طالبت منظمة العفو الدولية "أمنستي" السلطات اللبنانية بإيقاف ما تطلق عليه "العودة الطوعية" للاجئين السوريين، مشيرة إلى أن لبنان "يعرض اللاجئين السوريين، عن قصد، لانتهاكات بشعة".
وفي بيان لها، قالت القائمة بأعمال نائب المدير الإقليمي في الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا في المنظمة، ديانا سمعان، إن السلطات اللبنانية "تعمل على توسيع نطاق ما يسمى بالعودة الطوعية، وهي خطة سارية منذ أربع سنوات، في وقت أصبح فيه من الثابت أن اللاجئين السوريين في لبنان ليسوا في موقف يسمح لهم باتخاذ قرار حر ومستنير بشأن عودتهم".
وأوضحت أن ذلك "بسبب السياسات الحكومية التقييدية على التنقل والإقامة، وتفشي التمييز ضد اللاجئين، وعدم وصولهم إلى الخدمات الأساسية، فضلاً عن عدم توافر معلومات موضوعية ومحدثة حول الوضع الحالي لحقوق الإنسان في سوريا".
وأشارت المنظمة الحقوقية إلى أن السلطات اللبنانية تعرض اللاجئين السوريين "عن قصد" لخطر المعاناة ولأشكال بشعة من الانتهاكات والاضطهاد عند عودتهم إلى سوريا".
العودة الطوعية تستند إلى المواقف الحرة
وأكدت المنظمة على أنه "كي تكون عودة اللاجئين طوعية فعلاً، يجب أن تستند إلى موافقتهم الحرة والمستنيرة، إلا أن الظروف القاسية في لبنان تلقي بظلال من الشك حول قدرة اللاجئين السوريين على إعطاء موافقة حرة حقاً"، مطالبة لبنان بـ "احترام التزاماته بموجب القانون الدولي، ووقف خططه لإعادة اللاجئين السوريين بشكل جماعي".
وحثت المسؤولة في العفو الدولية المجتمع الدولي على "مواصلة دعم أكثر من مليون لاجئ سوري في لبنان، في خضم الأزمة الاقتصادية المتصاعدة في البلاد، لمنع أي تصاعد إضافي في عمليات العودة غير الآمنة".
ولفتت إلى أن "القانون الدولي يحظر الإعادة القسرية البنّاءة التي تحدث عندما تستخدم الدول وسائل غير مباشرة لإجبار الأفراد على العودة إلى مكان يكونون فيه عرضة لخطر حقيقي بالتعرّض لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان".
واعتبرت العفو الدولية أنه "في كثير من الحالات، تمثل السياسات غير العادلة التي تنتهجها الحكومة اللبنانية عاملاً أساسياً في قرار مغادرة البلاد، وفي هذه الحالات، لا يمكن اعتبار موافقة اللاجئ على إعادته إلى دياره حرة أو طوعية"، مشيرة إلى أنها سبق أن وثقت كيف واجه اللاجئون السوريون التعذيب والعنف الجنسي والاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي لدى عودتهم إلى ديارهم".
اتفاق سياسي
وأول أمس الأربعاء، كشف الرئيس اللبناني، ميشال عون، أن إنجاز اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل سيتبعه بدء إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم، مشيراً إلى أنه "اعتباراً من نهاية الأسبوع المقبل، سنشهد بدء إعادة السوريين إلى بلدهم، على دفعات، الأمر الذي يعتبر قضية مهمة بالنسبة إلينا".
وأعلن وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، هيكتور حجار، أن "هناك اتفاقاً سياسياً يضمن لبنان بموجبه العودة الآمنة للنازحين السوريين إلى بلادهم"، مشيراً إلى أن رئيس الأمن العام اللبناني، عباس إبراهيم، "يتابع الحوار والمفاوضات والتنسيق" مع النظام السوري.
وأوضح حجار أنه "منذ فترة طويلة ونحن نحضر العودة الآمنة للنازحين السوريين، وهذا الاتفاق السياسي ضمن لبنان، ومتفقون على عودتهم الآمنة"، مضيفاً أن الأمن العام افتتح مراكز لتسجيل الراغبين بالعودة إلى سوريا.
وأشار الوزير اللبناني إلى أن الحوار لم ينقطع مع الجانب السوري، مشيراً إلى أن اللواء عباس إبراهيم "يتابع الحوار والمفاوضات معهم، ويتابع التنسيق مع الأجهزة والسلطة السورية".
تحذيرات حقوقية
الناطقة باسم مفوضية اللاجئين في لبنان دلال حرب، أوضحت بدورها بأن المفوضية "في الوقت الحالي لا تعمل على تسهيل أو تشجيع عودة طوعية واسعة النطاق للاجئين من لبنان إلى سوريا. هذا بالإشارة إلى أن آلاف اللاجئين يختارون ممارسة حقهم في العودة كل عام".
وأكدت حرب مجدداً دعوة المفوضية إلى "احترام الحق الأساسي للاجئين في العودة بحرية وطوعياً إلى بلدهم الأصلي في الوقت الذي يختارونه"، لافتة إلى أن "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تواصل الانخراط في الحوار مع الحكومة اللبنانية، بما في ذلك مكتب الأمن العام في سياق حركات العودة التي ييسرها".
وحذّرت عدة تقارير صدرت عن منظمات حقوقية من تعرّض غالبية اللاجئين السوريين العائدين إلى مناطق سيطرة النظام، إما للاعتقال والتغييب أو الابتزاز والتضييق ومختلف الانتهاكات الأخرى، في الوقت الذي يزعم فيه نظام الأسد استعداده لاستقبال المهجّرين العائدين إلى "حضن الوطن" بحسب وصفه.