icon
التغطية الحية

إجلاء اللاجئين السوريين في شمالي لبنان.. نزوح جديد يفاقم الأزمات

2024.09.16 | 06:31 دمشق

6333333333333335
مخيمات اللاجئين السوريين في الشمال اللبناني
بيروت - جنى بركات
+A
حجم الخط
-A

يواجه اللاجئون السوريون مأساة جديدة داخل لبنان، البلد الذي لجؤوا إليه هرباً من ويلات الحرب، حيث  أصدر مؤخراً محافظ الشمال، رمزي نهرا، قراراً بإخلاء مناطق شمالية مثل الكورة، البترون، وزغرتا من اللاجئين السوريين، مما أجبرهم على النزوح من جديد، ولكن هذه المرة ليس إلى وطنهم، بل إلى مناطق أخرى داخل لبنان مثل عكار والضنية. 

هذه الخطوة تركت اللاجئين أمام مصير مجهول، وهم يواجهون مجدداً قسوة النزوح والتهجير وسط ظروف قاسية، دون أي سند قانوني أو إنساني يحميهم.

ويحكي أحمد، أحد اللاجئين السوريين الذين شملهم قرار الإخلاء، قصته لموقع "تلفزيون سوريا" بحسرة: "كنت أعيش مع عائلتي بشكل قانوني في منزل استأجرناه بالكورة. فجأة، داهمتنا عناصر أمن الدولة وطلبوا منا إخلاء المنزل فوراً. لم يكن لدينا مكان آخر نذهب إليه، وبقينا في الشارع لأيام نبحث عن مأوى. في النهاية، انتقلنا إلى منزل صغير في عكار، ولكنه لا يكاد يكفينا".

أما عدنان، الذي كان يعمل في مستودع بالكورة، لم يكن أفضل حالاً. "تم القبض عليّ بتهمة دخولي لبنان خلسة، رغم أنني أحمل بطاقة من المفوضية. طُلب مني مغادرة الكورة فوراً، فاضطررت إلى الذهاب إلى طرابلس، حيث أبحث الآن عن عمل يومي. كل ما كنت أريده هو الاستقرار، لكن يبدو أن ذلك مستحيل".

ترحيل بلا مسوغ قانوني.. الضياع في الشوارع

هذه الشهادات ليست استثناءً، بل هي جزء من مشهد أكبر يعيشه اللاجئون السوريون في شمالي لبنان. إذ وصف المحامي اللبناني المتابع لهذا الملف، محمد صبلوح، تلك الإجراءات بأنها غير قانونية، إذ يتم إخلاء المنازل والمستودعات دون أي حكم قضائي أو مسوغ قانوني. اللاجئون يُرحلون من منازلهم التي استأجروها بشكل شرعي، وتُغلق تلك المنازل بالشمع الأحمر دون تبرير واضح، رغم أن العديد منهم مسجلون لدى مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

وفي التفاصيل، شدد صبلوح على أن هذا الترحيل القسري يعكس توتراً طائفياً مستمراً في لبنان لأنهم باتوا يحصرون في منطقة واحدة، وبالتالي تخوف من حدث أمني في المستقبل يحمل مدن طرابلس وعكار والضنية مسؤولية بذريعة "الوجود السوري". 

تصاعد العنف والعنصرية.. حادثة باسكال سليمان

تأتي هذه الأحداث في وقت تتزايد فيه مشاعر العداء والعنصرية تجاه اللاجئين السوريين في لبنان، وخاصة بعد حادثة مقتل منسق أكبر حزب مسيحي في لبنان، وهو حزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع،  باسكال سليمان في مدينة جبيل شمالاً، التي شهدت تصاعداً في العنف.

حينها، اتهمت عصابة مؤلفة من لاجئين سوريين بخطف ومقتل سليمان، واعتقل نحو 9 أشخاص لمشاركتهم في هذه الجريمة. بعد الحاثة التي وقعت في التاسع من نيسان/أبريل من العام الحالي، سارع محافظ الشمال رمزي نهرا إلى تسطير قرارات بإخلاء المناطق الشمالية من هؤلاء. 

اللاجئون السوريون، الذين فروا من الحرب والدمار في وطنهم، باتوا يجدون أنفسهم مجدداً في مواجهة نزوح جديد داخل لبنان، دون أمل يلوح في الأفق. هم اليوم في مواجهة عنف من نوع آخر: عنف النزوح الداخلي، والتمييز، والعنصرية. قصصهم تعكس واقعاً صعباً ومعاناة لا تنتهي، في ظل غياب الحلول الفعلية والتدخلات القانونية التي تحمي حقوقهم.

بالأرقام.. عدد اللاجئين المرحلين من لبنان

في عام 2023، شهدت عمليات ترحيل اللاجئين من لبنان تصاعداً كبيراً، حيث أعاد الجيش اللبناني أو رحّل نحو 13.700 شخص، وهو ارتفاع ملحوظ مقارنةً بنحو 1,500 حالة في عام 2022، وفقاً لمصدر في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

 وازداد هذا التوجه في عام 2024، حيث علمت المفوضية بترحيل ما لا يقل عن 430 شخصاً من قبل الأمن العام اللبناني، فيما رحلت القوات المسلحة اللبنانية أكثر من 2,800 شخص عبر الحدود البرية الشمالية. 

الجدير ذكره أن هذه الأرقام لا تندرج تحت إطار العودة الطوعية، بل تمثل ترحيلات قسرية وعشوائية تشمل حتى بعض الحالات المسجلة والمعروفة لدى المفوضية.