قرّرت الحكومة السورية المؤقّتة، منذ نحو شهر تقريباً، إغلاق ثلاثة معابر في ريف حلب، معبر "أبو الزندين" مع قوات نظام الأسد، ومعبري "الحمران، وعون الدادات" مع "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، وذلك في خطوة احترازية منعاً لـ انتشار فيروس "كورونا" في المناطق التي يسيطر عليها الجيش الوطني السوري.
ومنذ قرار إغلاق المعابر، في الـ 18 مِن شهر آذار الفائت، شهدت مناطق سيطرة الجيش الوطني في ريف حلب مظاهرات قادها التجّار وأصحاب المداجن (مربّو الدجاج)، نتيجة المنتجات الفائضة لديهم عن حاجة المنطقة والتي قد تتعرض للتلف وتسبّب لهم خسائر كبيرة.
اقرأ أيضاً.. الحكومة المؤقتة تغلق 3 معابر مع "قسد" و"النظام" شرق حلب
وفي تصريح لـ موقع تلفزيون سوريا قال أحمد حسن الشيخ - أحد مربّي الدجاج في مدينة الباب - إن الإنتاج اليومي للبيض مِن مداجن المدنية وريفها يتراوح ما بين الـ 50 و 53 ألف طبق (30 بيضة في الطبق الواحد) وإن الاستهلاك اليومي للمنطقة بين 7 آلاف و9 آلاف طبق، والفائض كان يُصدّر إلى مناطق سيطرة "النظام" و"قسد" عبر المعابر قبل إغلاقها.
وأضاف "الشيخ" أن معبر "أبو الزندين" - جنوبي مدينة الباب في الريف الشرقي - ما يزال مغلقاً منذ شهر تقريباً، وأن لديهم فائضاً كبيراً مِن البيض الذي قد يسبّب خسائر كبيرة يصعب تحمّلها إن لم يصدّر الفائض خلال الأيام المقبلة، فضلاً عن مخاوف مِن تدمير المهنة أساساً في ظل الكلفة الباهظة لإنتاج البيض مع عدم القدرة على تسويقه.
وأوضح "الشيخ"، أن كلفة العلف للمنشأة الواحدة (المدجنة) التي تحوي 15 ألف صوص، يبلغ 640 دولاراً يومياً، والدخل اليومي مِن بيع البيض 450 دولاراً ما يعني أن هناك خسارة يومية تقدّر بـ 175 إلى 200 دولار، لأن الإنتاج بات يفيض عن حاجة المنطقة بخمسة أضعاف، فضلاً عن أنّ سعر طبق البيض قبل إغلاق المعبر كان نحو 17 دولاراً وبعد الإغلاق أصبح سعره 10 دولارات ولا يوجد مَن يشتريه.
وأكّد مربّي الدجاج أحمد حسن الشيخ، أنه في حال الاستمرار بإغلاق المعبر فلا خيار أمامهم سوى ذبح الفراخ وخسارة منتجات البيض، لأنهم لم يعد بمقدورهم شراء الأعلاف لـ قلة المال، مشيراً إلى أن هذا حال جميع أصحاب المداجن في مدينة الباب وريفها.
1.5 مليون دولار خسائر سوق الهال في الباب
مِن جانبه، قال محمد النعساني - تاجر مِن مدينة الباب - إن أغلب التجّار كانوا على موعد بافتتاح المعابر، بداية شهر نيسان، ما دفع العديد منهم إلى تحميل البضائع للتصدير مِن خضار ومواد غذائية معدّة للاستهلاك السريع، إضافةً لـ استقدام تجار آخرين بضائع مِن دول عدّة عبر تركيا، وأن معظم السيارات كانت جاهزة للانطلاق، نهاية شهر آذار.
وتابع "نحو 290 شاحنة - صغيرة وكبيرة - كان تنتظر دورها للعبور عند نقطة أبو الزندين لـ ينطلق مع فتح المعبر، يوم 2 نيسان"، ولكنهم تفاجؤوا بتمديد الإغلاق، وانتظروا حتى يوم 6 نيسان وبدأت البضائع تتعرّض للتلف، ما دفع التجّار للتظاهر وتشكيل وفد مِن 25 تاجراً مِن أصل 100 تاجر في سوق الهال بمدينة الباب، وانطلقوا إلى إدارة المعبر، التي أحالتهم إلى القاعدة التركية في جبل عقيل بالمدينة، والتي أحالتهم بدورها إلى قيادة فيالق الجيش الوطني، ولم يتمكّنوا مِن لقائهم لأنهم كانوا في تركيا.
وأضاف "النعساني"، أن كل كيلو مِن البضائع المحمولة على الشاحنات المنتظرة يخسر يومياً "100 ليرة سورية"، مؤكّداً أن مجموع خسائر سوق الهال في مدينة الباب فقط، نتيجة تأخير فتح المعبر - منذ 2 نيسان - بلغت أكثر مِن مليون ونصف المليون دولار أميركي.
