تتفاقم أزمة الأدوية التي تشهد انقطاعاً في دمشق، وسط معاناة الصيدليات وعجزها التام تقريباً عن تأمين بعض الأنواع الضرورية المقطوعة.
وبحسب بعض الصيادلة في دمشق التقاهم موقع تلفزيون سوريا، فإنّ هذه الأزمة انعكست سلباً على دخلهم ووضع المرضى الصّحي في الوقت عينه، مع انتشار السوق السوداء للأدوية المخزنة من قبل بعض الموزعين، الذين احتكروا بعض الكميات.
عودة نظام السلل والتحميل
أشارت بعض الصيادلة إلى أن المستودعات تكاد لا تبيعهم أي طلبية من دون تحميل أصناف ضمن أسلوب السلل، أي أنّ الصيدلي الذي يطلب صنفاً دوائياً يُجبر على شراء أصناف أُخرى غير مطلوبة أو قريبة من انتهاء الصلاحية، يريد المستودع التخلّص منها بأي شكل.
وتجد المستودعات في مثل هذه الأزمات فرصة للتخلّص من أنواع الأدوية الكاسدة لديها عبر بيع الصيدلي عدة قطع فقط من دواء مطلوب ومقطوع، لكن يمتلك المستودع كمية محددة منها، بشرط أن يشتري معها أنواع أدوية يريدون التخلّص منها بالإجبار، ما يدفع الصيدلي إلى بيع الأصناف المطلوبة التي يحصل عليها بأسعار مرتفعة ليغطّي جزءاً من الخسارة، وفق الصيادلة.
وبدأ موزعون - بحسب الصيادلة - العمل على تأمين بعض طلبيات وأصناف الأدوية بطريقة السوق السوداء و"السمسرة"، كأنّ يجد أحدهم دواء معيّناً في صيدلية ما وهو مطلوب في صيدلية أخرى، فيشتري من الأولى ويبيعه للثانية بسعر مضاعف.
الكثير من الأسماء التجارية للأدوية قطعت مؤخراً وخاصةً تلك التي عليها طلب نتيجة جودتها، بينما توفّرت أدوية بديلة لها (بعض الأصناف فقط) لكن بجودة وصفها المرضى بأنها متدنية، مثل دواء "الإيزوستوم" المقطوع وبدائله، وهو دواء مضاد حموضة معدية تنتجه شركة "يونيفارما".
معامل توقفت عن الإنتاج
نقيب صيادلة دمشق حسن ديروان قال لــ موقع "الاقتصادي"، مؤخّراً، إنّ 13 زمرة دوائية انقطعت نهائياً من الأسواق، نتيجة توقّف المعامل عن تصنيعها بسبب نفاذ المواد الأولية المستوردة، مضيفاً أنّ "هناك تواصلاً مستمراً مع وزارة الصحة كيلا يحدث انقطاع لأصناف دوائية مهمة".
حديث "ديروان" يشير إلى أنّ استمرار الواقع الدوائي على هذا النحو يُنذر بانقطاع زمر دوائية أخرى (الزمرة الواحدة تضم عدة أدوية بأسماء تجارية مختلفة)، وحالياً - بحسب رصد موقع تلفزيون سوريا - هناك شح في أدوية المضادات الحيوية والشرابات وأدوية الصرع والسكري والضغط والقلب وغيرها.
رندة (اسم مستعار) وهي صيدلانية في منطقة المزة بدمشق، تقول إنّ ارتفاع الأسعار طال كل أصناف الأدوية وليس المقطوعة منها فقط، حيث زادت المستودعات أسعارها بأكثر من التسعيرة الرسمية، وبعض الصيادلة رفع الأسعار أيضاً بعد انهيار قيمة الليرة (كل 1 دولار يساوي 10250 ليرة بتاريخ 11 من تموز 2023)، ووصل سعر ظرف "سيتامول" من شركة "تاميكو" إلى 3000 ليرة، وإبرة "الآرجنين" إلى 100 ألف ليرة.
تشير "رندة" إلى مواجهتها صعوبة بالغة في التعامل مع المرضى يومياً وصعوبة إقناعهم بأنّ فقدان الأدوية قد يستمر طويلاً وأنه ليس بسببنا بل "بسبب حرب خفية بين معامل الأدوية التي تريد إجبار الحكومة على رفع الأسعار على حساب المرضى".
وتؤكد أن المشكلة الأخيرة خفّضت من حجم المبيعات وبالتالي تأثّرت الأرباح وبات تشغيل الصيدلية يومياً خاسراً، خاصةً بالتزامن مع تراجع القدرة الشرائية للسوريين الذين باتوا يختصرون وصفات الأطباء رغم خطورة ذلك، مطالبةً بإيجاد حلول حتى لو عبر رفع سعر الأدوية بنسبة مدروسة، لأنّ الشح بدأ منذ شهرين وهو يتفاقم أكثر وأكثر.
لا موعد محدد ولا نسبة واضحة
"ديروان" قال إنّ معامل الأدوية تطالب برفع الأسعار بين 30-40% وكانوا يريدون من "وزارة الصحة" إصدار التسعيرة الجديدة قبل عيد الأضحى، مشيراً إلى أنّه يجب دراسة الكلفة الفعلية لبعض الأصناف الدوائية بشكل إفرادي والتي يوجد بها انقطاع، ليتم تعديل سعرها وحدها.
وفي أيار الماضي، رفع "مصرف سوريا المركزي" سعر صرف الدولار إلى 6500 ليرة، بعد أن كان محدّداً بـ4000 ليرة، ومن هنا بدأت المشكلة تتعمق أكثر بعدما كانت تنقطع أصناف وتتوفر بين الحين والآخر، وفي نشرة اليوم الأربعاء (12 تموز 2023) رفع المصرف سعر الصرف للحوالات والصرافة إلى 9200 ليرة للدولار الواحد، في حين سجّلت الليرة انهياراً إضافياً مع تسجيلها 10600 ليرة مقابل الدولار.
وكشف خازن نقابة الصيادلة طلال العجلاني لموقع "الاقتصادي"، أن تسعير الأدوية المطلوبة حالياً في عهدة "وزارة الصحة"، لكن لا يوجد موعد محدد لهذا التعديل أو نسبة معينة واضحة حتى الآن.
وأضاف أنّ أي رفع لأسعار الأدوية، لن يشمل سوى الأصناف الخاسرة والضرورية، وستتم دراسة كلفة كل دواء على حدة ونسبة الزيادة قد تبدأ من 10% أو أكثر وفق الكلفة، مشيراً إلى أن الوزارة طلبت من المعامل تحديد أنواع الزمر التي يوجد فيها إشكالية كبيرة بالتسعير ليتم دراسة تعديل سعرها بحسب سعر الصرف.