icon
التغطية الحية

أمراض تنفّسية.. معامل صهر وتدوير نفايات تضرّ بنازحين شمالي إدلب |صور

2024.09.30 | 14:13 دمشق

آخر تحديث: 30.09.2024 | 15:18 دمشق

طفلة مريضة في مخيم عباد الرحمن شمالي إدلب
طفلة مريضة في مخيم "عباد الرحمن" للنازحين شمالي إدلب (تلفزيون سوريا)
إدلب ـ عز الدين زكور
+A
حجم الخط
-A

منذ ثلاثة أسبايع تحضر الطفلة براءة (سنتان) جلسات "رزاز"، بسبب معاناةٍ شديدة مع ضيق تنفس وحساسية في منطقة الصدر، مع زيارة متكرّرة لعددٍ من الأطباء والصيادلة، بحسب والدها عبد العزيز الشوا.

يقول "الشوا" في حديث لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّ "الأطباء نصحوا بإبعادها عن الروائح بمختلف أنواعها، لكن تبدو المهمة مستحيلة في المخيم".

مخيم عباد الرحمن شمالي إدلب

ويضيف: "حتى عن روائح الطبخ أبعدناها لكن كيف نهرب من روائح المعمل المضرة التي تتنفسها الطفلة والعائلة دائماً.. اليوم أشعر أن وضعها الصحي تحسن قليلاً، لكن الأمر لن يدوم طالما أن المعمل يجاورنا ويضخ أدخنته علينا، ولذلك اشتريت جهاز رزاز".

مخيم "عباد الرحمن" للنازحين شمالي إدلب

يُطلق سكّان مخيم "عباد الرحمن" قرب بلدة كفريحمول شمالي إدلب، نداء استغاثة، إثر تضررهم من معمل لصهر النحاس والألمنيوم يقع على مسافة تقل عن 100 متر من المخيم، بسبب الأدخنة المتصاعدة من الحرّاقات والروائح الضارة التي تستنشقها العائلات المهجرة على مدار الساعة، الأمر الذي يتسبّب في تسجيل إصابات بأمراض صدرية وتنفسية بالتناوب بين سكان المخيم، وتزداد آثار هذه الروائح على فئة الأطفال.

وتتفاوت كميات الأدخنة المتصاعدة من المعمل بحسب كميات المواد الجاهزة للاحتراق، لكن سكّان المخيم يؤكّدون أن تسرّب الأدخنة مستمر على مدار اليوم، مهما كانت الكميات، وتتسلل إلى خيام النازحين التي لا تقي سكانها حتى الأدخنة، فضلاً عن الحر والبرد صيفاً وشتاءً، ما يجعلهم تحت تهديد المرض والأوبئة.

ويقيم في القطاع المتضرر من المخيم حوالي 70 عائلة مهجّرة من ريفي معرة النعمان الشرقي والجنوبي، خلال الحملة العسكرية الأخيرة (2019ـ2020) للنظام السوري بدعم روسي وإيراني.

مخيم عباد الرحمن شمالي إدلب

وتزيد الأمراض على سكّان المخيم من ثقل الحياة المعيشية مع ارتفاع تكاليف الأدوية والطبابة، في ظل البطالة التي يعاني منها معظم سكّان المخيمات في الشمال السوري بعد خسارتهم لمصدر أرزاقهم وأعمالهم عقب التهجير.

أمراض تنفسية

يجاور المخيم ثلاثة معامل صغيرة مخصصة لإتلاف وحرق النفايات الكرتونية والبلاستيكية (الخردة)، إلى جانب مادتي النحاس والألمنيوم، وبعد تقصٍ لـ موقع تلفزيون سوريا تبيّن أن معملين منهما غير مرخصين لدى وزارة الاقتصاد في "حكومة الإنقاذ السورية".

حسن السلوم ـمدير مخيم "عباد الرحمن"ـ يقول لـ موقع تلفزيون سوريا إنّ "العام الفائت نشط المعمل في صهر الألمنيوم والنحاس، وبدأت آثاره الكارثية تزداد على سكان المخيم وخاصةً في ساعات الحرق التي تكون الكميات فيها وفيرة".

