستحوذ على مكانة كبيرة في السوق المصري، حيث لا يقل الكشري أو الحواوشي، أو حتى الفول والطعمية أهمية عن الشاورما والدجاج المقلي في قلوب المصريين.
ويصب هذا التنافس بين المطاعم السورية والمصرية في مصلحة المستهلك، وفقاً لما يقوله النائب الأسبق في مجلس النواب المصري عام 2019 حيث أكد على أن وجود السوريين في مصر أدخل الكثير من الاستثمارات في مجالات مختلفة، ويقدر عدد المستثمرين بـ30 ألفا، مما ساهم في تنشيط الاقتصاد، وإحداث حالة من التنافسية بين المنتجات التي تصب في مصلحة المواطن المصري من خلال توفير منتجات عالية الجودة وبأسعار تنافسية.