أوقفت جمعيات خيرية بدمشق واللاذقية موظفين لديها عن العمل وحرمتهم من التعويض، ومن رواتب سابقة لم يحصلوا عليها، بذريعة توقف برنامج الغذاء العالمي نهاية العام الفائت عن توزيع المساعدات في سوريا، مبررة ذلك بأنها لم تعد بحاجة إليهم بعد سنوات من العمل ومن دون الاعتراف بحقوقهم.
رائد 33 عاماً (طلب عدم ذكر اسمه كاملا) وهو موظف سابق في جمعية باللاذقية، تُعنى "بالعمل الإغاثي والتنموي"، قال لموقع تلفزيون سوريا "إنَّ الجمعية أوقفته عن العمل بداية العام الجاري مع مجموعة من زملائه"، مضيفاً أنَّ عمله وزملاءه كان ضمن فريق إدخال البيانات وتنظيمها وأرشفتها".
وأوضح في حديثه، أن الجمعية أوقفت أيضاً عدد من العاملين في القسم الصحي لديها ومنهم أطباء وممرضون، وذلك بعد توقفها سابقاً عن دعم المرضى أو النساء الحوامل اللواتي كُنّ يحصلن على دعم مادي من الجمعية خلال فترة الحمل رغم وجود التمويل المخصص لهذا القسم.
وأكد أن الجمعية لم تدفع راتبه ورواتب زملائه منذ أربعة أشهر، على أمل إعادتهم للعمل قريباً ودفع رواتبهم السابقة، وهذا "ما لم يحدث حتى اليوم"، بحسب قوله، متوقعاً أنَّ الجمعية لن تدفع رواتبهم ولن تعيدهم للعمل.
فصل تعسفي من الجمعيات الخيرية في سوريا
وفي دمشق تعرض الموظف حمزة (24 عاماً) للفصل من العمل في جمعية خيرية بحجة إيقاف التمويل الدولي لبرنامج الغذاء العالمي، وقال لموقع تلفزيون سوريا "كنت أعمل ضمن مستودعات الجمعية كمنسق لعملية توزيع المساعدات وتم فصلي منذ قرابة الشهرين".
وأضاف، أنَّ الجمعية عرضت عليه الحصول على سلل غذائية (3 كراتين معونات) بديلا عن أجر ثلاثة أشهر لم يتقاض خلالها راتبا، مشدداً على أنَّ مستودع الجمعية ممتلئ بالمساعدات المخزنة والتي توزع "بالقطارة".
وفي نهاية العام الفائت 2023 أعلن برنامج الغذاء العالمي توقفه عن تقديم المساعدات الغذائية لسوريا بحجة إيقاف التمويل الدولي، وهذا ما دفع بجمعيات خيرية محلية للتوقف عن توزيع المساعدات ومن ثم لجوؤهم إلى فصل العاملين لديهم بدون دفع رواتبهم أو تعويضهم مادياً.
وعلى صعيد موازٍ، يعاني موظفو منظمة "الهلال الأحمر السوري" من التأخر لأشهر في صرف رواتبهم الشهرية، وكذلك المتطوعون لدى المنظمة، إذ تتأخر بدلاتهم المالية أيضاً والتي لا تكفي أجور مواصلات وثمن وجبة طعام كما يقولون.
وعن ذلك، تحدث، وليد، وهو اسم مستعار لموظف في "الهلال الأحمر السوري" لموقع تلفزيون سوريا قائلاً: "لم أقبض راتبي منذ 5 أشهر"، مضيفاً أنَّ المنظمة تأخرت في صرف راتبه ورواتب زملائه على أمل صرفها قريباً.
وأوضح أنَّ رواتب الهلال الأحمر لم تعد مغرية كما كانت سابقاً من جراء التضخم والانهيار الحاصل لليرة السورية مقابل الدولار الأميركي، وعدم رفع المنظمة للرواتب بما يتناسب مع حجم التضخم الاقتصادي.
لكن في المقابل، هناك موظفون يحصلون على رواتب عالية جداً وهم رؤساء الأقسام والمديرون الذين يقبضون رواتبهم بشكل شهري، وفق وليد، إذ أكد أنَّ المتطوعين في المنظمة أي الذين يعملون مقابل بدلات مالية يومية، تتأخر مستحقاتهم لأكثر من 6 أشهر، عدا قيمتها المنخفضة.
مساعدات الزلزال
وفي السياق ذاته، انتشرت مؤخراً أخبار تشير إلى وجود جمعيات خيرية كانت تسرق المساعدات المخصصة للمتضررين من زلزال 6 من فبراير/ شباط الذي ضرب جنوبي تركيا وشمال غربي سوريا، وأنَّ بعض أصحاب هذه الجمعيات هرب خارج سوريا بعد سرقته للمساعدات وقبض ثمنها.
وفي شباط من العام الماضي، قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير لها، إن النظام السوري نهب قرابة 90% من المساعدات المقدمة لضحايا الزلزال.
وسبق أن حذر خبراء في النزاع السوري وعاملون في مجال الإغاثة من سجل الأسد الحافل بالفساد والذي يمكن أن يعيد نفسه، مما سيترك ملايين السوريين بلا مساعدات أساسية تعينهم على أمور العيش في ظل هذه الكارثة الجديدة.
ويوجد بدمشق وريفها أكثر من 400 جمعية خيرية، فضلاً عن آلاف الجمعيات المنتشرة في باقي مناطق سيطرة النظام السوري، والتي تتلقى تمويلها من رجال أعمال ومغتربين أو منظمات دولية وأممية.
وكانت "أسماء الأسد" زوجة رئيس النظام التقت في آذار الجاري بممثلي جمعيات خيرية وإنسانية ومنظمات مجتمع مدني وممثلي غرف الصناعة والتجارة لتنسيق العمل الخيري بين هذه الجمعيات والمنظمات، وسبق ذلك تشكيل "المنصة الوطنية للمنظمات غير الحكومية" (تشارك) في عام 2023، كأداة لتنظيم الجهود المجتمعية، بإشراف "أسماء الأسد"، والأمانة السورية للتنمية.
وتهدف منصة "تشارك"، للاستيلاء على أموال الجمعيات والمنظمات التي تعمل في المجال الإغاثي والإنساني من خلال "الصندوق المالي الموحد للجمعيات الخيرية" والذي كان محور نقاش مؤتمرات الجمعيات الخيرية لانتخاب مجالس إدارة لها في عام 2023.