وأشار "النعساني" إلى أن العديد مِن التجّار توجّهوا إلى مقر الحكومة السورية المؤقّتة واعتصموا هناك وتحدّثوا مع رئيس غرفة التجارة ووزير المالية في الحكومة، وطالبوا بافتتاح معبر "أبو الزندين" لـ مدة ساعتين فقط، ليتمكّنوا مِن خلالها إخراج البضائع الجاهزة قبل أن تتلف، ولن يكون هناك بضائع غيرها، إلّا أن "المؤقتة" أصدرت بياناً في اليوم التالي تعلن فيه تمديد إغلاق المعبر.
وتحدّث "النعساني" عن كميات كبيرة مِن البضائع المستوردة كالخضار بأنواعها والحمضيات والفواكة وبشكل أساسي البطاطا التي استوردوا منها 10 آلاف طن مِن مصر والبصل الذي استوردوا منه 5 آلاف طن مِن مصر و5 آلاف أُخرى مِن الهند، إلّا أن هذه البضائع تراكمت والكثير منها تعرّض للتلف، وأنهم حاولوا إخراجها عبر طرق "التهريب" إلّا أنهم لم يفلحوا.
وتقدّم وجهاء وتجّار مدينة الباب بكتابٍ إلى اللجنة الاقتصادية المسؤولة عن إدارة المعابر التابعة لـ الحكومة المؤقّتة، واقترحوا عليهم بعض الحلول البديلة عن إغلاق المعابر وأن تساهم بتطوير الحركة التجارية بدلاً مِن تدهور الشأن الاقتصادي والتجاري والمعيشي في المنطقة، ولكن دون جدوى.
"المؤقتة" والجيش الوطني يعملان على وضع حدٍّ لـ"التهريب"
مدير إدارة معبر "أبو الزندين" العميد محمود الموسى قال لـ تلفزيون سوريا إن إغلاق المعبر كان بقرار الحكومة المؤقتة وقيادة الجيش الوطني، وأنهم كـ سلطة تنفيذية استجابوا لـ قرار الإغلاق التام بالنسبة للجانب الإنساني والتجاري، مشيراً إلى أن "المؤقتة" ردّت على مطالب افتتاحه بأن دولاً عظمى تهاوى اقتصادها وجلّ تفكير السياسين فيها هو الحدّ مِن انتشار الفيروس، وهذا أهم مِن الواقع الاقتصادي.
وعن طرق "التهريب" أشار "الموسى" إلى أن "الدول العظمى ومع توفر الأجهزة الأمنية المدّربة ووسائط المراقبة والآليات لا تستطيع إيقاف عمليات التهريب، رغم وجود حدود صغيرة بينها، مع العلم أن قيادة الجيش الوطني وبالتعاون مع الشرطة العسكرية تواصل ملاحقة أماكن التهريب التي يستغلّها ضعاف النفوس، وتقوم بكل الإجراءات اللازمة لـ وقفه".
وأضاف "الموسى" أنه بالنسبة لـ معبر "أبو الزندين" فإنه ومنذ صدور قرار الاغلاق التام، يوم 18 آذار الفائت، وإعادة تمديد إغلاقه مجدّداً، يوم 2 نيسان، لم يفتح المعبر، وأنه لا يوجد معلومات جديدة حالياً تُفيد بأن المعبر سيُفتح قريباً.
مِن جانبه، قال وزير المالية في الحكومة المؤقتة عبد الحكيم المصري - لـ موقع تلفزيون سوريا - إن المنافذ الداخلية التي مع نظام الأسد و"قسد" مغلقة بشكل كامل، وأن المعابر التي مع تركيا بالنسبة للحركة التجارية ما تزال مفتوحة.
وأضاف "المصري" أنهم شدّدوا خلال الآونة الأخيرة على جميع المنافذ لـ منع عمليات التهريب، وأن قرار الإغلاق التام للمنافذ اتخذ في ظل معلومات تفيد بأن نظام الأسد والميليشيات الإيرانية تسعى لـ إدخال فيروس "كورونا" إلى المناطق المحرّرة، وأنه لا يمكنهم ذلك إلّا عن طريق المنافذ المتصلة بهم.
وتابع - حول عدم إغلاق المعابر مع تركيا - أنه "ليس لـ تركيا مصلحة في دخول الفيروس إلى الشمال السوري، وأنها الأكثر ضرراً في ذلك، كما أن إغلاق المعابر مع تركيا سيؤدّي إلى ارتفاع الأسعار وفقدان كبير للمواد"، مردفاً "بوجود مواد يتم تأمينها مِن تركيا ومواد تُصدّر إليها وعبرها"، مع الأخذ بكل الإجراءات اللازمة لـ عدم انتقال عدوى الفيروس.
اقرأ أيضاً.. الحكومة المؤقتة: التهريب يعرض حياة 5 ملايين سوري لخطر كورونا
يشار إلى أن إدارتي معبري "باب الهوى" (شمال إدلب) و"باب السلامة" (شمال حلب) على الحدود السورية - التركية قد أعلنتا، في وقتٍ سباق، إغلاق المعبرين أمام حركة المسافرين والحالات المرضية مِن قبل تركيا كـ إجراء احترازي لمواجهة فيروس كورونا.
كذلك، اتخذت معظم المجالس المحلية العاملة في الشمال السوري، العديد مِن الإجراءات الاحترازية بهدف الحد مِن انتشار فيروس كورونا، منها إيقاف الأنشطة في الكافيتريات والحدائق والملاعب والمتنزهات والمسابح والمطاعم وغيرها.