العامل المشترك للسلوك الإسرائيلي بعد 7 أكتوبر

2024.09.20 | 06:27 دمشق

2555555555
+A
حجم الخط
-A

كان آخر ما قامت به دولة الاحتلال الإسرائيلي هو الحدث الذي قُتل فيه على الأقل 12 شخصاً وأصيب نحو 3 آلاف من عناصر حزب الله يوم الثلاثاء في جنوبي لبنان والضاحية الجنوبية بعد انفجار أجهزة الاتصال اللاسلكي التي يستخدمونها.

وفي هذا التوقيت وفي عملية من المرجح أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تقف خلفها، أكد مسؤول سابق في الشاباك أن ما حصل هو اختراق أمني استخباري غير مسبوق، فيما ذكر مستشار لنتنياهو قبل أن يحذف تغريدته أن دولة الاحتلال الإسرائيلي مسؤولة عن هذه الهجمات. وبعد ذلك طلب نتنياهو من الوزراء عدم إجراء مقابلات أو التعليق على حدث انفجار أجهزة الاتصال في لبنان، كما حظر حزب الليكود على أعضائه الإدلاء بتصريحات.

ما قاله مسؤول من الشاباك، إن ما حدث هو اختراق أمني استخباري غير مسبوق، هو توصيف صحيح ودقيق وهو بالفعل ما تبحث عنه دولة الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر لاستعادة أحد أسس وأركان أمنها القومي، وهو الردع المفقود والمهشم صبيحة السابع من أكتوبر، وبظني أن دولة الاحتلال الإسرائيلي ستظل مستمرة في مثل هذه النوعية من الأعمال التي تدخل ضمن وصف استخباري غير مسبوق ومؤثر على الخصوم من أجل استعادة الردع المفقود.

التغيير في معادلات الردع قد يغير مفاهيم واستراتيجيات الردع لدى الخصوم ولدى جهات أخرى تراقب المشهد.

أظهرت دولة الاحتلال الإسرائيلي مرونة عبر الهجوم الذي فجرت خلاله 3000 جهاز لاسلكي وحيّدت به مئات من أعضاء رئيسيين في منظومة الحزب العسكرية، وبالتالي أظهرت عدم التمسك بتكتيكات ردع ثابتة تقوم على الاستهدافات التقليدية. وهذا يعيد للأذهان حادثة سقوط مروحية الرئيس الإيراني.

إن أهم نقطة هنا في السعي لاستعادة الردع المفقود هي الحسابات الخاطئة، حيث تتطلب الأعمال النوعية التي ترفع مستويات الردع بشكل كبير مخاطرة عالية وتغييراً في استراتيجيات الردع التقليدية، مما يؤدي إلى قرارات غير حكيمة. وقد تحمل معها احتمالات توسع الصراعات إلى مستويات خطيرة، حيث إن التغيير في معادلات الردع قد يغير مفاهيم واستراتيجيات الردع لدى الخصوم ولدى جهات أخرى تراقب المشهد.

إن احتمال اندلاع حرب شاملة ما يزال قائماً مع هذا التصعيد، كما أننا نتحدث عن دولة عانت من فشل استخباري كبير جداً وعدم فهم دقيق لأهداف ونوايا ما تعتبره أضعف خصومها. ولذلك فإن الحاجة فرضت على الاحتلال الإسرائيلي القيام بهذا النوع من الهجمات مهما كانت نتائجه، وبالتالي فإن الباب مفتوح.

إذا لم يرد الحزب فإن التمادي صفة لازمة لدى الاحتلال وفي عقلية نتنياهو، خاصة في ظل عدم وجود ضغط حقيقي عليه.

وكما رأينا فإن صاروخاً باليستياً يمنياً سقط في محيط تل أبيب بعد أن تجاوز المنظومات الدفاعية وأثبت هشاشتها، وبالتالي أحدث شرخاً في آليات الردع الجديدة. وهو أمر غير مسبوق أن يتجاوز صاروخ من هذا النوع بهذه القدرة التدميرية منظومات حيتس ومقلاع داود والأنظمة الدفاعية الحليفة للاحتلال في المنطقة. وقد يكون قيام دولة الاحتلال بالهجوم السيبراني التفجيري لأجهزة الاتصال في لبنان رداً على الصاروخ اليمني لأن الإسرائيليين يتخيلون سقوط آلاف المسيرات على مناطق محددة في قلب تل أبيب في وقت واحد.

ولذلك فإن رد الحوثيين أيضاً بهذا الشكل هو في طياته رد على استهداف ميناء الحديدة الذي كان سلوكاً إسرائيلياً للرد على وصول مسيرة يمنية إلى منطقة غوش دان في قلب تل أبيب بعد 9 أشهر على الحرب. ثم بعد 11 شهراً كان الصاروخ الباليستي، ولذلك كل رد إسرائيلي لاستعادة الردع يأتي معه ترقية لمستوى وأدوات المعركة من الأطراف الأخرى.

ولذلك فإن هناك حالياً توقع لوجود رد من حزب الله، وفي الحقيقة كان رد حزب الله على اغتيال القيادي فؤاد شكر رداً قرأته دولة الاحتلال الإسرائيلي على أنه ضعف أو عدم وجود رغبة في التصعيد نتيجة عدم الجهوزية، وبالتالي رأينا تصعيداً تجاه الحزب ومحاولة لتحسين صورة الردع عبره. وإذا لم يرد الحزب فإن التمادي صفة لازمة لدى الاحتلال وفي عقلية نتنياهو، خاصة في ظل عدم وجود ضغط حقيقي عليه.

دخلت دولة الاحتلال الإسرائيلي في دوامة استعادة الردع، وهنا فإن تلقي الضربات خلال هذه العملية يحدث أضراراً بنيوية تشجع على المزيد، وقد تودي بمنظومة الردع بكاملها إذا دخلت معطيات وأدوات جديدة غير متوقعة.