ما بعد خطاب نتنياهو في الكونغرس

2024.07.28 | 05:34 دمشق

آخر تحديث: 28.07.2024 | 05:34 دمشق

نتنياهو
+A
حجم الخط
-A

لقد كانت الزيارة الأخيرة لنتنياهو هي أول زيارة له إلى الولايات المتحدة، الحليف الأساسي لدولة الاحتلال الإسرائيلي، منذ أن عاد لرئاسة الحكومة في ولايته السادسة في أواخر 2022. ومع أن مسؤولين أميركيين، بما فيهم بايدن، زاروا دولة الاحتلال، فإن عدم استقبال نتنياهو كان مؤشرًا على الأزمة.

من ناحية أخرى، جاءت الدعوة لنتنياهو من الجمهوريين وليس من الديمقراطيين، الذين قاطع نصفهم خطابه في الكونغرس. كما أن زيارة نتنياهو جاءت في حالة أكثر تعقيدًا مما كان يتمناه. على الرغم من أن نتنياهو حاول الترويج بأنه أكثر زعيم خاطب الكونغرس أربع مرات، أكثر من تشرشل نفسه، كان يمكن أن نقول إن زيارته ناجحة لو كان الفوز محسومًا للجمهوريين. ومع ذلك، تبقى صفة عدم التنبؤ بالسلوك المستقبلي الملاصقة لترامب نقطة جوهرية في نسف أي آمال لنتنياهو.

ولنتذكر أنه بينما كان نتنياهو يحزم حقائبه للذهاب إلى الكونغرس وربما كان سيلمح بما قد يخدم ترامب والجمهوريين، فإن انسحاب بايدن من السباق وترشيحه لهاريس جعل الأمور معقدة وجعل ترامب في وضع أصعب نسبيًا، حيث أعطى فرصًا متقاربة للجمهوريين والديمقراطيين. ولذلك، أقر نتنياهو بما يسمى الغموض السياسي في المشهد الأمريكي حاليًا وأدى ذلك إلى تخوفه وزيادة توازنه.

ومع كل ذلك، كان نتنياهو مستعدًا لخطاب دعائي وشعاراتي يتميز هو فيه. وبالفعل، مع كل استعدادات نتنياهو لحفلة الكونغرس، تم استقباله بالوقوف والتصفيق عشرات المرات. ولكن الحقيقة أنه تم ملء كراسي الكونغرس الفارغة، مع غياب نصف الديمقراطيين تقريبًا، بآخرين تم جلبهم للتصفيق لنتنياهو وشعاراته.

لقد كان لقاء نتنياهو مع الكونغرس غاية في الابتذال، وكان التصفيق لديكتاتور وقاتل ومسؤول عن جرائم الإبادة الجماعية في غزة بهذه الطريقة في مكان يعد نفسه واحة إشعاع للديمقراطية كشفًا عن الوجه الحقيقي لرعاية الديمقراطية وإهانة لواشنطن من ناحية، ولكنه من ناحية أخرى، فإن خطاب نتنياهو والتصفيق الذي ناله لم يأت له بتغيير في الموقف الأميركي وربما يأتي بالعكس إذا تابعنا التصريحات الأميركية.

كان الواقع أن كلا من بايدن وهاريس وحتى ترامب قالوا له عليه أن يوقف إطلاق النار في غزة. ولذلك يمكن القول إن نتنياهو الآن في وضع أصعب مع ضيق خياراته داخليًا وتراجع قوة المبررات التي يمكن أن يوظفها للتعطيل أو لتمرير هذه الفترة.

لقد حصلت هاريس على دعم كبير من المعسكر الديمقراطي، وبعد تأييد أوباما لها، وإن استطاعت اختيار نائب قوي لها ستكون حظوظها أقوى. ولذلك هناك حتى كتاب إسرائيليون لديهم قلق بأن هاريس لن تكون صهيونية كما كان بايدن، ولن تكون على الأقل في حالة تردد ترامب، وستبني على خطة بايدن ولكن ربما بحزم أكبر للضغط على نتنياهو.

تعتبر هاريس من تيار بايدن، وهو من رشحها للرئاسة، ولذلك لديها أفكار تعد استمرارا لما سارت عليه الإدارة الأميركية خلال الأشهر الماضية. فهي ترغب في وقف الحرب وستعمل على توظيف ذلك كإنجاز في سياستها الخارجية، خاصة أن لديها نجاحا في السياسة الداخلية واتهامات بأنها ضعيفة في السياسة الخارجية. ولهذا إن نجحت في تحقيق وقف إطلاق النار وتم تسويق ذلك كنجاح لها، وهو ما سيسعى له المعسكر الديمقراطي، بالطبع سيكون اسم بايدن هنا بروتوكوليا، فإن هذا السيناريو سيعطيها رصيدا وزخما مضاعفا للفوز وبداية فترة رئاسية جديدة بإرث كبير.

إن الغموض السياسي في واشنطن، الذي أشار نتنياهو له، يصعب الموقف عليه. ولن يلبث دخان هذا الغموض أن ينجلي بعد أيام وأسابيع قليلة. وعلى كل الأحوال، قد يكون نتنياهو في موقف أكثر حرجا في حال أكملت هاريس دورة ديمقراطية أو فاز الفيل ترامب لدورة ثانية بعد دورة 2016، حيث سيكون متحررا من أشياء كثيرة وأكثر قوة في الضغط على نتنياهو.