إيران تتصلب في سوريا وتصعد في المنطقة

2024.07.24 | 06:23 دمشق

آخر تحديث: 24.07.2024 | 06:23 دمشق

53.3.3.3.3.3.3.3.3.3.3.3.3.3.
+A
حجم الخط
-A

وضعت طوفان الأقصى كل القوى في المنطقة أمام امتحان صعب، ففي حالات الصخب الدولي تظهر بشكل جلي قدرات مختلف الأطراف وتكون فرصة لاختبار المقولات والشعارات وتحديد حجم القوى المختلفة.

ففي معركة أوكرانيا ثبت بشكل واضح بأن أوروبا لا تستقيم بلا دعم الولايات المتحدة وثبت كذلك بأن الحديث عن ثنائية قطبية ومقارنة روسيا بالولايات المتحدة لا يزال بعيد المنال.

هذه النقطة كانت أولى النقاط التي ثبتتها معركة طوفان الأقصى فلم تستطع إسرائيل استيعاب ما حصل لها ومعاودة الوقوف على الأقدام لولا دعم مفتوح من الولايات المتحدة وغيرها من القوى الدولية.

أما روسيا والصين فقد فضّلوا الوقوف جانبا وبالتالي معاودة الإقرار والتأكيد على الهوة بينهم وبين منافسة الولايات المتحدة عالميا.

إن أي إضعاف للولايات المتحدة يصب في صالحهما عالميا، ولكن عدم الدخول في مواجهة معها في لحظة غرقها في مستنقع غزة يعبّر بشكل واضح عن التسليم بفرق القدرة والقيمة العالمية واحترام عامل الوقت.

أما المؤسسات العربية الجامعة فلم يكن لها أي ظهور أو مبادرة تقريبا في مظهر ضعف لم تبلغه من قبل ولم يكن هناك ظهور عربي ملموس إلا عبر وساطات بين حماس وإسرائيل تقوم بها قطر ومصر لاعتبارات عديدة.

لم يغلق الأسد باب التقارب مع تركيا، ولكنه وضعه في سياق صعب وتسبقه شروط.

أما إيران، فمع بداية الحرب شهدت تخبطات وتراجعات وظهر المشهد وكأنها فقدت شعارها "وحدة الساحات" كما فقدت سوريا عبر منع الأسد للعمليات العسكرية من الأراضي التي يسيطر عليها.

تدريجيا، استعادت إيران توازنها العسكري ووسع حزب الله وجوده في جبهة الإسناد من لبنان والحوثي عبر عملياته في البحر الأحمر ونحو إسرائيل وكذلك الجماعات الإيرانية في العراق.

تصاعد السؤال بعدها حول موقف وعلاقة النظام السوري بإيران بعد الحرب وهل يعتبر الأسد خارج محور المقاومة فعليا وهل يمكن التأكيد باضمحلال النفوذ الإيراني في سوريا خاصة بعد تعدد الضربات الإسرائيلية في سوريا ومنع العمليات التي ذكرنا وكثرة الحديث عن تسرب معلومات من داخل دوائر قرار النظام السوري عن تحرك القوات الإيرانية وأذرعها فيها؟

إضافة، وفي الأيام الماضية ومع تسارع الحديث عن تفعيل التطبيع التركي مع النظام السوري بدفع روسي، توجهت الأنظار  لما سيكون عليه موقع الأسد ومن خلفه الضغط الإيراني.

لم يغلق الأسد باب التقارب مع تركيا، ولكنه وضعه في سياق صعب وتسبقه شروط، فقد صرح الأخير لوسائل إعلامية: "إذا كان اللقاء أو العناق أو العتاب أو تبويس (تقبيل) اللحى يحقق مصلحة البلد سأقوم به. المشكلة تكمن في مضمون اللقاء. لم نسمع ما هو الهدف من اللقاء؟ طرح المشكلة؟ تحسين العلاقات؟".. "ما هي مرجعية اللقاء؟ هل إنهاء أسباب المشكلة التي تتمثل بدعم الإرهاب والانسحاب من سوريا؟. هذا جوهر المشكلة. إذا لم يناقش اللقاء هذا الجوهر فماذا يعني لقاء؟".

يبدو أن الأسد ليس في وارد التخلي عن إيران كما يعتقد البعض، بل هو مرتاح بالتعامل معها مع ما تعطيه من حرية حركة لدرجة وقوفه على الحياد في مسألة فلسطين.

بوقت مواز، تمت تصفية مستشارة الأسد لونا الشبل والتي اتهمت فيها إيران بعدما طاوع الأسد إيران وأبعدها بسبب تردد الحديث عن تسريبها محاضر جلسات بين بشار الأسد والقيادة السورية والإيرانيين لروسيا وما بدا وكأنه إجراء غير كاف بالنسبة لإيران فقامت بعدها بتصفيتها، فعلى الرغم من أن الروس يدفعون باتجاه تطبيع العلاقة السورية-التركية إلا أنها إلى حد الآن متعثرة وهذا مؤشر لا يمكن إهماله على عمق العلاقة الأسدية-الإيرانية وأن موقف الأسد من طوفان الأقصى لم يؤثر على علاقة الطرفين ويؤكد بأن إيران تفضل حصتها من الأسد في سوريا مع علاقة طيبة له مع الغرب وإسرائيل على دفعه للمشاركة في الحرب وتوتير العلاقة معه وبينه وبين الغرب.

مؤخرا كذلك صعّد الحوثي من ضرباته باستهداف تل أبيب بمسيرات مباشرة كما صعّد حزب الله بنوعية أسلحته المستعملة وكذلك بما نشره من استطلاع قامت به مسيراته، هدد 1، وهدد 2 وما حملته الأخيرة من "تمشيط" لمنطقة الجولان المحتل وهو ما لا يخلو من رسائل إيرانية لا تبدو سوريا بعيدة عنها.

يبدو أن الأسد ليس في وارد التخلي عن إيران كما يعتقد البعض، بل هو مرتاح بالتعامل معها مع ما تعطيه من حرية حركة لدرجة وقوفه على الحياد في مسألة فلسطين مقابل أن تحافظ إيران على مصالحها في سوريا والتي إلى حد اللحظة لا تتعارض بشكل كبير مع مصالح الأسد وعلى رأسها تشاركهما في معارضة الوجود التركي الداعم للمعارضة في الشمال.

إذا، تعمل إيران على المحافظة على مصالحها في سوريا مع تحييد الأسد عن الحرب من دون أن تتأثر علاقة الاثنين كما تصعّد من لبنان واليمن في رسائل للولايات المتحدة وإسرائيل بأنها تمتلك وسائل مختلفة للرد في حال التصعيد الإسرائيلي في الشمال وبأن ذلك قد يؤدي لحرب إقليمية تبدأ من لبنان ولا تنتهي في اليمن وهي رسالة ردع لأي من الإدارات الأميركية القادمة.