معمل صهر قرب مخيم عباد الرحمن شمالي إدلب

وتأثّر أكثر من 50 طفلاً بالأدخنة والروائح المنبعثة من المخيم، خلال العام الفائت، وجلهم أصيبوا بأمراض تنفسية ونقلوا في إثرها إلى أطباء وصيادلة، وفق "السلوم"، مشيراً إلى أنّ معظمهم يداومون على جلسات "الرزاز"، بسبب المشاكل الصدرية التي تسببها هذه الأدخنة.

رحلة الشكوى

يوضّح "السلوم" أن رحلة الاعتراض على وجود المعامل في جوار المخيم بدأت من "وزارة التنمية والشؤون الإنسانية" التابعة لـ"الإنقاذ"، باعتبار أن المخيمات تتبع إدارياً لها، وكان الرد أن هذه الشكوى يجب أن تكون خاصة (شخصية)، ومن ثم توجّهت إلى مخفر معرة مصرين الذي أبدى جاهزيته لكن طلب ورقة من النائب العام تتضمن إزالة ضرر.

ويضيف: "لجأت إلى النائب العام بعد أخذ موافقة من سكان المخيم عامة حتى لا تكون الشكوى خاصة بي، وإنما باسم جميع سكان المخيم المتضررين، لكن ـمع الأسفـ طلب شكوى شخصية، وأنا لا أريد أن تكون الشكوى خاصة بي أو بشخص بعينه لأنه القضية عامة، كما أني لست على عداوة أو خصومة شخصية مع صاحب المعمل".

وتابع: "عقب انتشار القضية على مواقع التواصل ووسائل إعلام محلية، تواصلت "التنمية" معي وتسلموا القضية بعد تقديم شكوى رسمية من المخيم"، مؤكّداً أنّ أضرار المعمل لا تقتصر فقط على سكان المخيم، وإنما على كروم الزيتون والأراضي الزراعية والبيئة.

"ندرس نقل المخيم"

بعد تسلّم الشكوى من قبل مديرية التنمية والشؤون الإنسانية في المنطقة الوسطى، توجّهنا في موقع تلفزيون سوريا للحصول على الخيارات المطروحة أمام المديرية لحل القضية.

يقول عبدو العبدو ـمدير الشؤون الإنسانية في المنطقةـ إن "المديرية شكّلت لجنة تحقق ميدانية عقب وصول الشكوى، وتأكدت من وجود الضرر الذي يلحق بالأهالي".

معمل صهر قرب مخيم عباد الرحمن شمالي إدلب

وأشار "العبدو" إلى أن "المديرية تدرس عدة حلول أهمها نقل المخيم لكتل سكنية في كفرجالس بريف إدلب، على اعتبار المخيم من ضمن خطة النقل لكتل سكنية، أو في فرض إجراءات الأمان والسلامة ومتابعتها مع الجهات المعنية لتخفيف الأضرار الناتجة من المصنع".

"المعمل غير مرخص"

من جهته، أحمد القاسم ـمدير التراخيص في المديرية العامة للصناعةـ أكّد أن "معمل صهر الألمنيوم والنحاس ـوهو العمل الأكثر ضرراً على سكان المخيمـ لم يُمنح أي ترخيص لعدم مطابقته شروط الترخيص ويتم العمل على مراعاة الشروط، أمّا معمل الكرتون فهو مرخّص ويعمل على تركيب محطة معالجة التلوث البيئي".

وبيّن "القاسم" لـ موقع تلفزيون سوريا أنّ "شعبة السلامة البيئية في المديرية العامة للصناعة تعمل على معالجة كافة هذه المخالفات البيئة التي تسببها المعامل وتلافيها".

وحول مستقبل انتشار هذه المعامل، قال إنّ "المديرية تعمل على تأمين منطقة جغرافية مناسبة لهذه المعامل مثل مدينة باب الهوى الصناعية أو المناطق الجبلية البعيدة عن المناطق السكنية وغير الصالحة للزراعة، مع مراعاة تطبيق المعايير والشروط المناسبة للترخيص الصناعي".

من جهته، أبدى مدير المخيم حسن السلوم، قبول سكّانه بالانتقال إلى كتل سكنية شريطة تمتعها بمواصفات مقبولة مثل المساحة الواسعة والتجهيزات المناسبة، رافضاً فكرة الانتقال إلى "كتل صغيرة (35 متراً مربعاً) كالتي يجري توزيعها ببعض المشاريع السكنية".